اختلفت حياة الفلسطيني ناهض فروخ منذ اللحظة الأولى من التصعيد الصهيوني الأخير على قطاع غزة في أغسطس 2022، حيث تواجد في برج فلسطين وسط مدينة غزة، بالتزامن مع استهداف طائرات الاحتلال لشقة سكنية في ذات المكان.
وكان فروخ (42 عاما) يعمل ـ بمدينة غزة ـ في شركة لتوصيل الطلبات لتأمين دخْل بسيط بالكاد يكفي قوت يوم أسرته المكونة من 9 أفراد، ويقول «عبد العزيز فروخ» (19 عاماً) ـ وهو الابن الأكبر لـ«ناهض» ـ إن والده كان موجودا في برج فلسطين لحظة استهداف طائرات الاحتلال الصهيوني شقّة سكنية، ما أدى إلى سقوط والده من علو إلى أسفل ليفقد الوعي لمدة ستة ساعات، ثم ـ بعد استيقاظه ـ يتضح أنه فقد القدرة على النطق والسمع.
وأوضح الابن ـ في حديث مع «الأيام نيوز» ـ أن والده فقد البصر بشكل مؤقت بعد استيقاظه من الغيبوبة، لكن سرعان ما عاد إليه بصره مجددا، دون السمع والنطق، وأشار فروخ الابن إلى أن والده أجرى عدّة فحوصات وتحاليل طبية، أوضحت أن العصب يعمل بشكل طبيعي في الدماغ، ويحتاج لعلاج نفسي ليتمكن من الشفاء بأسرع وقت ممكن.
وذكر المتحدث أنه اضطر لترك الكلية الجامعية التي كان يدرس بها، لعدم قدرته على دفع التكاليف المادية أولاً، وليعيل أسرته بعد أن فقد والده مصدر رزقه، مستدركا بنبرة حزينة: “لا يستطيع والدي الحديث معنا، ويجتهد كثيراً ليبدأ بعدها بالبكاء، تعبيراً عن عجزه وقلة حيلته”.
وأضاف الابن الأكبر أن والده يعاني من صداع شديد ولا يستجيب جسده للمسكنات، ما يجعله يشعر بعجز كبير.
وشنّ الاحتلال في أغسطس الماضي عدوانا عسكريا على قطاع غزة استمر لمدة ثلاث أيام وأسفر عن استشهاد 49 فلسطينيا من بينهم 15 طفلا، وإصابة أكثر من 360 آخرين.
ومن جانبها تقول «إنجي فروخ»، زوجة «ناهض»: “إن حياتنا اختلفت تماماً بعد إصابة زوجي.. لقد عمّ الصمت منزلنا وسادت أجواء حزن غائمة”، وتابعت تقول، إن أحاديثها مع زوجها “تحولت إلى لغة الإشارة، يصعب فهمها”، إذ يلجأ زوجها إلى الكتابة على الورق لتبادل الأحاديث، والتعبير عن احتياجاته.
الحبسة الكلامية..
وتطرقت السيدة فروخ إلى حزن أطفالها لعدم قدرتهم على تبادل الأحاديث مع والدهم، متسائلين ما ذنبه ليفقد قدرته على السمع والنطق، وذكرت أن زوجها لجأ إلى العلاج النفسي، بعد رفضه تقبل وضعه الحالي.
وأشارت فروخ إلى سوء الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها العائلة بعد إصابة زوجها وتركه للعمل، ولجوء نجلها إلى العمل داخل إحدى المصانع المحلية بدخل لا يتجاوز الـ20 شيكل يومياً، وناشدت المتحدثة الجهات المسؤولة بضرورة التدخل العاجل للنظر في إمكانية علاج زوجها ناهض، أو توفير فرصة عمل له تمكّنه من الاندماج مجدداً في المجتمع، خاصة أنه يعاني من وضع نفسي خطير للغاية.
وطالبت فروخ المؤسسات الدولية بمحاسبة الاحتلال في محكمة الجنايات الدولية، على الجرائم المتكررة بحق أبناء الشعب الفلسطيني.
وفي سياقٍ متصل، قال الأخصائي النفسي محمد أبو شاويش ـ في حديثه لـ«الأيام نيوز» ـ إن فقدان القدرة على النطق والسمع تعود إلى أسباب متعددة، أهمها تعرض المصاب لصدمة نفسية شديدة، أو ضغط عصبي كالحوادث المؤلمة يصعب مواجهتها، ما يسبّب فقدان القدرة على الكلام والسمع، بحسب شدة الموقف.
وذكر أبو شاويش أن فقدان المصاب القدرة على الكلام يسمى بـ(الحبسة الكلامية) وهي عدم القدرة على التواصل مع المجتمع المحيط بسبب شدة الصدمة النفسية، مشيرا إلى أن العلاج قد يطول في الحالات المشابهة لفروخ، فقد تزيد المدة العلاجية عن العامين، ويحتاج إلى مساعدة المجتمع المحيط به للتعافي في أسرع وقت.
وتوقف العدوان الصهيوني في ليلة السابع من أغسطس الماضي، بعد وساطة مصرية، ومنذ عام 2008 شن الاحتلال خمس عمليات عسكرية على قطاع غزة.