ازدواجية الضرائب ونقص السيولة.. أبرز معوقات الصيرفة الإسلامية

أكد الأستاذ عبد السلام هلال، المتخصص في الإحصاء والاقتصاد، في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أن الصيرفة الإسلامية في الجزائر تشهد نموًا مطردًا، مما يعكس تزايد ثقة المواطنين في هذا النموذج المصرفي. لكنه شدد على أن هذا التوسع يرافقه عدد من التحديات التي تستوجب المعالجة لضمان استدامة القطاع وتعزيز دوره في الاقتصاد الوطني.

وأشار إلى أن البيانات الإحصائية المتاحة تكشف عن تطور ملحوظ في البنوك الإسلامية، سواء من حيث حجم الودائع أو التمويلات الممنوحة، ما يؤكد فعالية هذا النموذج وقدرته على تلبية احتياجات شريحة واسعة من الجزائريين الباحثين عن حلول مالية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.

وأوضح هلال أن الأرقام المسجلة تعكس إقبالًا متزايدًا على المنتجات المصرفية الإسلامية، حيث بلغ إجمالي الودائع في البنوك الإسلامية بالجزائر أكثر من 817 مليار دينار جزائري منذ عام 2020 وحتى سبتمبر 2024، فيما تجاوزت قيمة التمويلات الممنوحة 437 مليار دينار للشركات و68 مليار دينار للخواص. كما أن عدد الحسابات المصرفية الإسلامية المفتوحة في البنوك تجاوز 745 ألف حساب، ما يعكس توسعًا ملحوظًا في قاعدة العملاء.

وأضاف أن هذه الأرقام تعكس نجاح السياسات الحكومية في دعم هذا القطاع، سواء من خلال استحداث نوافذ للصيرفة الإسلامية داخل البنوك التقليدية أو عبر تقديم حوافز تشجيعية لاستقطاب مزيد من العملاء. وأوضح أن عدد البنوك التي تقدم خدمات الصيرفة الإسلامية في الجزائر بلغ 12 بنكًا، منها 6 بنوك عمومية و6 بنوك خاصة، في حين وصل عدد النوافذ والوكالات المصرفية الإسلامية إلى 861 فرعًا، ما يؤكد أن هذا القطاع أصبح ركيزة أساسية في المنظومة المصرفية الوطنية.

الصيرفة الإسلامية… دور حيوي في تحقيق الشمول المالي

أشار هلال إلى أن الصيرفة الإسلامية تلعب دورًا حيويًا في تحقيق الشمول المالي، خاصة من خلال استقطاب فئات لم تكن تتعامل مع البنوك التقليدية، مما ينسجم مع التوجهات الاقتصادية للجزائر الهادفة إلى تعزيز التنمية المالية المستدامة.

وأكد أن التحليل الإحصائي يُظهر أن البنوك الإسلامية تسهم بشكل مباشر في رفع معدلات الادخار والاستثمار، وتعزيز إدماج الفئات غير المتعاملة مع النظام المصرفي. ويمكن قياس هذا التأثير من خلال مقارنة معدلات الادخار والتمويل بين البنوك الإسلامية والتقليدية، وتحليل أثر ذلك على حجم العمليات المصرفية الرسمية، مما يوفر رؤية أكثر دقة حول تأثير الصيرفة الإسلامية على الاقتصاد الكلي.

وشدد على أن تطوير أدوات تحليلية قائمة على البيانات الاقتصادية والإحصائية يمكن أن يوفر تصورًا أعمق حول فعالية الصيرفة الإسلامية، ويساعد في اقتراح سياسات مصرفية أكثر كفاءة لتعزيز مساهمتها في الاقتصاد الوطني.

التحديات القانونية والتشغيلية.. عوائق أمام المنافسة

ورغم هذا النجاح، أوضح هلال أن الصيرفة الإسلامية في الجزائر لا تزال تواجه بعض العقبات التي تعيق قدرتها على المنافسة مع البنوك التقليدية. ومن أبرز هذه التحديات غياب سوق مالية إسلامية متكاملة، مما يحدّ من قدرة البنوك الإسلامية على إيجاد خيارات تمويل واستثمار متوافقة مع الشريعة.

كما أشار إلى أن ازدواجية الضرائب المفروضة على العقود الإسلامية تجعل التمويلات الإسلامية أكثر كلفة وأقل جاذبية مقارنة بالقروض التقليدية، مما قد يحدّ من انتشار هذا النوع من الخدمات. وأضاف أن البنوك الإسلامية تواجه صعوبات في الوصول إلى السيولة بسبب عدم توفر نوافذ إعادة تمويل إسلامية عبر البنك المركزي، ما يجعلها أقل قدرة على مواجهة الأزمات المالية مقارنة بالبنوك التقليدية التي تستفيد من أدوات مالية متعددة.

وأشار إلى أن نقص الكفاءات البشرية المتخصصة في الصيرفة الإسلامية يشكل تحديًا إضافيًا أمام تطوير هذا القطاع، إذ يتطلب تدريبًا وتأهيلًا مستمرين لضمان تقديم خدمات مصرفية إسلامية ذات جودة عالية.

التكنولوجيا المالية… دور هام لتعزيز تنافسية الصيرفة الإسلامية

وفيما يتعلق بمستقبل الصيرفة الإسلامية في الجزائر، أكد هلال أن التكامل مع التكنولوجيا المالية يعدّ خطوة ضرورية لتعزيز كفاءة المعاملات المصرفية وتوسيع نطاق الوصول إلى الخدمات المالية الإسلامية. وأوضح أن البيانات تشير إلى ارتفاع كبير في استخدام الدفع الإلكتروني في الجزائر، حيث تم تسجيل أكثر من 4.5 مليون معاملة بقيمة تقارب 36 مليار دينار جزائري حتى منتصف 2024، فيما تجاوزت المدفوعات عبر الإنترنت 14.8 مليون معاملة بقيمة تقارب 39 مليار دينار حتى أكتوبر 2024.

وأكد أن هذه الأرقام تعكس الحاجة إلى إدماج الصيرفة الإسلامية بشكل أكبر في مجال التكنولوجيا المالية، من خلال تطوير تطبيقات مصرفية إسلامية وتوسيع نطاق حلول الدفع الرقمية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية. كما أشار إلى أن تعزيز التعاون بين البنوك الإسلامية وشركات التكنولوجيا المالية (FinTech) يمكن أن يسهم في ابتكار منتجات مالية جديدة تزيد من جاذبية هذا القطاع، وتساعده على المنافسة مع البنوك التقليدية.

وختم تصريحه بالتأكيد على أن الصيرفة الإسلامية في الجزائر تمتلك فرصًا كبيرة للنمو، لكنها تحتاج إلى استراتيجية أكثر تكاملًا تشمل تحديث التشريعات، وتطوير المنتجات المالية، وتعزيز الشراكات مع الشركات التكنولوجية لضمان استدامتها وتحقيق أقصى استفادة من إمكانياتها في دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

مصطفى بن ميرة

مصطفى بن ميرة

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
روسيا تُبدي رغبتها في إطلاق مشاريع استثمارية جديدة في الجزائر الاتحاد الأوروبي يُشيد بدور الجزائر كشريك موثوق واستراتيجي في المنطقة توجيهات صارمة لتسريع عمليات صيانة وتجهيز البواخر مولوجي تُبرز جهود الدولة في التكفل بذوي الاحتياجات الخاصة وزير العدل: مشروع قانون الإجراءات الجزائية حماية للمال العام والاقتصاد الوطني سايحي يدعو إلى تكثيف الجهود لتحسين التكفل بمرضى السرطان وتوسيع مراكز العلاج وزير التجارة يؤكد على ضرورة تطوير آليات العمل الرقابي لمواكبة تحولات السوق مجاهد: نجاح الجزائر يكمن في تعاملها مع القضايا بالمبادئ لا بالمصلحة أزيد من 20 شركة روسية تستكشف السوق الجزائرية في منتدى أعمال مشترك فرنسا تغازل أحفاد النازيين.. ما القصة؟ الجزائر تستعدُّ لاحتضان مؤتمر إفريقي هام الأضاحي المستوردة.. الأولوية للفئات المعوزة وأصحاب الدخل المحدود حصيلة مروعة.. 39 قتيلا في حوادث المرور خلال أسبوع وزير الاتصال: "التكوين أساس تشكيل جبهة إعلامية تدافع عن الوطن" هذا موعد انطلاق الطبعة الثالثة للصالون الإفريقي للأعمال بوهران وزارة التربية تواصل سلسة جلسات دراسة وتدقيق اقتراحات المنظمات النقابية المعتمدة شنقريحة: العلاقات الجزائرية-الرواندية نموذج للتنسيق السياسي في الدفاع عن إفريقيا اللغة الأمازيغية.. دعم متزايد لإصدارات في مختلف المجالات الثقافية عرقاب: الجزائر تُشجع التحول نحو نموذج طاقوي مستدام ومتكامل في إفريقيا الغموض يخيّم على واغادوغو.. حملة اعتقالات تفضح صراع أجنحة في جيش بوركينا فاسو