أوهام مشروع “إسرائيل الكبرى”.. الجزائر تفضح أخطر مخطط صهيوني

يصعب – على غير الجزائريين – أن يصفوا حقيقة حرب الإبادة التي يشنّها الاحتلال الصهيوني على غزة، بأنّها تأتي ضمن “المخطّط الذي يستهدف إحياء وتجسيد مشروع “إسرائيل الكبرى”، بالتوازي مع مشروع القضاء على مُقوّمات الدولة الفلسطينية وهدم أركانها وركائزها الأساسية بدعم غربي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما تجلّى في آخر معركة خاضتها الجزائر ضدّ واشنطن في مجلس الأمن الدولي.

جاء هذا ضمن كلمة لوزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف في جلسة لمجلس الأمن الدولي يوم الخميس المنصرم، حين قال إنّ “حرب الإبادة الدائرة في غزة، هي محطة إضافية في مساعي الاحتلال لإحياء مشروع “إسرائيل” الكبرى”، مضيفا خلال اجتماع مجلس الأمن حول الحالة في الشرق الأوسط، “لقد أماطت غزة اللثام بصمودها المثالي، عن مآرب المحتل (الإسرائيلي) ومراميه، الظاهرة منها والمبطنة، والتي تجتمع كلها تحت عنوان تصفية القضية الفلسطينية”.

وبالمقابل، أكدّ المندوب الدائم للجزائر في الأمم المتحدة، عمار بن جامع، على العودة بقوة إلى فرض العضوية الكاملة لفلسطين، قائلا: “سنعود أقوى وأكثر صخبا بدعم من شرعية الجمعية العامة والدعم الأوسع من أعضاء الأمم المتحدة، فإنّ هذه ليست سوى خطوة أخرى في الرحلة نحو العضوية الكاملة لفلسطين”.

وأعرب الدبلوماسي الجزائري، خلال كلمة له بعد الفيتو الأمريكي على المشروع الجزائري لقرار مجلس الأمن الذي يوصي بقبول عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، عن امتنانه العميق باسم المجموعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وحركة عدم الانحياز إلى جميع الذين صوّتوا لصالح القرار الذي تم تقديمه.

وقال بن جامع، إنّ “التأييد الساحق لدولة فلسطين، يبعث برسالة واضحة وضوح الشمس: دولة فلسطين تستحق مكانها الصحيح بين أعضاء الأمم المتحدة”، ووجّه كلمة إلى أولئك الذين لم يتمكنوا من دعم قبول دولة فلسطين، قائلا: “نأمل أن تفعلوا ذلك في المرة القادمة”. واختتم بن جامع قائلا: “لن تتوقف جهود الجزائر حتى تصبح دولة فلسطين عضوا كامل العضوية في الأمم المتحدة”.

وأدانت الرئاسة الفلسطينية مساء يوم الخميس، وبأشد العبارات، استخدام الولايات المتحدة حقّ النقض “الفيتو” في مجلس الأمن، كما صرّح مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا بأنّ واشنطن أظهرت موقفها الحقيقي تجاه الفلسطينيين.

وقبل جلسة التصويت في مجلس الأمن الدولي – يوم الخميس – وما شهدته من إخفاق في تمرير مشروع القرار الذي تقدّمت به الجزائر، باسم المجموعة العربية، والذي يوصي الجمعية العامة بتمكين دولة فلسطين من الحصول على عضويتها الكاملة بهيئة الأمم المتحدة، كان الوزير عطاف قد ألقى كلمة يوم الخميس بنيويورك.

وأبرز عطاف في كلمته أنّ الاستحقاق الهام الذي ينتظر مجلس الأمن بخصوص ملف العضوية الكاملة لدولة فلسطين بمنظمة الأمم المتحدة، يضع مجلس الأمن أمام مسؤولية التحرّك العاجل، وحثّ عطاف على إنصاف الشعب الفلسطيني كحتمية شرعية وسياسية وقانونية وإنسانية وحضارية ملّحة.

إنصاف الشعب الفلسطيني بات حتمية شرعية

في جلسة لمجلس الأمن تضمنت نقاشاً حول الوضع بالشرق الأوسط، شدّد عطاف على أنّ عضوية فلسطين تضع مجلس الأمن أمام مسؤولية التحرّك العاجل لحلّ الدولتين الذي يواجه اليوم خطراً مميتاً، وإنقاذه يكمن في منح فلسطين العضوية الكاملة حفاظاً على السلم والاستقرار، وأي تردّد ستكون مخلّفاته وخيمة، ومنح الضوء الأخضر للاحتلال كي يمعن في مخططات السلب والنهب والتطرف والمغالاة والتعنّت.

ونوّه عطاف إلى أنّ الجزائر نالت شرف الإعلان عن دولة فلسطين في الخامس عشر نوفمبر 1988، وكانت أول المعترفين، لذا فرئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون طالب بتعجيل منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

واعتبر الوزير أنّ الراهن يتعلق بساعة تحمّل المسؤوليات والاضطلاع بالواجبات التي لا مكان فيها للتردّد والوعود المقطوعة، والعضوية الكاملة ليست غاية بل وسيلة لتحقيق ثلاثة مقاصد جوهرية: تثبيت حل الدولتين، الحفاظ على مرتكزات ومقوّمات الدولة الفلسطينية السيّدة على حدود 1967، وإرساء أولى لبنات إحياء مسار السلام على أسس سليمة ومتينة.

وركّز عطاف على أنّ إنصاف الشعب الفلسطيني بات حتمية شرعية وسياسية وقانونية وإنسانية وحضارية ملّحة، مسجّلاً أنّ التطرق إلى العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة، هو إعادة طرح القضية الفلسطينية على أصولها وأسسها الحقة وتسليط الضوء على جوهرها الذي لا يقبل التشويه والذي يأبى التشكيك والتحريف.

ونبّه إلى أنّ الأمر يتعلق بالحق المشروع للفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة والسيّدة، وهو الحق الذي أقرته الأمم المتحدة قبل 76 عاماً، معتبراً عدم تفعيل القرار سبباً لإطالة أمد أزمة فلسطين.

صهيوني أشمل وأخطر

وأحال عطاف على أنّ العدوان المستمرّ على قطاع غزة، أماط اللثام عن مآرب المحتل، ومحاولته تصفية القضية وإجهاض المشروع الأصيل المرتبط بها، معتبراً أنّ حرب الإبادة والخناق المفروض على غزة، وحملات التهجير والتجويع وترتيبات الكيان لما بعد الحرب على غزة، كلها محطات لمخطط صهيوني أشمل وأخطر، وهو مخطط إقامة “(إسرائيل) الكبرى” وأوهام الشرق الأوسط الذي يلغي أي أثر لفلسطين، ومحاولة اختلاق صراعات إقليمية جديدة تتلاشى في براثنها حقوق الفلسطينيين وجذوة المتشبثين بإحقاقها.

وانتقد الوزير “إصرار الاحتلال الاستيطاني على تسويق أمّ الأوهام على أنقاض المشروع الفلسطيني وحطام دولته الوطنية، وإمعان البعض على قلتهم في أنّ الأوان لم يحن بعد لأن تصير فلسطين دولة كاملة العضوية في منظمتنا”.

وللتذكير، فقد استخدمت الولايات المتحدة في مجلس الأمن الدولي، مساء يوم الخميس حق النقض (الفيتو) لمنع صدور قرار يفتح الباب أمام منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

وحظي مشروع القرار الذي قدّمته الجزائر والذي “يوصي الجمعية العامة بقبول دولة فلسطين عضواً في الأمم المتحدة”، بتأييد 12 عضوا وامتناع عضوين عن التصويت، بينما عارضته الولايات المتّحدة التي تمتلك حق الفيتو باعتبارها إحدى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن.

واشنطن في مواجهة مع الإرادة الدولية

أدانت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، يوم الجمعة، استخدام الإدارة الأمريكية “الفيتو” ضد مشروع القرار الذي يوصي الجمعية العامة بتمكين دولة فلسطين من الحصول على عضويتها الكاملة بهيئة الأمم المتحدة، لكن الحركة – بالمقابل – ثمنت عاليا مواقف كل الدول التي وقفت مع الحق الفلسطيني وصوتت لمشروع القرار.

وقالت الحركة في تصريح صحفي،: “مرة أخرى، تقف الولايات المتحدة الأمريكية في وجه الإرادة الدولية، لتستخدم حق النقض (الفيتو) في وجه مشروع القرار الذي قدمته الجزائر نيابة عن المجموعة العربية، الداعي إلى منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، رغم تأييد اثنتي عشرة دولة للقرار، وتؤكد من جديد وقوفها ضد شعبنا الفلسطيني وحقه في تقرير المصير، وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة، ووقوفها الكامل إلى جانب كيان الاحتلال الفاشي في مصادرته لحقوق شعبنا الفلسطيني ومحاولات تصفية قضيته”.

إدانة مقابل تثمين

وأضافت الحركة: “إن الإدارة الأمريكية بموقفها هذا تضع نفسها مع الكيان الصهيوني النازي في عزلة عن الإرادة الدولية التي تقف مع شعبنا وحقوقه المشروعة”. وأدانت حركة “حماس” “بأشد العبارات الموقف الأمريكي المنحاز للاحتلال”، ودعت “المجتمع الدولي إلى الضغط لتجاوز الإرادة الأمريكية، ودعم نضال شعبنا الفلسطيني، وحقه المشروع في تقرير مصيره”.

وتابعت: “نؤكد للعالم أن شعبنا الفلسطيني سيواصل نضاله ومقاومته حتى يدحر الاحتلال وينتزع حقوقه ويقيم دولته الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس”. وثمنت الحركة عاليا “مواقف كل الدول التي وقفت مع الحق الفلسطيني وصوتت لمشروع القرار، ونشكر دولة الجزائر الشقيقة والمجموعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ودول عدم الانحياز التي دعمت مشروع القرار”.

وأكدت الرئاسة الفلسطينية أن استخدام واشنطن حق الفيتو ضد عضوية فلسطين غير نزيه وغير أخلاقي وغير مبرر. وفشل مجلس الأمن الدولي في منح العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة بسبب الفيتو الأمريكي. واستخدمت الولايات المتحدة في مجلس الأمن الدولي الخميس حقّ النقض (الفيتو) لمنع صدور قرار يفتح الباب أمام منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

حميد سعدون

حميد سعدون

اقرأ أيضا