يَعرض الفنان التشكيلي الجزائري «فيصل بركات» مجموعة من لوحاته الفنية، حاليا ـ وإلى غاية 10 آذار/ مارس المقبل بالجزائر العاصمة ـ تحت شعار «أضواء (بسكرة)» وهي المدينة التي توصف بأنها عاصمة الزيبان وعروس الواحات التي أسرت بسحرها الفياض مختلف الفنانين حتى العالميين منهم.
واستحضر «فيصل بركات» القاطن في منطقة الحضنة (محافظة المسيلة) عبر ألوان ريشته عناصر الموروث العمراني التقليدي العريق وجمال الطبيعة في ظلال واحات بسكرة الضاجّة بدلالات جمالية وتاريخية لا نهاية لها.
وتتكوّن مجموعة اللوحات من قرابة 30 عملا فنيا بمختلف الأحجام يغلبُ عليها استخدام متقن وعالي الدقة لروح المدرسة الواقعية الفنية وذلك باعتماده على الألوان المائية والزيتية.
وترصد أعمال «بركات» أهم معالم بسكرة بقصورها وواحاتها ووديانها وكل عناصر العمران المحلي العريق الذي يستخدم فيه الطين والخشب والسعف وغيرها من الأدوات التقليدية التي تحيلنا إلى نماذج راقية من التراث المادي للمدينة العتيقة التي ألهمت الكثير من كبار فناني مدرسة الاستشراق الفني وكبار الكتاب.
ألوان نابضة
ويتيح المعرض، الذي افتتح ـ برواق باب الزوار بالعاصمة ـ مساء يوم السبت، للزائر الولوج في رحلة لونية ساحرة يجوب من خلالها الأحياء العريقة التي تتميز بها منطقة بسكرة على غرار القصور القديمة والمشاتي وواحات النخيل وأجواء غروب الشمس والطبيعة الخلابة والأسواق والمساجد أين يوظف الفنان عناصر وألوان النابضة كالأخضر والبرتقالي والأصفر المتدرج وكذا درجات الإضاءة وإسقاطاها على فضاء اللوحة ليرسم حركة الطبيعة والمكان بإتقان.
ويبحث الفنان التشكيلي فيصل بركات المولود عام 1983 من خلال مشروعه الفني الاحتفال بالتراث الجزائري وحمايته من النسيان وذلك من خلال تجسيد أعمال تعج بالتراث المادي وتقتنص لحظات الطبيعة في تجلياتها حيث تنعكس في أعماله الفنية تلك العلاقة الوطيدة الحميمية مع فضاء مدينته (بسكرة) التي شهدت طفولته وشبابه محاولا الحفاظ والتأريخ فنيا لجمالياتها العمرانية وتراثها كشاهد للأجيال القادمة.
وكان هذا الفنان المتألق قد نظّم، قبل عامين، معرضاً برواق “عائشة حداد”، واستُقبلتْ أعماله بإعجاب من الجمهور، إذ بيعت الكثيرُ من اللّوحات المعروضة التي ركز فيها على جماليات المواقع الأثرية والطبيعية في بسكرة وواحاتها.
منبع الإلهام
وفَسّر بركات، لوكالة الأنباء العُمانية، الأسرار الكامنة وراء هذه الدقّة التي يملكها في تجسيد المناظر، بالقول: “اعتمادي على التقاط صور فوتوغرافية للمناظر أو البيوت والمواقع التي يستهويني رسمها، يُشكّل أهمّ العوامل التي تجعلني أُقبل على تجسيدها بكلّ شغف، كما أنّ عشقي لمدينة بسكرة، مسقط رأسي، جعلني أسيرا لجمالها، وهذا ليس وقفا عليّ، فسحر عروس الزيبان وجاذبيتها، امتدّا إلى الكثير من الفنانين والكتّاب الأوروبيين الذين زاروا بسكرة”.
ويأمل بركات، من خلال معرضه، أن تعود عروس الزيبان إلى سابق عهدها، ملهمة للشعراء والفنانين التشكيليّين، ومقصدًا للحدث الثقافي والفنّي، خاصّة أنها واحدة من أهمّ مدن الجنوب الجزائري، من حيث المقوّمات السياحيّة الطبيعيّة والأثريّة التاريخيّة.
وبالرغم من أن أعمال الفنان فيصل بركات تعتبر واقعية إلا أنها لا تخلو من لمسة انطباعية تتجلى في خلطات الألوان وانسيابية ثنائية الضوء والظلال التي جسدها لا سيما في أعمال تحمل عناوين:
«سقيفة»، «قرية بوخالفة»، «ما تبقى من شتمة»، «الباب الأخير»، «القرية»، «واد الحاجب»، «ساقية شتمة»، «القنطرة»، «شرفات الغوفي»، «غروب الشمس»، «البرانيس»، «واد جمورة»، «مشونش»… وهي كلها أعمال فنية خاصة بقصور المنطقة وطبيعتها الساحرة.