دخل الرئيس الحالي جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب في تربّص مُغلق وحصص تدريبية وتحضيرات مُكثّفة، تمهيدا للمناظرة الرئاسية المُبرمجة بينهما في الـ 27 جوان الجاري، في أتلانتا بولاية جوريجيا.
وقبل ما يزيد قليلا عن أربعة أشهر على انتخابات الـ 5 نوفمبر 2024، ستكون المهمة الأساسية لبايدن خلال المواجهة المتلفزة على شبكة “سي أن أن”، إظهار الاختلافات بينه وبين خصمه دونالد ترامب، وإقناع الأمريكيين بقدرته على قيادة البلاد لفترة رئاسية ثانية، بينما يتوقّع فريق حملته الانتخابية هجمات عدوانية على قوته البدنية والعقلية، وسجله في الاقتصاد والهجرة غير النظامية وسياسته الخارجية، وبالأخص تلك المتعلقة بالحرب الصهيونية على قطاع غزة.
دخل الرئيس الديمقراطي جو بايدن البالغ من العمر 81 عاما، في فترة من الاستعدادات المكثفة، في منتجع “كامب ديفيد”، خلال نهاية الأسبوع الماضي، تحضيرا للمناظرة الرئاسية، الأكثر أهمية منذ عقود، وسط مخاوف فريق حملته الذي يُدرك أنه لا يستطيع تحمّل نتائج أداء مخيب، أمام منافسه الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترامب.
ومن جانبه، يتوجّه دونالد ترامب، البالغ من العمر 78 عاما، والذي يتمتع بثقة عالية، مدعومة بحماس مناصريه الذين يتوافدون لتجمعاته الانتخابية بالآلاف، إلى مقر إقامته في ولاية فلوريدا، خلال الأسبوع الجاري، لحضور اجتماعات خاصة كجزء من عملية تحضيرية غير رسمية للمناظرة.
ومع بداية العد التنازلي للمناظرة الرئاسية الأولى لانتخابات 2024، والتي تُنظّمها شبكة “سي أن أن” بأتلانتا في ولاية جورجيا، الخميس المُقبل، يتداول رواد مواقع التواصل الإجتماعي في الولايات المتحدة، مقاطع فيديو تُسلّط الضوء على تقدّم بايدن في السن، وتراجع لياقته البدنية والذهنية، ما يجعل من المناظرة فرصة لإثبات أنه لا يزال مؤهّلا للمنصب، وسانحة لتسليط الضوء على التناقض مع شخصية الرئيس السابق وسياساته، والتأكيد على المخاطر التي يشكّلها ترامب على سيادة القانون والديمقراطية الأمريكية، حسب ما يراه الديمقراطيون.
ولأول مرة منذ أشهر، قلّل الرئيس جو بايدن، الأسبوع الماضي، من تفوّق خصمه الرئيس السابق دونالد ترامب في بعض استطلاعات الرأي، التي أظهرت تقدّمه بفارق 0.1 نقطة مئوية على المستوى الوطني، كما أظهر استطلاع أجرته شبكة “فوكس نيوز”، الأربعاء الماضي، أنّ هناك تحوّلا بمقدار 7 نقاط لصالحه منذ مارس الماضي، وبينما كان ترامب يتقدّم بـ5 نقاط قبل ثلاثة أشهر، أصبح بايدن الآن يتقدّم بنقطتين.
بايدن لا يملك مفاتيح الولايات الحاسمة
التحسّن الطفيف الذي سجّلته معدلات قبول الرئيس جو بايدن، لا يرقى لتذليل صعوبات كبيرة تعترض طريق تحقيقه مكاسب أوسع من شأنها أن تضعه في وضع أكثر أريحية، خاصة في الولايات المتأرجحة التي أثببت انتخاباتها التمهيدية قبل أسابيع، أنّ شريحة واسعة من الديمقراطيين غير راضية على آدائه، وغير راغبة في منحه تذكرة العودة إلى البيت الأبيض في الـ 20 جانفي 2025، تاريخ تنصيب الرئيس الأمريكي المُقبل.
وفي ولايتي ميشيغان وويسكونسن، التي قاد فيها العرب والمسلمون الأمريكيون حملة لمنع انتخاب الرئيس جو بايدن مرة أخرى، احتجاجا على تعاطيه مع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، كان السباق متعادلا بشكل أساسي، بينه وبين خصمه دونالد ترامب، وفي ولاية بنسلفانيا، تمتّع هذا الأخير بفارق طفيف.
وحتى في الولايات المتأرجحة الأخرى، مثل أريزونا وجورجيا ونيفادا، يتخلّف بايدن على ترامب، وفقا لنتائج استطلاعات موقع “Fivehirtyeight.com” – موقع متخصّص في رصد توجّهات الناخبين الأمريكيين – ويعتبر جلّ المحللين السياسيين التمسك بمعظم الولايات السابقة الذكر، أمرا حاسما للاحتفاظ بالبيت الأبيض.
ولإنقاذ حظوظ فوزه في الاقتراع العام المزمع إجراؤه في الـ 5 نوفمبر المُقبل، سيتعيّن على الرئيس جو بايدن، استغلال المناظرة الرئاسية للظهور في شكل الزعيم الحكيم والثابت، المُناقض لـ “الفوضى والانقسام” التي يُمثّلها الرئيس السابق دونالد ترامب – على حد تعبيره – كما يُنتظر أن تتمحور تدخلات بايدن حول سياسات ترامب السابقة، وأبرزها إلغاء “الحق في الإجهاض” المعروف بـ “رو ضد وايد” في عام 2022، والذي خلّف صراعا اجتماعيا كبيرا في البلاد، واستغله الديمقراطيون آنذاك كورقة انتخابية ساعدتهم على تحقيق انتصارات حاسمة في انتخابات التجديد النصفي.
في المقابل، سيعمل الرئيس السابق دونالد ترامب على إظهار الفوارق في القدرة الذهنية والبدنية بينه وبين بايدن، ويحاول إثبات أنّ خصمه الذي لا يكبره سوى بـ3 سنوات و7 أشهر، لا يتمتع بما يكفي من اللياقة لقيادة البلاد لفترة رئاسية ثانية.
الملف الاقتصادي وما يحمله من أهمية بالنسبة إلى الناخبين الأمريكيين، سيكون أيضا محل نقاش وسجال بين المترشحين الأوفر حظا في الرئاسيات المُقبلة، حيث يُنتظر أن يستغل الرئيس السابق دونالد ترامب، ارتفاع مستويات التضخم وتضرّر القدرة الشرائية للأمريكيين، لضرب حظوظ خمصه وقلب الناخبين على سياسته الاقتصادية.
وأطلقت الحملة الانتخابية للرئيس جو بايدن، حملة إعلانية تلفزيونية جديدة بقيمة 50 مليون دولار، تستهدف ناخبي الولايات المتأرجحة، وتُصوّر الرئيس السابق دونالد ترامب على أنه مُجرم مُضطرب، ويأتي ذلك في أعقاب إدانة هذا الأخير في المحكمة الجنائية في ولاية نيويورك بتهمة تزوير وثائق تجارية لإخفاء دفع أموال مقابل صمت ممثلة “أفلام البالغين” ستورمي دانيلز.
وكإستراتيجية مُماثلة، قال الرئيس السابق دونالد ترامب وسياسيين جمهوريين آخرين، إنّ الأداء الجيد للرئيس الحالي جو بايدن في المناظرة الرئاسية، سيكون بسبب استخدامه نوعا من الأدوية ومعززات الأداء، وسبق لترامب التصريح بأنّه سيشترط إجراء اختبار يكشف عدم تعاطي خصمه أيّ نوع من العقاقير لتعزيز لياقته البدنية والذهنية ودعم قدرته على الصمود في مناظرة ستدوم 90 دقيقة.