تُرجّح مجموعة من الشخصيات الأمريكية بأن واشطن مسؤولةٌ عن تخريب خطّي أنابيب الغاز “السيل الشمالي- 1 و2” التي تمتد من روسيا إلى ألمانيا، عبر بحر البلطيق، وتمُرّ بالمياه الاقتصادية للدنمارك وفنلندا والسويد.
يعتقد السيناتور الأمريكي السابق، ريتشارد بلاك، بأن وكالة الاستخبارات المركزية هي التي نفّذت تفجير أنابيب السيل الشمالي، بموافقة المستشار الألماني أولاف شولتس. وقال بلاك: “يبدو أن المستشار الألماني شولتس يظهر القليل من الإخلاص أو المودة للشعب الألماني، وغير مهتم بتهديد الاستقرار المالي الذي تواجهه ألمانيا.. تحت قيادته، قطعوا إمدادات الغاز الطبيعي، وأنا بصراحة لا أستطيع التّخيّل أنه سمح لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، أو أن اتفق معها، على تدمير خطوط أنابيب الغاز. وفي الوقت نفسه، لا أعتقد أن الولايات المتحدة كانت ستفعل ذلك من دون موافقته”. ونبّه السيناتور السابق إلى أنّ هناك خبراء في السياسة الخارجية الأمريكية يشاركونه اعتقاده.
فشل التخريب الديبلوماسي
من جهته، أكّد الباحث الأمريكي، إريك زويس، في مقابلة تلفزيونية، بأن الولايات المتحدة هي التي فجرت خطي أنابيب الغاز من أجل تحقيق منافعها. حيث قال: “الحكومة الأمريكية فجّرت أنابيب السيل الشمالي، الذي يمتد من روسيا إلى أوروبا، بعد سنوات من المحاولات الماكرة لتخريبها من خلال الطرق الدبلوماسية.. ستُجبر أوروبا على دفع مبالغ زائدة بشكل كبير”.
مقتنعون بأنها أمريكا.. ويُمارسون الصمت
أمّا الخبير الاقتصادي الأمريكي، جيفري ساكس، فقد أدلى بتصريح لقناة “بلومبرغ” التلفزيونية، جاء فيه أن الانفجارات من المُحتمل أن تكون من تنفيذ الولايات المتحدة الأمريكية. وأوضح “ساكس” بأن “أوروبا تمُرُّ بتراجع اقتصادي حاد للغاية، وقد تفاقم انخفاض مستويات المعيشة بسبب ارتفاع الأسعار، إلا أن الشيء الرئيسي هو الانقطاعات في الطاقة أكثر من أيّ شيء آخر، والآن ومن أجل القضاء على ذلك تماما، قاموا بتدمير (السيل الشمالي)”.
أوضح “ساكس” بأن “مُحاوريه في أماكن مختلفة من العالم، مُقتنعون بمسؤولية الولايات المتحدة الأمريكية عمّا حدث.. ومراسلو الصحف الذين يتعاملون مع هذه القضية اعترفوا (له) بشكل خاص بذلك.. إلاّ أن وسائل الإعلام الغربية صامتة حيال ذلك”.
نفي غير منطقي
من جانبه، قال المستشار السابق في البنتاغون، العقيد المتقاعد دوغلاس ماكغريغور، بأن تصريحات الإدارة الأمريكية التي تنفي تورّط واشنطن في تخريب أنابيب السيل الشمالي، ليست منطقية. وأكّد بأن “الولايات المتحدة تستفيد من تخريب أنابيب الغاز الروسي، لأن ذلك يزيد من اعتماد أوروبا على الطاقة الأمريكية”.
المُسال الأمريكي بَدلَ الأزرق الروسي
يُذكر أن المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أشارت إلى أن وزير الخارجية الأمريكي “أنتوني بلينكين” صرح علانية عن رغبة واشنطن والناتو بتدمير خطي أنابيب الغاز الروسي، حيث قالت: “تحدث بلينكين بصراحة ودون حرج عن دوافع الولايات المتحدة وشركائها في الناتو لتدمير خطي أنابيب الغاز الروسي السيل الشمالي 1 والسيل الشمالي 2”. وأوضحت زاخاروفا كيف تحدث بلينكين، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزيرة الخارجية الكندية، ميلاني جولي، عن “التقدم المحرز في إنتاج الغاز المسال في الولايات المتحدة، والذي تخطط واشنطن أن تستبدل به، الوقود الأزرق الروسي في أوروبا”.
الناتو في خدمة أمريكا
للإشارة، نشرت مجلة “غلوبال تايمز” الصينية مقالا قالت فيه بأن “بيان حلف الناتو بشأن حادثة السيل الشمالي، يُظهر نية الناتو للتنصل من المسؤولية عن الانفجارات، ومواصلة العمل على ردع روسيا”. وأوضحت بأن الأعمال التخريبية على خطي أنابيب الغاز “السيل الشمالي-1″ و”السيل الشمالي-2” عززت اعتماد أوروبا على الولايات المتحدة.
نبّهت “غلوبال تايمز” بأن: “التسربات من خطي أنابيب الغاز، لا تُعدّ مشكلة بالنسبة لمجال الطاقة فحسب، بل هي مشكلة للمنافسة السياسية. ويجب على أوروبا، وخاصة ألمانيا، الفهم بأن آليات تأثيرها المفقودة في المحادثات مع روسيا، ستُبقيها مُكبلة اليدين لخدمة المصالح الأمريكية”. وذكرت الصحيفة أن “ألمانيا استثمرت كثيرا من الطاقة والأموال في مشروع “السيل الشمالي-2″، في محاولة للحصول على الطاقة الرخيصة من روسيا”، ما يعني بأن ألمانيا هي الخاسر الأكبر.
قبل أربعين عاما.. حدثَ في بنيكاراغوا
وفي سياق آخر، قارن نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، دميتري مدفيديف، تفجير الولايات المتحدة لأنابيب النفط في نيكاراغوا عام 1983، بالتسريبات التي حدثت في أنابيب “السيل الشمالي” للغاز.
قال مدفيديف: “قبل 39 عاما تقريبا، في 11 أكتوبر عام 1983 نفّذت الولايات المتحدة غارةً على مُستودع للنفط في ميناء كورينتو بنيكاراغوا، حيث كان يتم تخزين أكبر قسم من الاحتياطيات النفطية للبلاد”، وتابع: “وبعد 3 أيام من ذلك، في 14 أكتوبر، في ميناء بورتو ساندينو تم تفجير أنبوب النفط تحت الماء، وخلال الفترة بين يناير ومارس 1984 وضعت الولايات المتحدة ألغاما في المياه بموانئ كورينتو، وإيل بلاف، وبورتو ساندينو”.
ثم تساءل مدفيديف: “ألاَ يذكركم هذا بشيء؟”، في إشارة إلى حادث خطوط أنابيب الغاز الروسية “السيل الشمالي” و”السيل الشمالي 2″ في بحر البلطيق.