أوقِفوا العدوان على غزة.. الجزائريون بصوت واحد: لا للتهجير ولا للوطن البديل

أثبت الجزائريون أنهم ـ خلال تناولهم للقضايا المصيرية الكبرى ـ يعبّرون بصوت واحد، ويسيرون جنبا إلى جنب في طريق واحدة تؤدي ـ هذه المرة ـ إلى هدف قائم على مبدأ راسخ تمثّله عبارة “مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”، مع صرخة إدانة مدوية ضد العدوان الصهيوني الوحشي على قطاع غزة المحاصر، ورفض قاطع لمشاريع الخيانة والتطبيع وهي الشعارات التي رفعتها حناجر طوفان الهبّة الشعبية ـ في الشارع الجزائري يوم الخميس ـ نصرة للشعب الفلسطيني، حين خرج الجزائريون بالآلاف، عبر مختلف ربوع الوطن، ليهتفوا بأعلى صوت: الحرية لفلسطين والخذلان والعار للكيان الصهيوني ومن يدعمه ـ من أنظمة التطبيع ـ سِرا وعلنا.

في موقف تلقائي، دعت العديد من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، نهاية الأسبوع الماضي، الشعب الجزائري بجميع فئاته إلى الخروج في مسيرات شعبية دعما للمقاومة التي يخوضها الشعب الفلسطيني في وجه الإبادة الجماعية والمجازر الوحشية التي يرتكبها ضده الكيان الصهيوني وتعزيزا لمواقف الجزائر الثابتة، دولة وشعبا، إزاء القضية الفلسطينية.

وتلبية لهذا النداء، جابت المسيرات التضامنية أهم ولايات البلاد، إذ اتسمت ـ هذه الهبة الشعبية ـ بمشاركة كبيرة للمواطنين من مختلف الفئات في مسيرة حاشدة كان أبطالها نساء ورجال، شباب وأطفال، يدعمون الشعب الفلسطيني وينددون بهمجية الاحتلال الصهيوني، مرددين بصوت واحد “لا للعدوان الصهيوني على غزة.. لا لقتل الأبرياء”.

التطبيع.. خيانة

في غرب الوطن، خرج عشرات الآلاف من المواطنين في مسيرات حاشدة، حين حمل سكان وهران وتلمسان وسيدي بلعباس وغليزان وعين تيموشنت وغيرها من الولايات الغربية الرايتين الجزائرية والفلسطينية، مرددين شعارات مدوية نصرة للشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية العادلة، على غرار “في غزة الصمود المجد والخلود شهداؤكم أسود” و”فلسطين أمانة والتطبيع خيانة” و”بالروح بالدم نفديك يا أقصى”.

الأجواء التضامنية ذاتها عاشتها الولايات الشرقية التي شهدت، هي الأخرى، مشاركة واسعة للمواطنين الذين رفعوا لافتات ورددوا شعارات منددة بالحرب التي يخوضها العدو الصهيوني على فلسطين وأخرى مساندة لصمود أبنائها، وقد شهدت المسيرة الشعبية المنظمة بمدينة باتنة حضور الرئيس الأسبق، اليامين زروال.

وبجنوب البلاد، سجلت الجموع المشاركة وقوفها إلى جانب القضية الفلسطينية العادلة ومنددة بما يتعرض له سكان قطاع غزة منذ عدة أيام من إبادة جماعية ومجازر وحشية، مطالبين المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لوقف همجية الكيان الصهيوني واستهدافه للأبرياء والأطفال، وقد صدحت حناجر المشاركين في هذه المسيرات بأهازيج وطنية تعكس تمسكهم بمناصرة أشقائهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وقد مثلت هذه المسيرات الشعبية التي جابت مختلف ولايات الوطن “صرخة حق تؤكد على موقف الجزائر وحكومتها وشعبها المساند والمتضامن مع الشعب الفلسطيني”، مثلما صرح به سفير دولة فلسطين بالجزائر، فايز أبو عيطة.

ومنذ بدء العدوان الهمجي على غزة والمتواصل منذ أكثر من أسبوعين، أعربت الجزائر عن قلقها الشديد إزاء هذا التصعيد الوحشي، مجددة مطالبتها المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لحماية الشعب الفلسطيني من الغطرسة والإجرام الصهيوني.

كما أبدت الجزائر رفضها لهذه العمليات الممنهجة ضد المدنيين العزل، مع تأكيد تضامنها الكامل مع الشعب الفلسطيني الشقيق، انطلاقا من قناعتها التامة بأن الحل الجذري لا يكمن في الإبادة ولا الترحيل الجماعي ولكن بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف على حدود جوان 1967.

وبالموازاة مع الموقف الرسمي الثابت للجزائر تجاه ما يعيشه الشعب الفلسطيني من انتهاكات صهيونية تضرب باللوائح الأممية والأعراف الإنسانية كافة عرض الحائط، تأتي الهبة الشعبية المعبر عنها من قبل الجزائريين بكل فئاتهم لتؤكد بأن موقف الجزائر تجاه القضية الفلسطينية ليس مجرد شعار، بل هو واقع ثابت لا تغيره الظروف ولا تحوله المصالح.

وتجسيدا لتلاحم الموقفين الرسمي والشعبي، أعلن المشاركون في المسيرات الشعبية الحاشدة التي نظمت الخميس، في بيان مشترك لهم، عن دعمهم المطلق لموقف الدولة الجزائرية الثابت في نصرة القضية الفلسطينية والمطالب التي رافع لأجلها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في المحافل الدولية للدفاع عن حق الشعب الفلسطيني.

كما شددوا على أهمية “التحام الشعب الجزائري مع مواقف دولته وسياستها الخارجية ومواقفها الثابتة والمشرفة تجاه القضية الفلسطينية”، مشيدين بخياراتها الرافضة للتآمر على هذه القضية العادلة.

لعقاب يفضح ازدواجية المعايير لدى الغرب

من جانب آخر، أثنى وزير الاتصال، محمد لعقاب، على تغطية وسائل الإعلام الجزائرية للمسيرات الشعبية الحاشدة التي نظمت، يوم الخميس، عبر مختلف ربوع الوطن، نصرة للقضية الفلسطينية، واصفا إياها بـ”الشاملة” و”المهنية”.

وفي تصريح للصحافة على هامش جلسة مناقشة بيان السياسة العامة للحكومة بمجلس الأمة، أثنى لعقاب على التغطية الواسعة التي أمنتها مختلف وسائل الإعلام الجزائرية لمسيرة نصرة غزة المنظمة عبر مختلف ربوع الوطن، واصفا إياها بكونها تغطية “شاملة وواسعة وتحلت بالمهنية والاحترافية العالية”، حيث توجه بالمناسبة بالشكر إلى جميع الإعلاميين الجزائريين على “تعاطيهم الإيجابي” مع تطورات الأحداث في فلسطين المحتلة، خاصة في قطاع غزة.

كما اعتبر الوزير أنه رغم ما تسبب به العدوان الصهيوني من دمار بالقطاع جراء “القصف العشوائي المكثف على المباني والمساجد والمدارس، وما خلف من مئات الضحايا من الأطفال والنساء والشيوخ، إلا أن المأساة تعاملت معها وسائل الإعلام الغربية بأكاذيب عالية الاحترافية كأنها لم ترَ شيئا”.

وأشار لعقاب إلى ازدواجية المعايير المعتمدة اتجاه الأحداث الجارية، إذ إن “وسائل الإعلام الغربية والدول والمنظمات الغربية التي ظلت تؤرقنا بالحديث عن الديمقراطية وحرية التعبير وحقوق الإنسان كلها سقطت اليوم أمام أحداث غزة”، يضيف الوزير.

ولفت المسؤول إلى أن “كل المنظمات التي تصف نفسها بأنها بلا حدود وضعت لنفسها اليوم حدودا، إذ لم تعد ترى الضحايا من الأطفال والنساء والشيوخ ولا الفسفور الأبيض”، مبرزا أنه “يتعين عليها مستقبلا التوقف عن إعطاء الدروس حول حقوق الإنسان وحرية التعبير والديمقراطية”.

ودعا لعقاب بالمناسبة وزراء الإعلام العرب إلى “وقفة ناقدة لكيفية تعامل الإعلام العربي والغربي مع الأحداث الجارية في قطاع غزة وعموم الأراضي الفلسطينية المحتلة لاستخلاص الدروس”.

وأضاف المتحدث أنه إذا اقتضت الضرورة، سيدعو إلى عقد اجتماع استثنائي لوزراء الإعلام العرب “لدراسة السبل التي تمكننا كعرب من التعامل مع هذه قضية، والنظر في كيفية الرد على هذا الانحياز وإعادة القضية الفلسطينية إلى الصفوف الأولى من اهتماماتنا الإعلامية”.

 

حميد سعدون

حميد سعدون

اقرأ أيضا