أحزاب تقاطع وأخرى تستعد للانتخابات التشريعية.. انقسام سياسي يسبق تشكّل برلمان تونس

قرّرت بعض القوى الحزبية التي تصف نفسها ـ وفق معطيات سابقة ـ بـ”الكبيرة”، مقاطعة الانتخابات التشريعية المعلنة ليوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2022، مؤكّدة رفضها إضفاء شرعية على هذا المسار الذي يبدو أنّ الرئيس «قيس سعيد» سيمضي فيه إلى النهاية، معتمدا على قاعدة جماهيرية من الفئة الصامتة غير المسيّسة والتي أخلطت كل الحسابات المتعلقة بالوعاء الانتخابي فأوصلت «سعيد» إلى الحكم في 2019، ووضعت الأحزاب التقليدية في موقف مربك.

وبدأ العدّ التنازلي لتنظيم الانتخابات التشريعية في تونس في 17 من ديسمبر 2022، وقد انطلقت ـ يوم الأحد 25 سبتمبر/ أيلول ـ الفترة الانتخابية التشريعية والتي يُحظر خلالها الإشهار السياسي وبثّ ونشر نتائج استطلاعات الرأي التي لها صلة مباشرة أو غير مباشرة بالانتخابات، وكذا الدراسات والتعليقات الصحفية المتعلّقة بها عبر مختلف وسائل الإعلام، وكل هذا يأتي طبقًا للقانون الانتخابي في البلاد.

ونبّهت هيئة الانتخابات في تونس إلى أن أي مخالفة في هذا السياق، تُعرّض صاحبها للتتبعات والعقوبات المنصوص عليها بالقانون الانتخابي، وكان مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، قد صادق يوم 20 سبتمبر/ أيلول الحالي بالإجماع على رزنامة الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها يوم 17 ديسمبر المقبل مع انطلاق التسجيل الآلي للناخبين منذ يوم 21 سبتمبر/ أيلول الحالي.

واستعدادا للمحطّة الانتخابية التشريعية، شرعت أحزاب تونسية من الداعمة للخارطة السياسية التي أعلن عنها رئيس الدولة قيس سعيد في التحضير لهذا الموعد، وبالمقابل ذهبت أحزاب أخرى ـ منخرطة في صف المعارضة ـ في خيار المقاطعة للعملية الانتخابية برمتها وذلك بعد صدور القانون الانتخابي الجديد مباشرة، وقد أعلنت هذه الأحزاب عن ذلك أما عبر عقد مؤتمرات صحفية أو من خلال تصريحات إعلامية.

ودعا الرئيس التونسي قيس سعيد منتصف شهر سبتمبر/ أيلول التونسيين إلى التصويت لانتخاب برلمان جديد يتكون من 161 نائبا وفق قانون انتخابي جديد يقوم على الاقتراع للأفراد بدل القائمات الحزبية، التي كان معمولا بها منذ الاستقلال، ويراهن سعيد على إقبال التونسيين في الانتخابات، لتأكيد مشروعية شعبية على البناء السياسي الجديد الذي اختاره في استفتاء 25 جويلية/ يوليو الأخير.

ومنذ أن فعّل التدابير الاستثنائية وقام بحل مجلس نواب الشعب، لمّح الرّئيس التونسي إلى ضرورة تغيير القانون الانتخابي الحالي قبل خوض أي استحقاق انتخابي جديد، حيث تحدث في أكثر من مناسبة عن نيّته تغيير نظام الاقتراع من خلال التوجّه نحو الديمقراطية القاعدية والتخلي عن الديمقراطية التمثيلية، إلى جانب الاقتراع على الأفراد بدلا عن الاقتراع على القائمات.

ولئن كانت بعض الأحزاب في تونس قد رحبت بطريقة الانتخاب الجديدة ودعت إلى تنقية المناخ السياسي في تونس من المال الفاسد وذلك عبر ضمان مراقبة ناجعة للتمويلات المتدفقة على القائمات الانتخابية المترشحة وعلى الأحزاب السياسة وضمان المساواة بين مختلف المترشحين في تمويل الحملات الانتخابية، فإن أحزاب أخرى رفضت القانون الجديد لأنه لم يخضع لمبدأ التشاركية خلال إعداده.

مقاطعة المسار

وعبرت تنسيقية الأحزاب الاجتماعية التي تضمّ أحزاب «التيار الديمقراطي» و«التكتّل» و«القطب» و«الجمهوري» و«العمّال» عن مقاطعة الانتخابات البرلمانية المبرمجة في 17 ديسمبر 2022.

ويقول غازي الشواشي أمين عام حزب التيار الديمقراطي لـ«الأيام نيوز» إن حزبه يعارض المسار السياسي في تونس لان الرئيس اخرج البلد من المسار الديمقراطي إلى منظومة الحكم الفردي لذلك مطروح على حزبه النضال لإسقاط هذه المنظومة لأننا لن نقبل بالنظام الرئاسوي”.

ويؤكد الشواشي “موقفنا في تنسيقية الأحزاب الديمقراطية والتي تضمّ كل من حزب التيار الديمقراطي وحزب التكتل والحزب الجمهوري وحزب العمال وحزب القطب بمقاطعة الانتخابات التشريعية المقبلة لرفضهم للمسار برمته، لاعتباره مسارا غير شرعي وغير دستوري ولا يمكن للأحزاب الديمقراطية القبول به ولا المشاركة فيه لأنه لا يؤسس لبرلمان فاعل وناجع”.

ويضيف الشواشي “حزبنا يؤمن بالثورة والديمقراطية لكن المسار السياسي الحالي هو مسار غير دستوري وخارج عن الشرعية الشعبية لأنه تم انتخاب رئيس دولة على أساس مجموعة من الصلاحيات التي جاء بها دستور 2014”.

وذهبت «جبهة الخلاص الوطني»، التي تضم خمس أحزاب (النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة وحراك تونس الإرادة وحزب أمل) في خيار مقاطعة الانتخابات التشريعية، وبرر رئيس الجبهة أحمد نجيب الشابي قرار المقاطعة بعدم إشراكهم في صياغة القانون الانتخابي الجديد.

قانون انتخابي فرصة لوحدة القوى الوطنية

أما الأحزاب الداعمة لمسار 25 جويلية/ يوليو 2021 وقرارات رئيس الدولة قيس سعيد فقد انطلقت منذ أشهر في الاستعداد للانتخابات التشريعية عبر إعداد برامجها الانتخابية على غرا أحزاب «حركة الشعب» و«حركة تونس إلى الأمام» و«التحالف من أجل تونس» و«حراك 25 جويلية» و«حزب الشباب الوطني» و«التيار الشعبي».

ويؤكد زهير المغزاوي أمين عام حركة الشعب لـ «الأيام نيوز»، “بأن قرار مقاطعة الانتخابات القادمة هو قرار (سيادي) يعود إلى كل حزب لكنْ كحركة الشعب سنشارك في الانتخابات التشريعية رغم تحفظاتنا على بعض الثغرات التي جاءت في القانون الانتخابي الجديد.

ويفسر المغزاوي هذا الموقف بقوله إن “كل عملية سياسية بها إيجابيات وسلبيات وعلى هذا الأساس لن نترك كراسينا فارغة لأن البلاد تحتاج هذه الفرصة للخروج من الوضع الصعب الذي خلّفته منظومة الحكم السابقة”.

ويضيف المغزاوي إن “حركة الشعب معنية بالمشاركة حزبه في الاستحقاق الانتخابي القادم لأنها محطة مصيرية في تاريخ تونس لأنها ستغلق قوس الإسلام السياسي”، مشيرا إلى أن “بعض الأحزاب تلوّح بالمقاطعة للضغط على رئيس الدولة مثل حزبي حركة النهضة والدستوري الحر ومن المؤكد انها ستشارك بطرق ملتوية”.

وسبق أن أعلن حزب التيار الشعبي على لسانه ناطقه الرسمي محسن النابتي عن مشاركته في الانتخابات التشريعية المقبلة والعمل مع الوطنيين الصادقين حتى تكون منظومة الإرهاب والفساد خارج المشهد السياسي والبرلماني.

وأكد عن حزب التيار الشعبي الذي يدعم مسار 25 جويلية/ يوليو في تصريحات لـ«وكالة الأنباء التونسية»، أن مرسوم القانون الانتخابي أعطى فرصة لوحدة القوى الوطنية على أساس القيم والبرامج المشتركة لتشكيل أقطاب سياسية كبرى تعطي برلمانا بأغلبية واضحة ومعارضة واضحة ووفق برامج وتوجهات.

جهاد الكلبوسي - تونس

جهاد الكلبوسي - تونس

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
بعد الكرة الذكية والملعب الذكي.. ماذا بقي من لعبة بيليه ومارادونا؟  بعد إعلان وقف إطلاق النار في غزة.. ترامب يطلق تصريحات اجتماع الحكومة.. مشاريع قطاع الري على طاولة العرباوي وزارة الدفاع.. إرهابي يُسلم نفسه إلى السلطات العسكرية ببرج باجي مختار قوجيل: فرنسا هي من تحتاج الجزائر أكثر وليس العكس تطورات الوضع في اليمن.. الجزائر تترأس اجتماعا لمجلس الأمن لضمان استقرار السوق في رمضان.. استيراد 28 ألف طن من اللحوم أول شركة ناشئة تقتحم السوق المالي.. ماذا يعني إطلاق تداول أسهم "مستشير" في بورصة الجزائر؟ سيكون من أحسن المطارات في إفريقيا.. فتح سوق حرة بمطار الجزائر الدولي قريباً التقلبات الجوية.. طرق مغلقة بسبب تراكم الثلوج الارادة السياسية المشتركة.. رئيس الكونغو الديمقراطية يشيد بدور الجزائر الريادي «إسرائيل» تُقايض الأرواح بثمن مُر   في اليوم الـ467 للحرب على غزة.. وفد الاحتلال المفاوض يناقش قوائم الأسرى الفلسطينيين هبوط المخزونات الأمريكية.. استقرار في أسعار النفط أحوال الطقس.. 12 موجة خطيرة تضرب السواحل الجزائرية فرنسا تدعي والجزائر تكشف المستور.. عن أي مساعدة للتنمية تتحدث؟ مفكّكا أسطورة المثالية الأمريكية.. تشومسكي يفضح الديمقراطية الملطخة بعار الإمبريالية رئيس الجمهورية يستقبل حساني شريف جحيم كاليفورنيا.. ألسنة النيران تخرس ألسنة الديمقراطيين تندوف- الزويرات.. الطريق نحو العمق الإفريقي