إنها تكتب بالممحاة.. الجامعة العربية ضد حزب الله لكنها معه !

بعد مرور ثمانية أعوام، اضطرت جامعة الدول العربية أخيرا لتصحيح موقفها من خلال إزالة تصنيف “حزب الله” اللبناني مما يُسمى “قائمة المنظمات الإرهابية”. هذه الخطوة تُمثّل مفارقة تاريخية لافتة، خاصة أنّ حزب الله كان قد انخرط منذ البداية في الدفاع عن فلسطين، بينما تضاءل صوت الجامعة العربية بل تلاشى تماما في ظل العدوان الصهيوني على قطاع غزة. ومن هنا يبرز التساؤل: كيف يمكن للجهة التي انسحبت من المعركة أن تمتلك الحق في تقييم المقاتل الشريف الذي يواجه العدو الأكبر للأمة؛ الاحتلال الصهيوني؟

=== أعدّ الملف: حميد سعدون – سهام سوماتي – منير بن دادي ===

فجأة – ومن عمق النسيان – ظهر الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، حسام زكي – يوم السبت 29 جوان – ليقول إنّ الجامعة لم تعد تصنف حزب الله “منظمة إرهابية”. وجاء ذلك، في تصريح متلفز لقناة إخبارية مصرية، عقب زيارته العاصمة اللبنانية بيروت.

وأوضح زكي أنّ القرارات السابقة للجامعة تضمّنت تصنيف حزب الله “منظمة إرهابية”، الأمر الذي أدى إلى قطع التواصل مع الحزب، لكنه أشار إلى توافق الدول الأعضاء على عدم استخدام هذه الصيغة، وهو ما أتاح إمكان التواصل مع الحزب. وأكّد زكي أنّ جامعة الدول العربية لا تملك قوائم إرهابية رسمية، وأنّ جهودها لا تتضمن تصنيف كيانات “منظمات إرهابية”.

وفي سياقٍ آخر، أعرب الأمين العام المساعد للجامعة العربية عن دعم الجامعة لأيّ جهد يمكن أن يؤدي إلى انتهاء الشغور الرئاسي وانتخاب رئيس جمهورية في لبنان، مشيراً إلى أنّ الجامعة العربية ناقشت مع الكتل النيابية التصعيد المحتمل في جنوبي لبنان.

ولفت زكي إلى أن مسألة الحرب في الجنوب أخذت وقتاً مهماً من الاتصالات، معرباً عن أمله ألّا تتطور الأمور لأن “الدلائل الواردة من الجانب الصهيوني مقلقة وتعبر عن رغبة في توسيع الحرب على لبنان، وهو أمر مرفوض من الجامعة العربية”. ويوم الجمعة 28 جوان، نقلت صحيفة “الأخبار” اللبنانية، عن مصادر، تأكيدها أنّ جامعة الدول العربية قررت إزالة التصنيف الإرهابي عن “حزب الله”، الذي أقرته منذ 8 أعوام.

ولفتت الصحيفة إلى أن الأمين العام المساعد للجامعة العربية، السفير حسام زكي، زار بيروت والتقى رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، وهو الاتصال الأول بين الجامعة العربية وحزب الله منذ أكثر من 10 أعوام. مع العلم أن الجامعة العربية كانت قد صنّفت حزب الله “منظمة إرهابية”، في مارس 2016، لكن القرار قُوبل حينها بتحفظات.

وقد جاء القرار وقتها استجابة لضغوطات من مجلس التعاون الخليجي، توازيا مع أزمة دبلوماسية عميقة بين طهران ودول الخليج، ما يعني أن هذا التصنيف تم لدوافع “سياسية وليست قانونية”، مع العلم أنه لا يوجد في القانون الدولي ما ينص على تعريف الإرهاب، والأمم المتحدة لم تتفق على تعريف الإرهاب.

فحينما كانت دول الخليج في صراع مع إيران، ضغطت على الجامعة العربية من أجل إدراج حزب الله منظمة إرهابية، وبعدما تصالحت هذه الدول، خاصة السعودية مع إيران، لم يعد من حاجة لهذا النوع من الاستخدام والتوظيف ضمن منظومة جديدة تقوم على المصالحات الإقليمية.

وبعد عودة العلاقات الدبلوماسية بين الكويت والإمارات من جهة وإيران من جهة أخرى إلى مستوى السفراء عام 2022، أعادت السعودية علاقاتها مع إيران بوساطة صينية خلال العام الماضي بعد 7 سنوات من القطيعة. ومع ذلك، فإن العلاقات بين دول الخليج العربية وإيران “لا تزال متوترة”، ناهيك أن الجامعة العربية تتعرض لانتقاد شديد بسبب عجزها عن اتخاذ موقف إزاء العدوان الصهيوني على غزة.

مطلب جزائري.. ضرورة إصلاح جامعة الدول العربية

وتعتبر الجزائر أنّ نجاعة العمل العربي المشترك وفعاليته – خصوصا في هذا الظرف الراهن الذي يشهد حرب إبادة في فلسطين بالإضافة إلى الأوضاع في السودان وليبيا واليمن – يتطلّب فتح ملف إصلاح جامعة الدول العربية، وتقويم أساليب عملها، حتى يتمكن العالم العربي من استرجاع موقعه كفاعل دولي مؤثر في مجريات الأمور على الساحة العالمية.

ويبدو أن تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية ثم التراجع عن تصنيفه دون تقديم توضيحات، لخير دليل أن الجامعة العربية تعيش أزمة تأخر عن الحدث وعجز عن مواكبة الرهانات والتحديات، وفي هذا السياق ترى الجزائر أنه من الضروري الشروع في عملية إصلاح حقيقية لجامعة الدول العربية.

وفي كلمة ألقاها نيابة عنه وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف، خلال افتتاح أشغال الدورة الـ33 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة – شهر ماي المنصرم – بالعاصمة البحرينية المنامة، عدّد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، دوافع المطلب الإصلاحي الذي قال إنه يفرض نفسه “أولا لتدارك ما فاتنا من جهود ومساعي في مواجهة التحديات الراهنة”.

كما أنّ الإصلاح المطلوب يفرض نفسه – ثانيا – “لتوحيد صفوفنا ورصها أكثر في الدفاع عن مصالحنا المشتركة وقضايانا المركزية”، والإصلاح يفرض نفسه – ثالثا وأخيرا – يضيف رئيس الجمهورية، “لإعادة الاعتبار للعمل العربي المشترك واستعادة عافية الوطن العربي، واسترجاع موقعه كفاعل دولي مؤثر في مجريات الأمور على الساحة العالمية”.

وفي سياق الحديث عن القضية الفلسطينية، قال الرئيس تبون إنها قضية بحاجة اليوم إلى أمة عربية موحّدة وقوية تتقدّم صفوف المناصرين لها وتكون أول المرافعين لصالحها وتتموقع في طليعة الساعين من أجل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كحل عادل ودائم ونهائي للصراع العربي – الإسرائيلي، مشيرا إلى أنّ الجزائر عملت منذ انضمامها إلى مجلس الأمن على تمكين القضية الفلسطينية من استعادة مكانتها المركزية كأقدم قضية على جدول أعمال المنظمة الأممية.

وأضاف تبون، أنّ “العجز الذي أصاب آليات العمل الدولي متعدد الأطراف، وعلى رأسها منظمتنا الأممية وجهازها المركزي المتمثل في مجلس الأمن، ما هو إلا مؤشر من مؤشرات هذه الأزمة الحادة التي ما فتئت ترهن حاضر ومستقبل السلم والأمن والتنمية والرخاء في المعمورة قاطبة”.

وأما فيما يخص المنطقة العربية، أكد رئيس الجمهورية “أنها هي الأخرى تمر بمرحلة مفصلية، مرحلة مثقلة بالتحديات والأزمات، ومرحلة تتجسد صعوبتها وتتجلى خطورتها فيما يتربص بأهلنا في غزة من تهديدات وجودية، وفيما تواجهه القضية الفلسطينية برمتها من أخطار التصفية المحدقة بها”.

كما أكد أنّ “قضيتنا المركزية أحوج ما تكون اليوم لأمة عربية موحّدة وقوية تتقدم صفوف المناصرين لها، وتكون أول المرافعين لصالحها، وتتموقع في طليعة الساعين من أجل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والسيدة كحل عادل ودائم ونهائي للصراع العربي – الإسرائيلي”.

وعلى هذا الأساس، ذكر رئيس الجمهورية أنّ “الجزائر عملت منذ انضمامها إلى مجلس الأمن بكل أمانة، بكل ووفاء وبكل إخلاص على تمكين القضية الفلسطينية من استعادة مكانتها المركزية كأقدم قضية على جدول أعمال منظمتنا الأممية، وكأبرز قضية تستدعي تصدر أولويات المجموعة الدولية، وكأهم قضية يستوجب الإيمان بها تعبئة الجهود وحشدها من أجل نصرتها على الوجه اللائق بمقامها في وجدان شعوبنا وواقع دولنا”.

رهانات وشروط المرحلة

وفي هذا الإطار، وفضلا عما تمليه المرحلة الراهنة من أولويات تكثيف الضغوط لوضع حد للعدوان الإسرائيلي، وضمان وصول المساعدات الإنسانية ووقف التهجير القسري للفلسطينيين، فإننا في الجزائر، يضيف رئيس الجمهورية، “نعتقد تمام الاعتقاد: أنّ ما بعد الحرب على غزة ينبغي أن يكون مغايرا ومختلفا تمام الاختلاف عما قبلها، وأنّ ما بعد الحرب على غزة يقتضي لم الصفوف وتوحيد الطاقات وتعبئة الجهود من أجل بعث حل الصراع على أسس عادلة ودائمة ونهائية طبقا لما التفت حوله المجموعة الدولية من مراجع وضوابط وشرعية ثابتة، وأنّ ما بعد الحرب على غزة يجب أن يفضي لا محالة إلى إنجاز المشروع الوطني الفلسطيني المتمثل في قيام دولة فلسطينية مستقلة وسيدة دون أي قيود أو شروط أو معوقات”.

ومن هذا المنظور، أكد رئيس الجمهورية أنّ “الجزائر ترحب أيما ترحيب بالزخم المتزايد للاعترافات الرسمية بدولة فلسطين وبالدعم المتعاظم الذي يحظى به مشروع عضويتها الكاملة بمنظمة الأمم المتحدة”. وقال: “إنّ القرار التاريخي الذي اعتمدته الجمعية العامة لمنظمتنا الأممية بهذا الخصوص منذ أيام قلائل ليجسّد في مضمونه وفي مراميه حقيقة تاريخية، وهي الحقيقة الدامغة التي أدركتها أخيرا المجموعة الدولية برمتها: فجوهر الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي يكمن في تقويض المشروع الوطني الفلسطيني، وحل هذا الصراع لن يتأتى إلا عبر إنجاز هذا المشروع والتعجيل بقيام الدولة الفلسطينية”.

وطالب رئيس الجمهورية مجدّدا مجلس الأمن بـ”إعادة النظر في ملف عضوية دولة فلسطين، استدراكا لما فوّته على نفسه وفوّته على المجموعة الدولية بأسرها من فرص لإنصاف الشعب الفلسطيني وإحقاق حقوقه”.

وبخصوص الأوضاع في السودان، ليبيا واليمن وفي باقي ربوع الوطن العربي المحرومة من نعمة الأمن والاستقرار، أكد رئيس الجمهورية أنها “بحاجة هي الأخرى إلى دور عربي بارز يسهم في إطفاء فتيل الفتنة بين أبناء الوطن الواحد ويدرأ عنهم ما يتربص بهم من تهديدات وأخطار جراء التدخلات الخارجية التي تزداد توسعا وحدة وشراسة”.

وفي الأخير، أشار رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، إلى أنّ “نجاعة العمل العربي المشترك وفعاليته في هذا الظرف بالذات وما يتسم به من تحديات جسيمة تعيد إلى واجهة الأولويات ملف إصلاح جامعة الدول العربية وتقويم أساليب عملها، إصلاح يتقوى الإحساس بضرورته، وإصلاح باتت تتوسع رقعة المطالبة به، وإصلاح أضحت مواطنه تتضح للجميع”.

مع إعلان الاحتلال الصهيوني الانتقال إلى ما أسماه «المرحلة الثالثة» من الحرب، يحتدم النقاش في غرف القيادة لدى الكيان حول مصير الجبهة الشمالية مع لبنان، حيث يقترب ما وُصف حتى الآن بـ«التصعيد»، من مفترق طرق سيحوّله، إما إلى حرب مكتملة، مع نقاش في حدودها ونطاقها، أو إلى «تسوية» تنسحب هدوءاً على الجبهة.

بحسب التقارير العبرية، فإن “إسرائيل” لم تتّخذ قرارها بعد. وتتناقض الآراء داخل هيئة أركان جيش الاحتلال حول ذلك. وكتب المحلل العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، يوسي يهوشع، أن “الرأي السائد في هيئة الأركان، هو أن حرباً واسعة ستكون صعبة”.

ونقل يهوشع عن ضابط وصفه بـ«الجنرال الكبير» قوله إن “إسرائيل” أخطأت منذ البداية بتركيز ضرباتها ضد حزب الله وليس ضد دولة لبنان”. بينما يرى جنرالات آخرون أن “مهاجمة مصالح لبنانية رسمية سيقود إلى حرب واسعة، ويعزّز حزب الله كحامٍ لبنان، ويضرّ بالمجهود المركزي ضد حماس في غزة”.

وبالفعل فإن لبنان ستكون تحت حماية حزب الله، في حال التعرض لهجوم صهيوني شامل، فيما يستحيل توقع صدور موقف حاسم من الجامعة العربية باستثناء عبارات الإدانة وبيانات التنديد التي أصبحت محل سخرية من الشعوب العربية المؤيدة للمقاومة في فلسطين وفي لبنان واليمن.

“إسرائيل” تدفع غاليا على جبهة لبنان

أكد تحليل أجراه معهد “علما” الإسرائيلي، أنّ وتيرة الهجمات التي شنّها حزب الله ضدّ “إسرائيل”، خلال شهر جوان الماضي، تقترب من تلك التي شهدها ماي، والذي يمثّل حتى الآن الشهر الأعنف من حيث الاستهدافات التي نفّذتها المقاومة منذ أكتوبر.

وفي التفاصيل التي أوردها المعهد، ونقلتها صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، نفّذ حزب الله خلال الشهر الماضي 288 هجوماً ضدّ “إسرائيل”، متوسط ​​9.6 هجمات يومياً، في مقابل 320 هجوماً في ماي، أي بمعدل 10 هجمات يومياً. وبحلول منتصف الشهر، كانت كثافة نيران حزب الله عالية، ولاسيما في أعقاب اغتيال الشهيد طالب سامي عبر الله “أبو طالب”، في الـ11 من جوان، وفقاً للمعهد.

وبحسب ما تابع، استمرت الهجمات رداً على اغتيال الشهيد عبد الله مدة 3 أيام، “وكان عددها مرتفعاً جداً”. أما بعد ذلك، وتحديداً في الـ15 من الشهر الذي تزامن مع عيد الأضحى، “فأبطأ حزب الله هجماته”، وخلال كل هذا لم تتفوه الجامعة العربية بأية كلمة.

أما فيما يتعلق بالوسائل المستخدمة، فكانت الصواريخ المنحنية المسار هي السلاح الأكثر استخداماً. ووفقاً لتحليل “علما”، بلغ عدد عمليات القصف المنحني المسار 144 في جوان، وهو أعلى بقليل من الرقم المسجّل في ماي، وهو 139.

إلى جانب ذلك، شنّ حزب الله خلال الشهر الماضي 6 هجمات، استخدم فيها صواريخ “أرض – جو”، بما في ذلك إسقاط طائرة مسيّرة من طراز “Hermes-900″، في الـ10 من جوان.

أما الهجمات الصاروخية المضادة للدبابات، فانخفض عددها بصورة ملحوظة خلال الشهر الماضي، بحسب ما أورده المعهد، حيث وقع 57 هجوماً باستخدام الصواريخ المضادة للدبابات، مقارنةً بـ95 في ماي.

وفيما خصّ الهجمات التي تمّت عبر الطائرات المسيّرة، أورد “علما” أنّ ثمة انخفاضاً عاماً من ناحية العدد، إلا أنّه كان هناك ارتفاع في عدد المسيّرات الانتحارية التي أطلقها حزب الله.

وبهذا، يبلغ عدد الهجمات التي نُفِّذت ضدّ “إسرائيل” من لبنان 2295، منذ اندلاع المواجهات عند الحدود الفلسطينية – اللبنانية في الـ8 من أكتوبر، بحسب الإحصاء الذي أجراه “علما”.

من جهة أخرى، حذرت دراسة – أعدها معهد دراسات الأمن القومي الصهيوني في جامعة تل أبيب – من مخاطر الدخول في مواجهة عسكرية شاملة مع حزب الله، مؤكدة أن بقاء “إسرائيل” بوصفها قوة إقليمية أصبح موضع شك وصورتها ككيان قوي عسكري تتلاشى.

وشكك اللواء احتياط تامير هيمان رئيس المعهد والرئيس السابق المخابرات العسكرية الصهيونية (أمان) – في مقال يلخص الدراسة – في جدوى توسيع “إسرائيل” الحرب في لبنان، قائلا إن “التحرك في الشمال قبل حسم الحرب في غزة أمر غير مرغوب، وقد يؤدي إلى تشتيت الجهود وإلى حرب استنزاف طويلة”.

وأكد أن الحرب في غزة تسببت في أن تواجه “إسرائيل” تهديدا بعزلة دولية واسعة، بعد أن بات الكثير في الساحة الدولية ينظرون إليها على غرار روسيا بوصفها الجانب العدواني والعنيف.

وأضاف هيمان أن حزب الله لديه البنية التحتية والقدرات العسكرية لخوض حرب طويلة جداً ربما تستمر عدة أشهر، يُلحق خلالها أضراراً جسيمة بالكيان، الأمر الذي سيؤثر على استمرارية العمل والاقتصاد وقدرة أي إسرائيلي على القيام بعمل ما.

وتتوقع الدراسة أن يطلق حزب الله آلاف الصواريخ والقذائف بشكل يومي ولفترة طويلة في حال اندلاع حرب شاملة، لافتا إلى أنه لن يكون بالإمكان اعتراضها كلها، خصوصًا وأنها ستطلق من مناطق أخرى بينها إيران والعراق وسوريا واليمن، وهذا خطر عسكري ومدني لم تشهد “إسرائيل” مثيلا له.

وفي حال أصرت الحكومة الصهيونية على الدخول في حرب شاملة مع حزب الله، قال هيمان إن “عليها أن تحدد بشكل واضح كيف ستنتهي، وأن تتعلم من دروس الحرب في غزة، والتي تم التخطيط لها باعتبارها حربا طويلة، وهذا يتعارض مع مفهوم الأمن القومي الصهيوني”.

وفي الأسابيع الأخيرة، زادت حدة التصعيد بين حزب الله والكيان، ما أثار –بالمنطقة. مخاوف من اندلاع حرب شاملة، لا سيما مع إعلان جيش الاحتلال الصهيوني قبل أسبوع المصادقة على خطط عملياتية لـ”هجوم واسع” على جنوب لبنان.

ومنذ 8 أكتوبر 2023، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان -أبرزها حزب الله- قصفا يوميا مع الجيش الصهيوني عبر “الخط الأزرق” الفاصل، خلّف المئات بين قتيل وجريح معظمهم بالجانب اللبناني.

ويرهن حزب الله وقف القصف بإنهاء “إسرائيل” حربا تشنها بدعم أميركي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، ما أسفر عن أكثر من 124 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء.

تجاه تيار المقاومة..

لماذا استمرار التّصلُب في الموقف الرسمي العربي!

بقلم: محسن محمد صالح – أكاديمي أردني

بعد نحو تسعة أشهر على معركة “طوفان الأقصى” والحرب الوحشية “الإسرائيلية” على قطاع غزّة، وبعد استمرار حالة “الطوفان” وتداعياته الهائلة فلسطينيًا وإقليميًا ودوليًا.. أما آن للموقف العربي الرّسمي أن يخرج من جموده وبروده ولا مبالاته وخذلانه؟

ربّما كان السّؤال غريبا، لأنّ “الضرب في الميّت حرام”! ولأنّ نوم البعض “عبادة”!، غير أنّ السّؤال مرتبط بمحاولة فهم السّلوك الرّسمي، وليس تبريره ولا حتّى تغييره!.

في المراحل الأولى للمعركة والعدوان، كانت القراءة الموضوعية تشير إلى سخط المنظومة الرّسمية العربية “المعتدلة” على حماس، بسبب “إفسادها” مسار التّسوية السّلمية ومسار التّطبيع الذي تلقّى ضربة قاسية؛ وبسبب رغبةٍ لم يُخفها العديد من القادة والشّخصيات العرب عندما تحدّثوا مع مسؤولين أمريكان أو غربيين بالقضاء على حماس، وإنهاء حكمها في قطاع غزة.

وترافق ذلك مع انتقاد حاد لحماس من دول مُطبّعة كالإمارات والبحرين، وانعقد مؤتمر قمّة عربية إسلامية متأخرة شابها البرود وفقدان المحتوى والأثر، كما حافظت الدّول المُطبّعة على علاقاتها السّياسية بالكيان، بالرّغم من انخفاض وتيرة التّطبيع؛ بل إنّ بعضها وفّر للكيان الإسرائيلي شريانًا اقتصاديًا تجاريًا بريًّا بديلاً (من الإمارات وحتّى فلسطين المحتلّة) ليتجاوز قطع أنصار الله (الحوثيين) لخطوط الإمداد “الإسرائيلية” عبر البحر الأحمر.

ولكن ألم تظهر مجموعة من المعطيات المهمّة تستدعي من الأنظمة العربية قراءة المشهد وإعادة النّظر في حساباتها؛ قبل أن تجد نفسها قد سبقتها الأحداث وتجاوزها التاريخ؟ ومن أبرز هذه المعطيات:

  1. الأداء الاستثنائي الأسطوري للمقاومة الفلسطينية، على مدى 230 يوماً، واستمرار أدائها القوي الفعّال مع القدرة على إحداث خسائر كبيرة في الجانب “الإسرائيلي”، والقدرة على الاستمرار في المقاومة لفترات طويلة قادمة. ووصول معظم الخبراء والمحلّلين والقادة الأمريكيين والغربيين و”الإسرائيليين” إلى قناعة باستحالة القضاء على حماس.
  2. استمرار التفاف الحاضنة الشّعبية حول حماس والمقاومة، وتمتّعها بأغلبية شعبية واسعة فلسطينية في الدّاخل والخارج؛ مع تزايد شعبيتها عربيًا وإسلاميًا ودوليًا؛ وفشل كلّ محاولات شيطنة المقاومة، وفصلها عن حاضنتها الشّعبية.
  3. فشل “إسرائيل” الذّريع في تحقيق أهدافها من الحرب، سواء في سحق حماس أم تحرير “الرّهائن” أم احتلال القطاع أم فرض سلطة بديلة أو عميلة في القطاع؛ وتزايد القناعات “إسرائيليًا” وأمريكياً وعالمياً بعدم إمكانية عمل أيّ ترتيبات في القطاع دون التّفاهم مع حماس.
  4. فشل الولايات المتّحدة وحلفائها في إدارة المعركة لصالح الكيان الإسرائيلي، وتضرُّر صورة الولايات المتّحدة نفسها، وتحوّل الكيان الإسرائيلي إلى عبءٍ كبير يُثقل كاهلها داخليًا وخارجيًا.وهو فشلٌ يعطي رسالة إلى الأنظمة العربية بعدم المراهنة على “السيّد الأمريكي” الذي تدلّ التّجارب على مدى فشله وخذلانه وأنانيته وبراجماتيته.
  5. الإنجازات الهائلة التي حقّقتها المقاومة طوال الأشهر الماضية، خصوصًا في إسقاط النّظرية الأمنية “الإسرائيلية”، وضرب فكرة الملاذ الآمن لليهود الصّهاينة في فلسطين المحتلّة، وضرب فكرة شرطي المنطقة، وإثبات إمكانية هزيمة الكيان الإسرائيلي، وحالة الإلهام الهائلة التي أشعلتها المقاومة في الأمّة.. وفوق ذلك فقد قدّمت المقاومة سلوكًا سياسيًا اتّسم بالكفاءة والفاعلية والمسؤولية والواقعية، والحرص على الوحدة الوطنية، وترتيب البيت الفلسطيني وفق المصالح العليا للشّعب الفلسطيني، واحترام إرادته الحرّة. وعضّت على جراحها بالرّغم من معاناتها من ذوي القربى، وتجاوزت حملات التّحريض والتّخذيل.. وفرضت احترامها على الجميع.
  6. الأزمة الدّاخلية الهائلة التي يعيشها الكيان الإسرائيلي سياسيًا وأمنيًا وعسكريًا واقتصاديًا، وتزايد عناصر الصّراع الدّاخلي في أحشائه.
  7. التقدّم الهائل الذي أحرزته قضية فلسطين على المستوى العالمي، وتصاعد التّعاطف والتّأييد الشّعبي والرّسمي الدّولي مع فلسطين والمقاومة؛ وانكشاف الوجه البشع للكيان الصّهيوني، وسقوط كل جدلياته وأدواته لتسويق نفسه (واحة ديموقراطية، الهولوكوست، العداء للسّامية..) وتحوّله إلى كيان معزول منبوذ عالمياً. ودخول الكيان لأوّل مرّة في تاريخه تحت مطرقة “محكمة العدل الدّولية”، و”محكمة الجنايات الدولية”؛ وتحوّل الجامعات العالمية إلى معاقل داعمة لفلسطين..
  8. تغيير العديد من الأنظمة لسلوكها تجاه الاحتلال الإسرائيلي مقارنة ببداية العدوان على القطاع؛ فهناك دول قطعت علاقاتها بالكيان أو سحبت سفراءها أو حتّى شاركت في الانضمام لمحكمة العدل الدّولية ضدّ الكيان. وهناك دول أوروبية اعترفت بدولة فلسطين، ودول أوروبية أوقفت بيع الأسلحة للكيان..

ودونما إطالة في سرد النّقاط، فإنّ هناك ما يستحقّ إعادة النّظر لدى المنظومة العربية، وسيكون تقديرًا كارثيًا الاستمرار بالتّفكير التّقليدي نفسه، و”الاطمئنان” على قدرة “الإسرائيليين” والأمريكان في “سحق” المقاومة.

من ناحية أخرى، وبشكل عام، فالمشهد العربي الرّسمي “المعتدل” غير مؤهّل للقيام بتغييرات حقيقية، وسيستمرّ في “التّثاؤب” طالما لم تدخل النّار بيت أحدهم. ويرجع ذلك إلى:

  • الانغلاق المقيت على الهموم القطرية، والمصالح الخاصّة، وغياب المصالح القومية وقضايا الأمّة عن صناعة القرار.
  • استمرار المراهنة على الهيمنة الأمريكية على المنطقة، وعلى قدرة الاحتلال الإسرائيلي (ولو متأخّرًا) في التّعامل مع حماس، وإعادة ترتيب الأوضاع في قطاع غزّة.
  • استمرار المراهنة على مسار التّسوية وعلى السّلطة الفلسطينية.
  • عدم استيعاب الهزّة الكبرى التي أحدثها طوفان الأقصى، وعدم القدرة على ملاحظة الفرص التي أوجدتها؛ خصوصًا أنّ هذا النّوع من الحكّام لا يصلح للاستفادة من هكذا فرص! وكذلك بسبب الطّبيعة الوظيفية والسّقف المحدود للأنظمة القطرية.
  • فقدان الرّؤية، وعدم توفّر أيّ رؤى حضارية ووحدوية ونهضوية للانعتاق من الهيمنة الأمريكية والغربية.
  • حالة العداء للإسلاميين، والخوف من حركات النّهضة والتّغيير، والخوف ممّا يحمله مشروع حماس الإسلامي المقاوم وانعكاساته على المنطقة.

ربّما ستسعى الأنظمة الرّسمية للاستمرار في إدارة الحدّ الأدنى والانتظار حتّى انجلاء غبار المعركة، غير أنّ استمرار الوحشية الصّهيونية، واستمرار الكارثة الإنسانية في فلسطين، مع استمرار المقاومة البطولية، وازدياد التّفاعل العالمي.. كلّها ستكون عناصر تغيير وتثوير واستنهاض وغضب في البيئة الشّعبية العربية. ولا يمكن للأنظمة الاستمرار في المراهنة على قبضتها الحديدية، ولا على وسائل الإلهاء، ولا على أدوات تشويه المقاومة.. فالخبرة التّاريخية في المنطقة تؤكّد حدوث التّغيرات المفاجئة، وصعود موجات تقلب الطّاولات كما تقلب كافة الحسابات.

قبل بدء الحرب الشاملة..

هذه رسائل حزب الله إلى العدو

بقلم: عبد الله المجالي – كاتب وإعلامي أردني

تزايد رسائل حزب الله إلى العدو عبر الخطابات والمقاطع المصوّرة (فيديو الهدهد، وفيديو إلى من يهمّه الأمر) التي تحمل نبرة وإشارات تهديد، دليل، بحسب مراقبين، أنّ الحزب لا يريد نشوب حرب واسعة في جبهة لبنان. تقع تلك الرّسائل في خانة محاولات الرّدع أكثر منها في خانة التّهديد بشنّ حرب ضدّ الكيان.

حزب الله لا يخفي أنّه لا يسعى لنشوب حرب واسعة مع الكيان، وهو يقول ذلك علنًا، وقد عمل على تثبيت قواعد الاشتباك على قاعدة المساندة للمقاومة في قطاع غزّة، وعلى هذا فرض الحزب حرب استنزاف طيلة الشّهور الثّمانية الماضية، وأجبر العدو على إخلاء العديد من مستوطنات الشّمال التي بدت شبه خاوية على عروشها، كما ركّز ضرباته على منظومات الدّفاع الجوّي، ولا سيما “القبّة الحديدية”.

مصادر قريبة من حزب الله كشفت أنّ الحزب رفض المساومة في ربط تصعيده ضدّ الكيان بوقف دائم لإطلاق النّار في غزّة تقبل به المقاومة هناك، حيث قدّمت صيغ حملها مبعوثون حول إمكانية وقف التّصعيد في حالة انخفاض كبير في وتيرة الحرب على غزّة، وهو موقف يحسب للحزب الذي فقد حتّى الآن المئات من مقاتليه منهم قياديون.

مع تصاعد احتمالات شنّ حرب واسعة على لبنان، بدأ الحزب بإطلاق رسائل تقع في خانة الرّدع، وأنّه قادر على إيقاع خسائر فادحة في الجانب الآخر، لكنّه يؤكّد للجميع أنّه لا يريد الذّهاب إلى الحرب لكن إذا فرضت عليه فإنّه ستكون “بلا ضوابط ولا أسقف ولا قواعد”.

تلك الرّسالة بالتّحديد يبدو أنّها تأتي ردًّا، بحسب مصادر إعلامية مقرّبة من الحزب، على أحد السّيناريوهات التي طرحت على القيادة الصّهيونية، ويشمل حملة واسعة تكون خاطفة ومفاجئة لتدمير القدرات الفعّالة لدى حزب الله، وبعدها يمكن تخييره بين التّسوية مع شروط جديدة، أو الذّهاب إلى حرب أكثر شراسة ومساحة.

يفترض السّيناريو الصّهيوني أنّ تلك الحملة الخاطفة ستشلّ قدرات حزب الله، وتعرقل قدرته على الرّد، لكن تلك المصادر تؤكّد بالمقابل أنّ الحزب جاهز لمثل هكذا سيناريو؛ فهو يعتبر أيّ عملية عسكرية نوعية من جانب العدو إعلاناً للحرب الشّاملة، وسيتصرّف على هذا الأساس فورًا، وأنّ الضّوابط والمحرّمات التي تلزم قيادة المقاومة وحداتها الميدانية بها، ستسقط مرّة واحدة، وأكثر من ذلك فتحسّباً لضرب مراكز القيادة والسّيطرة فإنّ الوحدات المعنية في المقاومة مكلّفة بأن تبادر فوراً إلى ضرب كلّ هذه الأهداف، من دون انتظار أيّ نقاش أو بحث أو مساع سياسية.

تدرك واشنطن أنّ أقرب طريق لصيغة الهدوء في جبهة الكيان الشّمالية، هو وقف إطلاق النّار الدّائم في غزّة، لكنّها تتصرّف عكس ذلك كما تفعل في جبهة البحر الأحمر. وإذا ظلّ موقف واشنطن مضبوط على موجة التّجاهل تلك مضافًا إليه إعلانها الدّائم والصّريح بأنّها ستقف مع الكيان في كلّ الأحوال فإنّ الحرب قد تبدو أقرب ممّا نتخيّل.

بعيدا عن الجامعة العربية..

“حزب الله” يواصل ردع الاحتلال الصهيوني 

بقلم: سعد إلياس – محلل سياسي لبناني

تتواصل حرب الاستنزاف على طرفي الحدود الجنوبية، في ظل سيناريوهات متضاربة حول احتمال حصول تصعيد أوسع، في ظل مواصلة “إسرائيل” حربها التدميرية والنفسية، وآخر فصول هذه الحرب خرق الطيران الحربي الإسرائيلي جدار الصوت، قبيل منتصف ليل السبت الأحد الفارط، حيث سُمع دويّه في مناطق بعيدة عن ساحة المواجهات، وتمكّن سكان كسروان والمتن والبقاع الغربي وبيروت من سماع دوي جدار الصوت على دفعتين.

واستأنف جيش الاحتلال عدوانه صباح الأحد، إذ شنت الطائرات غارة على منزل في بلدة حولا، مخلّفة دمارًا كبيرًا، ما أسفر عن استشهاد ثلاثة عناصر من “حزب الله”. وقد عمدت السلطات الإسرائيلية إلى اتخاذ تدابير احترازية خوفاً من رد “حزب الله”، فطلبت من جميع المقيمين في مستوطنة معيان باروخ في الشمال البقاء قرب الغرف المحصنة.

وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية “عن استعدادات في “إسرائيل” لصليات صواريخ، بعد الهجوم الأخير على بلدة حولا”. ونعى “حزب الله” الشهيد نصرات حسين شقير “جواد”، مواليد عام 1975، من بلدة الصوانة، كما نعى الشهيد جلال علي ضاهر “مزة”، مواليد 1976، من بلدة حولا، والشهيد حسين محمد سويدان “هلال”، مواليد عام 1990، من بلدة عدشيت القصير.

ورداً على الغارات المعادية، استهدف حزب الله مقر قيادة كتيبة السهل في ثكنة بيت هلل بصاروخ “فلق” ما أدى إلى تدمير جزء منه وإيقاع اصابات مؤكدة، كما هاجم مبنى يستخدمه جنود الاحتلال في مستعمرة المطلة ما أدى إلى اندلاع حريق، ونفّذ الحزب هجوماً بسرب من المسيرات الانقضاضية على مقر كتائب المدرعات التابعة للواء 188 في ثكنة راوية وحقق إصابات مؤكدة، واستهدف المشغل العسكري التابع لثكنة بيت هلل ومرابض مدفعية في “خربة ماعر”، وتحدث الإعلام الإسرائيلي عن إصابة 9 جنود جراء انفجار مسيّرة في الجولان.

جدار الصوت..

وكان جيش الاحتلال أفاد أن طائراته الحربية هاجمت، خلال الليل، بنية تحتية عملياتية وعسكرية تابعة لــ “حزب الله” في منطقتي الطيبة ورب ثلاثين في جنوب لبنان، وقال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إن “لا مفر من حرب حاسمة وسريعة مع حزب الله”، مضيفاً: “لا أستخف بالثمن المتوقع لحرب لبنان، لكن أي ثمن ندفعه اليوم سيكون أقل بكثير مما سندفعه إن لم نتحرك”.

كذلك، رد وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس على التلويح الإيراني “باندلاع حرب إبادة إذا شرعت “إسرائيل” في عدوان عسكري شامل على لبنان، فكتب على منصة “أكس”: “الرسالة التي بعثت بها إيران، فيما يتعلق بشن “حرب إبادة”، تجعلها تستحق التدمير”. وتابع: “النظام الذي يهدد بالتدمير يستحق التدمير”.

وقد توالت التحذيرات التي توجهها سفارات دول غربية وعربية إلى رعاياها لحثها على مغادرة لبنان، وتجنّب السفر اليه، وآخرها من السفارة السعودية، التي نشرت تنبيهاً جاء فيه: “تتابع سفارة المملكة العربية السعودية لدى جمهورية لبنان عن كثب تطورات الأحداث الجارية جنوب لبنان، وتؤكد على دعوتها السابقة لجميع المواطنين السعوديين إلى التقيد بقرار منع السفر إلى لبنان”.

على خط الاتصالات، كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية أن الولايات المتحدة طلبت من قطر المساعدة والتوسط في حل الصراع بين “حزب الله” و”إسرائيل”، ولفتت إلى أنه “في حالة حدوث وقف مؤقت لإطلاق النار في قطاع غزة، فإن الحزب مستعد للالتزام به أيضاً، كما حدث بالفعل في نوفمبر، خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة لمدة أسبوع، ومع ذلك فإن “حزب الله” لن يوافق على اتفاق أوسع حتى تنتهي الحرب في غزة تماماً”.

ميقاتي في الجنوب..

في غضون ذلك، قام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بزيارة، هي الأولى له إلى جنوب لبنان منذ اندلاع المواجهات، وتركزت الجولة على منطقة صور، وشملت مقر قيادة قطاع جنوب الليطاني في الجيش اللبناني، ومراكز الامتحانات الرسمية، وغرفة الطوارئ الصحية، وأكد ميقاتي أن “الجيش هو السند ودرع الوطن وسياجه”، وشدد “على تمسك لبنان بالقرار 1701″، آملاً في “عدم توسع الحرب في جنوب لبنان”، وقال: “نتمنى في هذا الظرف الصعب أن تمر الأمور بخير”، مضيفاً: “نحنُ دعاة سلم، وعلى “إسرائيل” أن توقف اعتداءاتها المتكررة على لبنان”، معتبراً أن “التهديدات التي نشهدها هي نوع من الحرب النفسية، والسؤال الذي يتردد على كل الألسن: هل هناك حرب؟ نعم، نحن في حالة حرب، وهناك عدد كبير من الشهداء من مدنيين وغير مدنيين، والعديد من القرى المدمرة بسبب العدوان الإسرائيلي”.

وكان لافتاً موقف للأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي، غداة زيارته لبيروت، أكد فيه أن “الجامعة لم تعد تصنف “حزب الله” كمنظمة إرهابية، بعد القرارات السابقة للجامعة التي تضمنت وصف الحزب بالإرهابي، ما أدى إلى قطع التواصل معه”.

ومن جهته، ردّ نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب على “المتحاملين على المقاومة التي تحمي لبنان وسيادته وشرفه وكرامته”، وقال: “المقاومة لم تنشأ على حساب الدولة وعلى حساب مؤسسات الدولة التي لو كانت موجودة لما احتجنا أن نحمل هذا العبء وحدنا في الدفاع عن لبنان، وإن عدم وجود دولة، وفشل القوى السياسية، وخصوصاً الذين تحملوا المسؤولية في ما مضى، فشلوا في بناء الدولة وتركوا جنوب لبنان والبقاع الغربي وكل لبنان مباحاً أمام العدو الإسرائيلي، ليستبيحه في الليل والنهار، لذلك نشأت المقاومة، لأن الدولة غير موجودة، والمقاومة لم تأخذ محل الدولة، والمقاومة ليست دولة، أو ودويلة، كما يسميها البعض، في مقابل الدولة، بل المقاومة عبارة عن هذا الشعب، عن اللبنانيين، وعن أهالي القرى التي تتعرض للعدوان الإسرائيلي”.

توضيح السنيورة..

وقد رأى الرئيس فؤاد السنيورة في موقف الجامعة العربية “هدية مجانية” لـ “حزب الله”، وقال: “ليس لدى الجامعة العربية لائحة لتصنف فيها مؤسسات أو أحزاباً كمنظمات إرهابية، وهي عمدت لاستخدام هذا التعبير منذ فترة ودرجت عليه، وربما هناك حاجة لإعادة النظر في هذا التصنيف، ولكن كان من الأفضل لو جرى التوقف عن إسداء الهدايا المجانية لـ “حزب الله”، أو كان من الممكن النظر في هذا الأمر لقاء إنجاز يتحقق لمصلحة لبنان والأمن والسلم، وأضاف: “لا أدري إن كانت هناك مفاوضات تجري تحت الطاولة، ويكون هذا الأمر من الأشياء التي جرى الاتفاق عليها”.

وقد أثار موقف السنيورة غضباً على مواقع التواصل الاجتماعي، ما اضطر مكتبه الإعلامي للتوضيح أن “بعض وسائل الإعلام تستخدم كلاماً ليس دقيقاً ولا صحيحاً عن لسان الرئيس السنيورة بخصوص موقفه من قرار الجامعة العربية رفع اسم “حزب الله” عن لوائح الإرهاب”.

وأكد البيان أن “حزب الله ممثل في الحكومة وفي مجلس النواب، وفي لبنان ليس لدينا هكذا موقف، والأيام ستثبت، وحسب التجربة، إذا ما كان هذا القرار للجامعة العربية متسرعاً أو صحيحاً”.

وبخصوص المواجهة في الجنوب، قال مكتب السنيورة: “المشكلة لدى “إسرائيل”، إذ إن هناك عدداً من القياديين في “إسرائيل” من أصحاب الرؤوس الحامية، ونتنياهو لديه مصلحة في أن تستمر وتتوسع الحرب لكي يفلت من العقاب الداخلي، كما أننا لا نثق أن “إسرائيل” ستوقف الحرب فيما لو توقفت في غزة، نحن لا نثق بأن “إسرائيل” ستلتزم وقف النار، لا نثق بذلك إطلاقاً”. وختم: “صحيح أن حزب الله يمكنه إلحاق خسائر كبيرة بـ”إسرائيل”، لكن علينا أن نسأل ما هي الخسائر التي قد تلحق بلبنان، وهل يستطيع تحملها؟”.

وعلى خط مواز، توجّه النائب اللواء أشرف ريفي إلى “حزب الله” بالقول: “كفى حصاراً لمناطقنا، وكفى استهتاراً بحقوقنا، فلا رئيس للمسيحيين إلا بخياركم، ولا تشكيل للحكومات للسُنَّة في وقتها الطبيعي، ولا حوار أو تشاور مع اللبنانيين الآخرين في قرارات الحرب والسلم. فأي شراكة وطنية هذه؟”.

ونوّه ريفي، في بيان: “بما أعلنه تكرراً وزير السياحة وليد نصار، وكتلة الاعتدال الوطني في الدعوة لفتح مطار الرئيس الشهيد رينيه معوض في القليعات”. وقال: “لا توجد دولة في العالم لديها مطار مدني واحد، المطلوب من الحكومة سريعاً فتح مطار الرئيس معوض، وتخطي الفيتو المعروف المصدر الذي يحُول دون ذلك، في الشمال لدينا ما يكفي من المرافق ليعيش أهلنا بعز وكرامة بدل أن يغامروا بأولادهم في زوارق الموت”.

باسيل والرهانات..

أما رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، فأطلق مواقف، خلال جولة له في عكار، فرأى أن “البعض يراهن على الخارج وعلى إمكانية حدوث ضربة أمريكية لإيران، أو ضربة “إسرائيل” لحزب الله”.

وقال: “في حال ضربت “إسرائيل” لبنان فهذه كارثة، وليست أمراً يمكن أن نراهن عليه، وإذا لم تضرب يكون رهانه سقط والخسارة ارتفعت وتحلل الدولة زاد”، مشيراً إلى “أن هذه الرهانات كانت في الحرب ولا نقبل بها”.

وأضاف: “يجمعنا الخوف من الحرب مع “إسرائيل”، وللأسف بعض الناس يدافعون عن “إسرائيل” ويحمّلون المسؤولية للمقاومة، بدل أن نفكر جميعنا بكيفية مقاومة “إسرائيل”، وختم: “الحرب ستكون كارثة، لكن الكارثة أكبر على “إسرائيل”، وستكون تسريعاً لنهايتها”.

المقاومة العربية تفضح أنظمة الفساد والاستبداد..

هل من مخرج لشعوب المنطقة؟

 

بقلم: د. كاظم ناصر – محلل سياسي مصري

تحكمت بمصائر العديد من “الشعوب العربية” أنظمة وراثية وعسكرية تسلطية فاسدة مفسدة منذ الاستقلال وحتى اليوم، فمن بين الدول العربية توجد 8 أنظمة وراثية تهيمن على سياسات ومقدرات كل منها عائلة يرأسها ملك، أو أمير، أو شيخ، أو سلطان مطلق الصلاحيات، وبعض الدول العربية الأخرى يهيمن على كل منها رئيس وصل للحكم عن طريق انقلاب عسكري، أو انتخابات مزورة، لكن القاسم المشترك بين هذه الأنظمة الدكتاتورية الوراثية والدكتاتورية الأخرى هو كون كل منها تخضع لفرد متسلط يتحكم بجميع السلطات، ويعبث بأموال ومقدرات ومؤسسات الدولة، ويفعل بالبلاد والعباد ما يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، ويتاجر بالوطن والمواطنين كما يشاء دون اعتراض أو مساءلة، وبدعم من أفراد عائلته وبطانته الفاسدة التي تتولى المراكز الهامة والحساسة في الدولة، وبسكوت وخذلان واستسلام الشعوب العربية التي لا تجرؤ على التمرد ومحاولة الخروج من بيوت طاعة حكامها على الرغم من انهم فشلوا في حمايتها وحماية أقطارها، وأذلوها، وأفقروها، وحرموها من أبسط حقوقها.

حرب غزّة كشفت عورات العديد من الحكام والشعوب والمثقفين ورجال الدين والأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، وأثبتت أننا أمة ذليلة مستكينة فاشلة، لا تدرك أن جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها سلطة الاحتلال في غزة هي جزء من استراتيجيتها التوسعية التي تهدف إلى تهويد الضفة الغربية وغزة، وتهجير الفلسطينيين وتصفية قضيتهم، وبعد ذلك تنتظر الفرص السانحة للانقضاض على ما تبقى من دول بلاد الشام، ثم السعودية ودول الخليج الأخرى لتحقيق حلم الصهاينة المعلن بإقامة إمبراطورية يهودية من الفرات إلى النيل، فهل سيتحقق هذا الحلم الصهيوني؟

الجواب للأسف هو أن هناك إمكانية حقيقية لتحقيق هذا الحلم الصهيوني بعد أن بطش العديد من  الحكام العرب بشعوبهم وكتموا أنفاسها، وعلموها الذل والنفاق والهوان والاستسلام، وساهموا مساهمة فعالة في تدمير العراق، وسوريا، واليمن، وليبيا، ولبنان، وحولوا هزائمهم إلى انتصارات كاذبة، وحموا الانقسام الفلسطيني، وطبع بعضهم مع سلطة الاحتلال دون مقابل، وصمت معظمهم على جرائم “إسرائيل” ودول الغرب الداعمة لها، وأعادوا الاستعمار إلى معظم أقطارنا، وتآمروا على محور المقاومة، واعتبروا المقاومين الأبطال الذين يتصدون للصهاينة ويدافعون عن كرامة وأمن ومستقبل أمتنا في غزة ولبنان واليمن والعراق “إرهابيين! ”

وبما أن التاريخ شاهد على أن السلطة المطلقة هي مفسدة مطلقة، وهي أول درجة في سلم الظلم، والبيئة المثالية التي يعيش ويتفشى ويتمدد فيها الفساد والانهزام، وتؤدي إلى الانهيار، فإن العديد من الأقطار العربية بوضعها السياسي والاجتماعي والديموغرافي وتخلفها العلمي والثقافي الحالي مهددة بالتشرذم والزوال، وأنه لا أمل لهذه الأمة في تصحيح أوضاعها وحماية أقطارها إذا بقيت خانعة مستسلمة للطغاة الذين يحكمونها، ولهذا يجب على الشرفاء من المثقفين ورجال الدين وقادة مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب أن يتحركوا قبل فوات الأوان، وأن ينضموا إلى الشعوب ويشاركوا في قيادتها، ويشجعوها على كسر حواجز الخوف، ومنازلة أنظمة وحكام الطغيان، وعلى دعم المقاومة والانضمام لصفوفها في فلسطين، ولبنان، والعراق، واليمن، وفي كل قطر عربي لأنها تمثل الحل الصحيح والوسيلة الناجعة الوحيدة للتخلص من أنظمة وحكام الخيانة، ولتحرير فلسطين، وإنقاذ الوطن العربي من الأطماع الصهيونية والغربية!

الأيام نيوز - الجزائر

الأيام نيوز - الجزائر

اقرأ أيضا