يبدو أن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الجزائر على كل من المغرب وإسبانيا، قد آلمت البلدين إلى حد استجداء أصدقائهم للتوسط لدى الجزائر من أجل إعادة المياه إلى مجاريها، على حد ما ذكرته تقارير إعلامية غربية.
واستنادا إلى ما أوردته الصحيفة الإلكترونية، “مغرب أنتلجنس”، فإن الزيارة التي قادت وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي، جون إيف لودريان، إلى الجزائر الأربعاء المنصرم، حملت اقتراحا من قبل باريس للسلطات الجزائرية، يقضي باستعداد فرنسا لعب دور الوساطة بين الجزائر وكل من إسبانيا ومملكة المخزن المغربي لتفكيك الخلاف الحاصل بين الطرفين.
الصحيفة إياها واستنادا إلى مصادر دبلوماسية في كل من الجزائر وباريس كما زعمت، تحدثت عن عرض رسمي تقدمت به باريس من أجل التوسط بين الجزائر من جهة، والرباط ومدريد من جهة أخرى، غير أن الجزائر رهنت أي تقارب مع المخزن المغربي بضرورة إيجاد حل عادل للقضية الصحراوية في أقرب الآجال.
ومعلوم أن “مغرب أنتلجنس”، هو موقع إلكتروني يدار من قبل المخابرات الفرنسية وقريب أيضا من نظيرتها المغربية، وهو ما يجعل مصداقية هذا التسريب غير موثوقة.
وكانت جسور التواصل الدبلوماسي بين الجزائر والمغرب قد انقطعت في أوت من العام المنصرم، بعد تطبيع نظام المخزن علاقاته الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني، وغضه الطرف عن تصريحات وزير خارجية هذا الكيان، يائير لابيد، المستفزة للجزائر بينما كان في ندوة صحفية مشتركة رفقة وزير خارجية المخزن، ناصر بوريطة في الرباط.
كما تعيش العلاقات الجزائرية الإسبانية واحدة من أسوأ مراحلها في تاريخ العلاقات الثنائية، فمنذ 18 مارس المنصرم، لم يعد للجزائر سفير في مدريد، بعد استدعائه ردا على الانقلاب المفاجئ في الموقف الإسباني من القضية الصحراوية، لترد الجزائر بقرار رفع أسعار الغاز المصدر نحو إسبانيا، وتسليط عقوبات أخرى من قبيل حظر استيراد اللحوم الحمراء وصناعة الخزف من هذا البلد، الذي بات يعيش على وقع أزمة سياسية داخلية تهدد استمرار حكومة بيدرو سانشيز.
ووفق ما نقله هذا الموقع فإن “موضوع الوساطة تم تباحثه في 13 أفريل الجاري خلال الاجتماع الطويل لرئيس الدبلوماسية الفرنسية جان إيف لودريان، مع الرئيس عبد المجيد تبون، خلال زيارته الأخيرة إلى الجزائر”.
وأفادت الصحيفة أن المسؤول الفرنسي نقل إلى الرئيس تبون رغبة باريس في تهدئة التوتر مع إسبانيا، لا سيما وأن الظرف الذي يمر به العالم لا يسمح بمزيد من النزاعات، غير أن رد الجزائر كان صارما، وهو أنه لا عودة عن قرار قطع العلاقات مع الجارة الغربية، إلا في حالة واحدة، وهي تمكين الشعب الصحراوي من حقوقه المشروعة والمكفولة بموجب القانون الدولي ومقررات الأمم المتحدة، في أقرب وقت ممكن.
ووفق المصدر ذاته، فإن الرئيس تبون شدد على ضرورة دعم الأوروبيين لحق الصحراويين، أو على الأقل إظهار الحياد في هذه القضية، التي كانت سببا مباشرا في الأزمة الحاصلة بين الجزائر ومدريد، وفي ذلك رسالة للمسؤول الفرنسي ذاته، الذي يعتبر موقف بلاده داعمًا لطرح المخزن المغربي بخصوص هذه القضية، كما شدد الرئيس تبون على أن “التوترات ستستمر لفترة طويلة في المنطقة المغاربية، طالما لم يتم التوصل إلى حل عادل ومنصف من قبل المغرب وحلفائه”.
وتؤشر مثل هذه التسريبات (…) على أن العقوبات التي فرضتها الجزائر على المغرب وأخيرا إسبانيا، قد أوجعت المسؤولين في هذين البلدين اللذين كانا يتمتعان بامتيازات كبيرة، لا سيما في مجال الغاز، غير أنهما آثرا التصعيد ضد الجزائر ولم يراعيا مصالحهما الاقتصادية، في حين تبدو الجزائر أكثر إصرارًا على المضي قدما في فرض شروطها ومبادئها من أجل علاقات صحية مبنية على المصلحة المتبادلة وذلك بالنظر إلى الأوراق المؤثرة التي توجد بيدها والتي وظفت بعضها ببراعة وهدوء فيما يتعلق بالخلاف مع إسبانيا خاصة.