بمناسبة الذكرى الثانية لتوقيع اتفاقيات التطبيع بين عدد من الدول العربية (الإمارات – البحرين – السودان – المغرب) والكيان الصهيوني، كشف تقرير لصحيفة “معاريف” الصهيونية، أن تلك الاتفاقيات لم تحقق أهدافها، من وجهة النظر الإسرائيلية حتى الآن، بكبح جماح طموحات إيران في المنطقة، على حد قولها.
وقال الباحث الصهيوني الدكتور هوشبيرج ماروم، المتخصص في السياسة الدولية، “إن توقيع دول الخليج والمغرب والسودان، لاتفاقيات التطبيع مع تل أبيب، أدى إلى تغييرات بعيدة المدى في الشرق الأوسط، لكن بالرغم من ذلك فإنه بعد عامين من توقيعها، ليس هناك شك في أن اتفاقيات إبراهام هي معلم تاريخي في تاريخ الشرق الأوسط، لكن هناك قضية واحدة مهمة لم تتحقق بعد وهي كبح نفوذ إيران”.
وأضاف الباحث الصهيوني في دراسته التي نشرتها الصحيفة العبرية: “مضى عامان على توقيع اتفاقات إبراهام في البيت الأبيض في 15 أيلول/سبتمبر 2020، وحينها كان يمكن القول إنها حملت آمالًا كبيرة، ناهيك عن الأوهام، فيما يتعلق بإضعاف إيران في مواجهة تحالف إقليمي قوي”.
وأستطرد قائلا: “إن توقيع اتفاقيات إبراهام، لا شك أنها كانت حدث مؤسَّسي ورائد في تاريخ العلاقات الإسرائيلية العربية، وخاصة إقامة علاقات رسمية بين “إسرائيل” والإمارات العربية المتحدة والبحرين، ثم انضمام السودان والمغرب لاحقاً، حيث شكّل هذا التوقيع حدثًا دراماتيكيًا منذ السلام البارد مع مصر الذي تم توقيعه عام 1979 والأردن عام 1994، بل أن اتفاقيات إبراهام تُعد علامة فارقة مهمة في خريطة العلاقات في الشرق الأوسط”.
وأضاف ماروم: “إن توسّع المصالح وتعميق العلاقات بين الدول لهما قيمة كبيرة وفوائد هائلة، سواء في ضوء الانضمام المتوقّع للمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، أو على خلفيّة موقف الولايات المتحدة وعلاقات القوى العظمى”.
وأوضح الخبير الصهيوني في الشؤون السياسية أنه “من الواضح بالفعل أن اتفاقيات إبراهام لها تأثير هائل على المجال الاقتصادي والأمني والجيوسياسي، وكذلك على التعاون في مجالات التجارة والسياحة والثقافة بين الأطراف الموقِّعة، وأن كل هذا عكس الديناميكيات التي حدثت منذ ذلك الحين في جميع أنحاء المنطقة وخارجها، وأنه من الأمثلة الواضحة على ذلك الزيادة الهائلة في النشاط الاقتصادي وحجم التجارة والاستثمار بين “إسرائيل” والإمارات العربية المتحدة، والتي تقدر بنحو 1.4 مليار دولار منذ عام 2021.
وأوضح الخبير الصهيوني قائلاً: ” بالرغم من كل ذلك، فمن المنظور الجيوسياسي والأمني الواسع، فإن الواقع مختلف تمامًا، فبالرغم من أن اتفاقيات إبراهام تسببت في هبوب رياح التغيير، إلى جانب “صحوة” غير مسبوقة ونمو اقتصادي في شرق أوسط جديد، لكن وبحزن كبير التحالف المشترك الذي تم إنشاؤه لا يوقف تعزيز قوة إيران إقليميا ولا تأثيرها، على العكس من ذلك، فإن تصور إيران كعدو مشترك آخذ في التلاشي”.
وقال التقرير الصهيوني، “إن توقيع اتفاقيات إبراهام بوساطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وبتشجيع من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أدى إلى تغييرات ديناميكية وبعيدة المدى في خريطة العلاقات في الشرق الأوسط”.
وأضاف التقرير، أنه لا شك أن هذا التغيير بعيد المدى، جاء من جهة دول عربية لا تشترك في ماض تاريخي (حرب) وحدود إقليمية مشتركة مع الكيان، وتعزّز التعاون الثنائي الذي يتوقع أن يتوسع بل ويتعمق، علاوة على ذلك ، فإن تطبيع العلاقات بينهما دون أي مقابل أو تنازل، قد حطّم المحظور الذي فرضته مبادرة “السلام” العربية السعودية (2002)، التي اشترطت التنازل عن أراضي 67 مقابل التطبيع الكامل، ومع ذلك ، وعلى الرغم من الزخم الشديد الذي رافق مسار التطبيع، فقد ازدادت مؤخراً الأصوات في الكيان الداعية إلى إعادة ترتيب هذه العلاقات في ضوء الفجوات التي تم اكتشافها بين مختلف مصالح الشراكة والاتفاقيات، وأن كل هذا جاء في ظل التغيير الذي حدث في النهج المتناقض الذي سلكته الدول المطبّعة، وخصوصا شركاء الخليج تجاه إيران.
وأوضح التقرير أن “بعض الدول العربية الموقّعة على اتفاقيات التطبيع مع الكيان، بدأت تتقارب سياسيا مع إيران، مضيفاً أنه بالرغم من نضج ونجاح اتفاقيات السلام والمصالح الاستراتيجية المختلفة بين الإمارات والكيان على سبيل المثال، والتي تدفع باتجاه تعاون واسع وكامل مع “إسرائيل” وإلى توسيع اتفاقيات التطبيع مع الدول الأخرى، لكن في نفس الوقت تجري أبو ظبي حواراً مع إيران”.
وقال المحلل السياسي الصهيوني: ” إن اتفاقيات السلام التي وُلدت على خلفية تقليص وجود الولايات المتحدة وتدخّلها في الشرق الأوسط، والتي كان هدفها الأساسي خلق جبهة أمنية قوية من شأنها أن تحدّ من تقوية إيران ونفوذها الإقليمي، إلا أن العكس يحدث تماما، وهو ما أكدته تقارير عدة نُشرت مؤخرًا بشأن الاتصالات المباشرة بين إيران وخصومها اللدودين، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، بالإضافة إلى ذلك ، هناك اتجاه للمصالحة التدريجية بين مختلف الدول الإسلامية، بغض النظر عن أصلهم السني / الشيعي، مثل عودة العلاقات بين الدول التي قطعت العلاقات بينها أو تلك التي كانت تعتبر منافسة، مثل تركيا مع مصر أو الولايات المتحدة والإمارات العربية وقطر وتركيا مع إيران، رغم صراعهم على مناطق السيطرة والنفوذ في سوريا”.
في السياق ذاته، أعرب جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وكبير مساعديه في البيت الأبيض، نهاية الأسبوع الماضي، عن أسفه لأن دولا أخرى لم تنضم بعد إلى اتفاقات إبراهام في ظل إدارة بايدن.
وخلال حديثه، في واشنطن، بمناسبة الذكرى السنوية الثانية لاتفاقيات التطبيع بين الكيان وبعض الدول العربية، التي استضافها معهد إبراهام لاتفاقات السلام ومعهد السياسات أمريكان فيرست الموالي لترامب، كشف مساعد ترامب السابق أنه قبل مغادرته منصبه، كان هناك حوالي ست محادثات نشطة جارية مع دول عربية أخرى محتملة للانضمام الى اتفاقيات إبراهيم، ولم يسمّ الدول.
وكان لكوشنر دور فعّال في التفاوض على اتفاقيات إبراهام، التي وقّعتها “إسرائيل” مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والسودان في عام 2020.
فيما قال مسؤولون أمريكيون، لتايمز أوف “إسرائيل”، في يناير/جانفي 2021، أن إدارة ترامب كانت تقترب من تحقيق الاتفاقات مع موريتانيا وإندونيسيا، لتكونا الدولتان التاليتان ذات الأغلبية المسلمة، اللتان تُطبّع العلاقات مع الكيان، لكن لم ينجحوا في ذلك قبل انتهاء ولاية الرئيس الجمهوري.
وقد تبنّى مسؤولون في إدارة بايدن مبادرة ترامب، لكنّهم أعربوا أيضًا عن عدم ارتياحهم لبعض الأساليب التي استخدمتها الإدارة السابقة للتفاوض حول الاتفاقيات، مثل بيع طائرات مقاتلة من طراز إف-35 إلى الإمارات العربية المتحدة والاعتراف بـ “السيادة المغربية” على الصحراء الغربية، ومع ذلك، فقد عملوا على تعزيز اتفاقيات التطبيع الحالية، واستضافة منتديات متعددة الأطراف مع أعضاء اتفاقية إبراهام وتوسيعها، لتشمل حلفاء آخرين للولايات المتحدة و”إسرائيل”.
الجدير بالذكر أن بايدن نجح في إقناع المملكة السعودية، بفتح مجالها الجوي لمزيد من الرحلات الجوية من وإلى الكيان، في خطوة تأمل واشنطن و”تل أبيب” أن تُقرِّب الرياض من خطوة الإعلان الرسمي عن تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني.