ما يحدث داخل المؤسّسة الفكرية الغربية خطير، يعبّر عن وحدة يهودية مسيحية (بروتستانتية) على المستوى العقائدي والمعياري تختزل العالم في فسطاط الإنسان وهو الكيان وأمريكا والغرب وفسطاط الوحش وهي الآخر المسلم أو اللّاغربي بصفة عامّة، وعلى هذا الأساس يتمّ توزيع القيم في إطار أخلاقي وإيديولوجي اختزالي للحياة والوجود بين أقليّة مستنيرة وأغلبية مستضعفة بما يبرّر الإبادة والجينوسايد وجرائم الحرب وكأنّها رسائل من المركز إلى الأطراف يرسلها الإكليروس إلى الخدام للتخلّص منهم أو استعبادهم بالمطلق.
على هذا الأساس تفكّر نخب الغرب المتصهين بمنهج تبريري يذهب ضحيّته الأطفال والنّساء والشّيوخ والأبرياء في الحضارات الأخرى قربانًا لشهوة السّيد فوق كرسي الشّيطان ولو تطلّب الأمر قنبلة نووية لفرز الأجناس وإعادة خلق البشر وبناء إمبراطورية الخلاص التي تكون خلاصة سرديات عقل عنصري واستئصالي يقرأ المستقبل بشكل جزئي يعطيه الحق في قتل النّاس بأيّ طريقة كانت لكي يسود منطقه.
تأصيل هذه المدرسة يوصلنا إلى كيف يفكّر هؤلاء بعد أن يبيعوا أرواحهم وأفكارهم للظّلام مقابل المال والسّلطة دون أدنى قيمة للبشرية التي أصبحت رهينة لهم وما يحدث في غزّة يكشف حقيقة الصّراع الحالي بين مجتمع نخبوي أمريكو-صهيوني فاسد أخلاقيًا وفكريًا وإعلاميًا وسياسيًا يحلم بهيروشيما ثانية إرضاء لغريزته التّدميرية وجنوب عالمي جديد يقدّم أوراق اعتماده للعالم لإنقاذه من الكارثة ونتيجة حرب غزّة ستحدّد مصير المعادلة الجديدة على مدى القرن الرّاهن.