أسترازينيكا من علاج إلى كابوس.. من يفك طلاسم وباء كورونا يفهم العالم

فضلا على ما يعيشه العالم، من تهاوٍ إنساني، جراء ما يجري من إبادة في الهواء الطلق بغزة وعلى مشارف رفح، حيث المذبحة الإنسانية اليوم، لم تعد فقط في قتل عشرات الآلاف من الأبرياء العزل والمحاصرين بين ثنائية إما الموت قصفا أو جوعا، ولكنها في ضمير إنساني تم  تشييعه عالميا، قُلنا، فضلا عما سبق من تهاو مبرمج لكل قيمة إنسانية منتهكة، فإنّ ما تمخض بساحة بريطانيا، من “مذبحة” عالمية صامتة، والأصح، أريد لها أن تمرّ في صمت القبور، هو ما يستدعي بدلا من وقفة، ألف بل مائة ألف ومليون وقفة، حيث شجرة “غزة” وما يتدحرج في “رفح” من استنساخ لمحرقة المدنيين، غطيا على خبر، هو الغابة في حد ذاتها، خبر، لو تم الإعلان عنه في غير هذا الوقت وهذه الظروف والمتغيّرات، لأحدث زلزالا بشريا في العالم.

لكن، ولأنّ ما يجري في ساحة غزة غطى على ما عداها من أخبار، فإنّ المذبحة “الصامتة” أو الكابوس الأبكم، مرّ دون ضجيج يذكر، إلا من كون الأمر يتعلق بشركة أدوية مشهورة عالميا، سحبت لقاحها من السوق، وذلك على خلفية دعاوى قضائية من طرف متضررين، اشتكوا من مضاعفات، لم تستطع الشركة المعنية التملص منها، لكنها بالمقابل قلّلت من شأن “جلطاتها” المباغتة، والمهم في الخبر الأبكم، أنّ شركة  “أسترازينيكا” البريطانية، التي حقنت العالم بلقاح للعلاج من وباء العصر “كورونا”، لم تنكر في سياق سحبها للقاحها من التداول، أنها حقنت البشرية بـ”جلطة” عالمية، حتى وإن قلّلت من تعداد “مجلوطيها” وأثارها، مقارنة بما صرحت الشركة، أنه كان إنقاذ للإنسانية من تفشي الوباء العالمي..!

مشكلة البشرية بشكل عام ومصيبة إنسان هذا العصر، بشكل خاص، أنّ ذاكرة السمك، أصبحت مرادفا لحاضر بشري، تَعَوّد إنسانه على القفز عن أمسه القريب قبل البعيد، وكل ذلك، حتى يتسنى له استهلاك لحظته غير مبال بالقادم المتربص به، فمثلا لو عدنا فقط إلى أربع سنوات خلت، ورأينا كيف كان “العالم” كله، يتنفّس حدودا اسمها “كورونا” وعنوانها فناء بشري، هطل على حين غرة، فغيّر حياة البشر ورهنها بجرافات قبور كانت “تردم” الناس بالجملة، لو عدنا لذلك التاريخ القريب، وقمنا باستدعاء، صور الكابوس البشري في ذلك الحين ثم رأينا حال ذات البشر اليوم، لفهمنا أنّ مشكلة ومصيبة شعوب العالم، لم تكن في “كورونا”، ولدت فجأة من “وجبة” خفافيش صينية ثم اختفت بنفس “الفجأة”، مع أول طلقة من بندقية دب روسية في غزو أوكرانيا، ولكنها، أي مشكلة شعوب المعمورة، في ذاكرة سمك صغيرة، وفي عقل بشري عام، تمت إقالته كما تم تغييبه إلى الدرجة التي لم يتساءل فيها أحد من ملايير إنسانه: أين ذهبت كوورنا؟ وكيف اختفت؟ وأي سحر ذاك، الذي أبطل بين ليلة وضحاها كابوسا عالميا، كان هو الرعب المعولم، الذي جرفت “مزنجراته” ملايين البشر، ليتم قلب الصفحة في رمشة عين، وكأنه لا شيء حدث؟

لكن الشيء الذي حدث ويحدث، أنّ العالم لا يريد أن يتذكّر، لأن خوفه من معرفة الحقيقة أصبح أكبر من خوفه من “المرض”، وللأسف، الحقيقة التي يهرب منها الجميع، حكومات وشعوب، أن يرتفع ويطفو في أفق الأحداث والتحوّلات والأجندات المعولمة، سؤال مرعب مختزله: من قتل العالم؟ ومن تلاعب بحياة البشر؟ وأي مؤامرة معولمة تلك، التي زرعت الموت بالتساوي بين سكان الأرض؟ والأكثر من ذلك، من المستفيد الأولى من خديعة، كانت موتا مبتذلا طال كل البشر، لتكون نهاية المسرحية، أن صحا العالم على أنّ حقنة العلاج، هي “الجلطة” الدماغية التي تتربص بحاضر وغد الإنسان بعد أن سلبته كورونا أمسه الذي كان؟

الإجابة على تلك الأسئلة، كان يمكن أن يكون لها معنى وقيمة، لو أنّ سحب شركة “أسترازينيكا” للقاحها من سوق الأدوية العالمية، جاء في غير هذا السياق المتّخم بالصراع الدولي على كافة الجبهات العالمية، حيث من الشرق الأوسط إلى إفريقيا وصولا إلى جبهة روسيا، فإنّ العالم كله مشغول بصراع البنادق، الذي خلّف حرب “المختبرات” بعد أن حطّت كورونا أوزارها، لكن ولأنّ الكل مشغول وغارق في وحل التوازنات السياسية والحروب الموجهة، فإنه لا “جو بايدن” تهمّه أعراض “الزهايمر” الذي أباد الآلاف بغزة، ولا البيت الأبيض ولا الشعب الأمريكي والأوروبي وبقية سكان العالم، يهمّهم، أن يتابعوا أخبار “كورونا” ولقاحها المسحوب ومشتقاتها التي روّجت منظمة الصحة العالمية مؤخرا، على أنها على الأبواب من خلال فيروس مجهول، أطلقت عليه المنظمة اسم (x)، وذلك في انتظار أن تنتج له لقاحه أولا، ثم اسمه وأعراضه لاحقا.

والنتيجة، أنّ البشرية بغرقها هذا وتغيّبها ذاك، تحوّلت فعلا و”مفعول به”، إلى تربة خصبة  وفئران تجارب، لإنتاج اللقاح قبل المرض، وهو الحال مع لقاح “”فاكسزيفريا” أو “أسترازينيكا” المسحوب في صمت من سوق وباء معولم، كشفت الأيام، أنه اللقاح “الجلطة” الذي أودى ولا زال يودي بحياة الآلاف في حرب أوبئة، ظاهرها الدفاع عن صحة الإنسان، أما باطنها، فإنّ من اخترع اللقاح هو من اخترع الجلطة وهو من اخترع كورونا وانفلونزا الدجاج والخنازير وإيبولا والسارس، فيما بقية الأوبئة لا زالت في المختبرات، في انتظار فرصة وسيناريو وخديعة أخرى، يتم من خلالهم جرّ البشرية إلى حظيرة غلق وحجر أخرى..

مجمل القول ونتاجه، عالم اليوم، عالم للثروة والبزنس، والعنوان الشامل لكل الذي يجري من حروب سواء كانت تقليدية بفوهات القنابل والمدافع ومنصات الصواريخ أو بحروب أوبئة لا ترى فيروساتها بالعين المجردة، أنّ آخر شيء يمكن أن يفكّر فيه الجالسون على عرش الكوكب، هي حياة الإنسان، حيث “الغابة” تبرّر الوسيلة، ولا يهم إن كان السلاح ماسورة بندقية يخترق رصاصها صدر طفل فيشقّه، أو فيروس مجهري يتنفسه صبي ليختنق به.

ومنتهى القول والكلام في هكذا “انهيار” معولم لإنسان العالم، أنه لو كان للبشر قيمة في بورصة الأمم، لكان يكفي أن تعلن شركة “أسترازينكا” سحبها للقاحها المشبوه، حتى تتحرك شعوب العالم، قبل الحكومات، في كل المعمورة، لفتح صفحة “كورونا” من البداية والبحث عن لعبة “الخفافيش” التي رهنت حياة البشر بين ثنائية فيروس قاتل ولقاح نهايته “جلطة” دماغية، لكن ولأنّ عادة السمك أن ينسى ويتجاوز ليعود لنفس “الطعم” ويقع في ذات الشبكة، فإنّ اللعبة مستمرة كما أنّ “الجلطة” الإنسانية، ستتحوّل مع الأيام إلى مرض “مزمن”، مثله مثل السكري والروماتيزم وغيرهما من مسمى أمراض العصر.

وبعبارة خاتمة لكل قول: من ينتج لعبة الحروب اليوم بكل وحشيتها ومجازرها الإنسانية، هو نفسه من أنتج للبشر أوبئتهم التي تشترك في عنوان: إنه البزنس يا عزيزي الإنسان، ولك أن تختار إما أن تدفع سعر رصاصه أو ثمن اللقاح، وفي النهاية البنزنس بزنس، ولتنتهي غزة والعالم والبشرية جمعاء!

أسامة وحيد - الجزائر

أسامة وحيد - الجزائر

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
رئيس زمبابوي:"لا تحرر لأفريقيا دون استقلال الصحراء الغربية" سوناطراك تُعزّز قدرات مستشفى الحروق الكبرى بمعدات حديثة إجراءات مشددة لدخول مكة هذا الموسم..تعرف عليها وزير الداخلية يأمر باستكمال مشاريع الحماية المدنية قبل موسم الاصطياف مشروع التصفية الكبرى في غزة.. هل يسكت العالم على نكبة القرن؟ وكالة "عدل" تُفنّد اتهامات والي وهران محادثات في جدة حول أوكرانيا.. "دبلوماسية الفنادق" تفرض إيقاعها آفاق جديدة للتعاون الجزائري الإثيوبي في قطاعات حيوية نداء أممي لرفع الحصار عن غزة وإدخال المساعدات فورًا ديوان الحج والعمرة يعلن فتح بوابة برمجة رحلات الحج بالتعاون مع اليونسكو.. توثيق رقمي ثلاثي الأبعاد لموقع تيمقاد الأثري نهاية مسلسل الاختراق.. "إسرائيل" تزحف داخل المغرب الحكومة الفرنسية تعتبر إشادة تبون بماكرون خطوة نحو تجاوز الخلافات وزير الثقافة: "السينما الجزائرية تشهد ديناميكية حقيقية" بينما الأمم المتحدة تتفرج.. الاحتلال المغربي يستمر في قمع الصحراويين تحذيرات جوية.. عواصف رعدية وأمطار غزيرة بهذه الولايات في ظل تحديات إقليمية ودولية.. قرارات رئاسية حاسمة العلاقات الجزائرية الفرنسية.. الرئيس تبون يضع النقاط ويحدّد المسار الجوية الجزائرية تعلن عن تخفيضات استثنائية للجالية الوطنية بالخارج بالتنسيق مع وزارة الدفاع.. إجراءات استباقية لمواجهة أسراب الجراد