يحاول الفنانون في قطاع غزة دمج القضايا الهامة بالفن، لإيصال رسائلهم إلى الرأي العام الخارجي بطريقتهم الخاصة، فيما يخص ظلم الاحتلال الصهيوني الواقع عليهم.
وتبدع الفنانة ريهاف البطنيجي (32 عاماً) في بلورة رسالتها حول قضية الحصار الصهيوني، بأسلوب مميّز، إذ تلتقط صوراً متعدّدة، لتبدأ بعدها برسم ما التقطته عدستها، داخل مرسمها المتواضع في منزلها بمدينة غزة.
تعالج البطنيجي من خلال رسوماتها قضايا فلسطينية غزية مختلفة، لكنّ الملاحظ أن جُلّ اهتمامها يتركز حول قضية الحصار الصهيوني والصياد الفلسطيني، وتقول في حديث لـ«الأيام نيوز» إنها تمارس شغفها في الفن منذ خمسة أعوام، بعد ما أنهت دراستها الجامعية في تخصص اللغة العربية والإعلام.
حدّدت البطنيجي ـ منذ البداية ـ هدفاً لمسيرتها الفنية، فهي مؤمنة بأهمية دمج القضية الفلسطينية بالفن والعمل على إيصاله إلى كل المجتمعات بالخارج، ذلك أن الشعب الفلسطيني ـ كما تقول ـ “يعيش ظلماً كبيراً في ظل الحصار الصهيوني” الذي يفرضه الاحتلال منذ 16 عاما على قطاع غزة بما في ذلك تشديد القيود على السفر، وقيود اقتصادية ما أدى إلى ارتفاع حاد في معدلات البطالة، وهو ما دفع الفنانة إلى التقاط صور لمشاهد البحر في القطاع المحاصر، حيث لا يستطيع الغزيون سوى النظر إلى البحر دون التمكّن من استغلاله.
ولفتت الفنانة الشابة إلى أن الصياد الفلسطيني أكثر من يعاني من ظلم الحصار البحري، لهذا لجأت إلى التقاط مختلف الصور، لتعيد رسمها بطريقتها الخاصة على شكل لوحات فنية كبيرة، توضّح فيها تفاصيل المعاناة، ولا تكتفي البطنيجي برسم الصور التي التقطتها للبحر والصياد، بل تجمع مواد خاصة بالمنطقة، لتزيين بها معرضها المنزلي الذي تقيمه تحت اسم “حواديت طرح البحر” عارضة لوحات تحاكي واقع الحصار، والصياد الغزي.
وفي سياق متصل، أبدع الطفل أحمد بكر (13 عاماً) في إيصال معاناة الصياد الفلسطيني من خلال الرسم، حين اختار أن يركز في عمله الفني على رسم معاناة الصيادين، باعتبار أن عائلته تعمل في هذه المهنة منذ عشرات السنين، ما سمح له ـ مثلما قال في حديث لـ«الأيام نيوز» ـ أن يرى المعاناة عن قرب لنقلها عبر الرسم كرسائل إلى المجتمع الدولي.
ومن أهم اللوحات الفنية التي أبدعها الطفل، لوحة يظهر بها صياد فلسطيني وقد استشهد على متن مركبته، بينما الدخان يتصاعد من المركبة، وسط البحر، وأوضح ـ الطفل الفنان ـ أن هذه اللوحة تحاكي الحدث الذي وقع مع ابن عمه، حيث استشهد عام 2014م، بعدما خروجه للبحث عن لقمة عيشه، لكن قوات الاحتلال الصهيوني أطلقت النار عليه وارتقى شهيداً، واستدرك بكر يقول: “لم أر المشهد، لأنني لم أكن موجودا أثناء حدوثه، لكن هذه الصورة بقيت في مخيلتي، ورسمتها لتجسيد الظلم الواقع على الصياد الغزي”.
ويأتي بكر بشكل شبه يومي إلى بحر قطاع غزة ليتأمل ملامح الصيادين ويشاهدهم بصمت، ثم يبدأ برسم أولي بواسطة باستخدام قلم الرصاص، ليعود على منزله ويكمل الرسومات على لوحات فنية ضخمة، فهو يمتلك أكثر من عشرين لوحة فنية، تتناول معاناة الصيادين في قطاع غزة المحاصر.
وقد شارك بكر في عدد من المعارض الفنية المحلية، ولقي إقبالا كبيراً وتشجيعاً من قبل الزائرين، لكنه يطمح أن يشارك في معارض فنية دولية، ليتمكن من إيصال معاناة الصياد الفلسطيني من خلال الفن، وفضح جرائم الاحتلال الصهيوني.