تقول تركيا إنها لن تناقش مسألة التنسيق بشأن الانسحاب من سوريا “إلا بعد التوصّل إلى اتفاق على دستور جديد، وإجراء انتخابات، وتأمين الحدود”، لكنها –مع ذلك- تتوقّع عقد اجتماعات مع دمشق، على المستوى الوزاري في إطار جهود تطبيع العلاقات بين الطرفين، وبدا واضحا أن تركيا تجدّد موقفها الابتزازي، إزاء دمشق، إذ ترهن سحب قواتها من شمال سوريا بتحقيق عدد من الشروط التي بدت بمثابة رد على شروط الرئيس السوري بشار الأسد الذي قال إن محادثات من هذا القبيل لا يمكن إجراؤها إلا إذا ركزت الجارتان على القضايا الجوهرية ومنها انسحاب القوات التركية من شمال سوريا.
وبينما تستمر روسيا في وساطتها الرامية إلى تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، وعقد لقاء للرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والسوري بشار الأسد، قال وزير الدفاع التركي يشار غولر، أمس الاثنين، إن أنقرة لا يمكن أن تناقش التنسيق بشأن الانسحاب من سوريا “إلا بعد الاتفاق على دستور جديد وإجراء انتخابات وتأمين الحدود”.
وأشار الوزير إلى أن حكومة بلاده ونظيرتها السورية، قد تعقدان لقاءات على المستوى الوزاري في إطار الجهود الرامية إلى تطبيع العلاقات إذا توافرت الظروف المناسبة، بينما لفت إلى أن المحادثات مع الولايات المتحدة للحصول على مقاتلات F-35، مستمرة.
وسبق أن تحدّث غولر، الشهر الماضي، عن إمكانية عقد لقاءات على المستوى الوزاري، تمهّد للقاء بين رئيسَي البلدين. وقال مسؤول في وزارة الدفاع التركية أيضاً، إن الاتصالات مع دمشق تُجرى على أكثر من مستوى.
وبشأن انسحاب القوات التركية من سوريا، الذي تضعه دمشق شرطاً أساسياً لأي مفاوضات مع أنقرة، كرّر غولر، في ردّه على أسئلة لوكالة «رويترز» -أمس الاثنين- أن هناك شروطاً لتحقيق الانسحاب، هي: “وضع دستور شامل في سوريا، وإجراء انتخابات حرة، واستعادة العلاقات بالكامل، وتهيئة الوضع الأمني”.
وأضاف أنه عندما يحدث ذلك فقط، ويصبح أمن حدودنا مضموناً تماماً، سنفعل اللازم من خلال التنسيق المتبادل، مؤكداً استعداد تركيا لتقديم كل المساهمات الممكنة للاتفاق على دستور شامل في سوريا.
واعتبر وزير الدفاع التركي في ذات المقابلة الصحفية، أن الخطوات المشتركة التي اتخذتها تركيا مع العراق في مكافحة الإرهاب تمثل نقطة تحول، معتبراً أن حزب العمال الكردستاني يمثل خطراً على الجانب العراقي من مشروع طريق التنمية الذي يجري التخطيط له مع دول بالمنطقة.
وكان أردوغان، قد أكد الشهر الماضي، أنه سيدعو الأسد إلى مناقشة تطبيع العلاقات التي قطعتها أنقرة بعد الحرب السورية في 2011. لكن الأسد قال إن محادثات من هذا القبيل لا يمكن إجراؤها إلا إذا ركزت الجارتان على القضايا الجوهرية ومنها انسحاب القوات التركية من شمال سوريا. وتؤكد الخارجية السورية، أن عودة العلاقة الطبيعية مع تركيا “تقوم على عودة الوضع الذي كان سائداً قبل عام 2011، وهو الأساس لأمن وسلامة واستقرار البلدين”.
وتُواصل روسيا تحركاتها المكثّفة، في إطار مبادرتها لتسريع توصّل تركيا وسوريا إلى إعادة العلاقات، وفي هذا الإطار زار المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف أنقرة، في وقت سابق من أوت الحالي، لإجراء مشاورات حول الملف السوري، والتقى لافرينتيف نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماظ، بحضور ممثّلين عن المؤسسات المعنية بالملف السوري في البلدين.
جاء ذلك بعد زيارة لافرينتيف إلى دمشق في 26 جوان الماضي، أجرى خلالها مباحثات مع الأسد، تضمّنت التحركات الهادفة لإعادة العلاقات مع تركيا إلى طبيعتها. وأبدى الأسد استعداده للتجاوب مع المبادرات المطروحة في هذا الصدد، في إطار سيادة سوريا.
وفي سياق آخر، قال غولر إن أنقرة سعيدة بالصفقة التي أجرتها مع الولايات المتحدة لشراء 70 مقاتلة من طراز F-16 ومعدات التحديث، مشيراً إلى أن خطوات الصفقة مستمرة، وفق المخطط لها.
ورداً على سؤال بشأن ما إذا كانت تركيا ترغب في العودة لبرنامج مقاتلات F-35، قال غولر، إن “نهج أنقرة وواشنطن لم يتغير لكن المحادثات مستمرة”، كما عبر غولر عن رغبة أنقرة في شراء مقاتلات “يوروفايتر تايفون” من بريطانيا وإسبانيا وألمانيا، لافتاً إلى “عدم إحراز تطور ملموس حتى الآن”.
وتسبب قرار الولايات المتحدة بالتراجع عن إبرام صفقة لتزويد تركيا بمقاتلات F-35، عقب حصول أنقرة على منظومة الصواريخ الروسية S-400، في أزمة امتدت لسنوات بين البلدين، على خلفية مخاوف أمريكية تتعلق بربط المنظومة الروسية بالمقاتلات الأمريكية المتطورة، وإمكانية تسريب معلومات حول مقاتلات F-35 موسكو.