استقالات جماعية في صفوف جنرالات المحرقة.. غزة تنهي زمن النياشين المزيّفة!

في قصة من تراث الوهم الذي يمكنه أن يغرّر بصاحبه، فينفخ فيه من العدم وحتى من “النهيق” قوة بلا سند، يروى من تاريخ “الغاب”، أنّ أسدا هاجم قطعانا من “الحمير” بإحدى المناطق المعزولة، وأنزلهم بين صريع وجريح، إلا حمارا واحدا، تجرّأ “ناهقا” من شدة الخوف الذي اعتراه وهو يرى ما حلّ برفاقه، ليتفاجأ وسط “نهيق” خوفه، أنّ “زئير” الأسد خف، كما أنّ “الأسد” الهصور تراجع إلى الوراء في “خوف” لم يتوقعه الحمار المرعوب، الذي استجمع شجاعة “النهيق” وتقدّم من الغضنفر متحديا زئيره لخافت بنهيق أكبر، وهو ما دفع الأسد إلى إعطاء قدميه للريح في فرار غريب، شجّع “الناهق”، لأن يطارده بحثا عن بطولة وتاريخ، في سجلات أنّ للأحمرة ملاحم أيضا..

الحمار الناهق وأمام زهوه بملحمة حمار يطارد أسدا، ظلّ يجري وراء “السبع” اللاهث، من ربوة إلى أخرى، ومن سهل إلى آخر، وكله إصرار على أن يأت به حيا إلى “فصيلته”، حتى ينهي زمن الخوف والرعب، ويعلم أقرانه، أنّ “النهيق” سلاح أقوى من الزئير، لكن المفاجأة التي رسا عليه مزاد “النهيق”، أنّ اصطدم الحمار في نهاية “جريه” بتوقّف الأسد الفار “ضاحكا”،  وهو ينظر إلى الحمار محاصرا وسط عدد من الأسود، لحظتها عرف الناهق نهايته، واكتشف كم كان غبيا حينما وقع في “المصيدة”، لكنه وقبل أن يستسلم لقدر أنّ النهيق نهيق والزئير زئير، سأل الأسد: لماذا هربت مني كل هذا المسافة إذا؟

فما كان من الأسد إلا أن أجاب ساخرا: لقد راهنت فصيلي على أن أئتيهم بغدائهم حيا، وهو الذي حدث مع “بطل” النهيق في رواية الغابة، وكذا مع حكاية “نتنياهو” وجنرالات الكيان الصهيوني في ملحمة غزة، حين ركب الكيان الصهيوني “هودج” عملية “السيف الحديدي” ردا على زئير كان هو طوفان الأقصى، ليتدافع قادة وجنرالات الكيان معلنين “النهيق” في وهم “نفير” لمطاردة المقاومة، لتكون الصدمة والمفاجأة غير المتوقعة، أنّ رحلة صيد الأسود، من طرف جنرالات وقادة جيش الاحتلال، انتهت بذات “الحوافر” الأربعة، إلى الغرق في مستنقع غزة، ولسان حال الجنرالات ومن خلفهم “نهيق” نتنياهو وأمريكا وطبول الغرب والعرب الخاذلين: كيف انتهينا أحمرة وسط مأدبة أسود، وبين أنياب مقاومة، أنهت خرافة، أنّ لـ”إسرائيل” جيش وتاريخ و”سيف” حديدي، يمكن أن يلوح به “النهيق” في وجه الزئير؟

في اعتراف وإقرار بفشل “إسرائيل” عسكريا وسياسيا وعلى كافة الأصعدة، لم يتردّد الجنرال والخبير العسكري الإسرائيلي المتقاعد “إسحاق بريك” أن يعلن مؤخرا، خيبته من المآل الذي انتهت إليه مغامرة نتنياهو في غزة، حيث ردّد قائلا: “يجب أن تدركوا أننا خسرنا بالفعل”، داعيا بذلك حكومة نتنياهو، إلى إنهاء الحرب والاعتراف بالخسارة بدلا من المكابرة بالنهيق في وجه “زئير” مقاومة، صنع الفارق في طوفان الأقصى، كما سجّل الانتصار في صمود غزة، لينهي بذلك “خرافة” الترميم التي أراد من خلالها جيش الكيان أن يرقّع بها “قوّته”، فإذا بساحة غزة صمودا وتضحية، توثّق الهزيمة الصهيونية وتجعل من “إسرائيل”، ظاهرة نهيق أرادت أن تصطاد زئيرا، لتكون النتيجة التي صدمت العالم بشرقه وغربه، أنّ 200 يوم من الوحشية والهمجية والتآمر الدولي، تمخّضت على أنّ الثبات والأرض والزئير “غزة”، أما “النهيق” فهي حوافر أحمرة، توهّمت أنّ تراجع الأسد، كان فرارا، فهرولت ناهقة إلى حتفها، حيث المأدبة، لم تكن في نهاية أمرها إلا عارا يسمّى “إسرائيل”، ظلّ ناهقه نتنياهو ومن خلفه جو بايدن وقادة الغرب، يروّجون للنصر، فإذا النصر كله، أن عرّت الإبادة الإنسانية وجه العالم وأمريكا ومعهما “خرافة” تسمّى “إسرائيل”، أو القوة التي لا تقهر، لكنها قهرت، وتم تمريغ أنف جيشها و”سيفها الحديدي” في التراب.

في نزيف عسكري على جبهات القتال، حيث معركة الوهم الصهيوني، لم تكن إلا “قصفا”، استهدف الأبرياء، وفي تأكيد على أنّ الهزيمة الإسرائيلية، كانت وليمة أسود في مائدة المقاومة،  التي جرّت “النهيق” إلى حتفه في ساح غزة، فإنّ الحدث الأكبر الذي وثّق أيّ منتهى رسا عليه مزاد الانهيار الإسرائيلي، ليس ذلك التهاوي السياسي في البورصة “اليهودية” حول مزاعم “محرقة” تاريخية لشعب الله المختار، ولكن في “نزيف” داخلي، طال البيت العسكري الصهيوني ذاته، والضربة القاضية، لم تكن إلا رمي رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الصهيوني للمنشفة، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي عن استقالة الجنرال “أهارون حاليفا”، في اعتراف من رئيس شعبة الاستخبارات بجيش الكيان، بفشله الذريع، ليس فقط في التنبأ بطوفان الأقصى ولكن في تحقيق نصر حقيقي ضدّ المقاومة، رغم كل الدعم والتآمر العربي والغربي، ولنا أن نتصوّر أن تكون نهاية من خدم في الجيش لثمانية وثلاثين سنة، أن يعلنها استقالة في عزّ الحرب المسعورة، منهيا بذلك مسيرة 38 سنة من الخدمة، بعار هزيمة، كان طوفانها أقصى، كما كانت نهاية مسارها، احتراق نياشين جنرال بحجم رئيس شعبة الاستخبارات في جيش الكيان، والذي فتح “فراره” من ساحة المعركة، الباب واسعا أمام جنرالات آخرين، على رأسهم، قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي اللواء “يهودا فوكس”، الذي ذكرت قناة “كان”، التابعة لهيئة البث الإسرائيلية الرسمية، اعتزامه الاستقالة من منصبه، وذلك بعد ساعات من استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية.

وهو ما يكشف، حالة النزيف التي انتهى إليها جيش الكيان بعدما يفوق نصف عام من وهم “النهيق” الذي طارد الزئير في ساحة الصمود، فإذا بالنهاية ما يراه العالم من انهيار تام للعبة “الفزاعة” الشرق أوسطية، التي زرعتها أمريكا، ولا زالت تحاول حمايتها، في محاولة أخيرة وبائسة منها لإنقاذ ما تبقى من حلم الاستمرار لدويلة الكيان، لكن بين تلك المحاولات الأمريكية والغربية والأعرابية وما يجري في الواقع، فإنه لا نتنياهو ولا بايدن ولا حتى المحفل العالمي للصهيونية، يمكنهم أن يلغوا حقيقة، أنّ غزة كانت “فخ” الأسد الذي جرّ حوافر “النهيق” إلى حتفها، بعد أن صحا العالم على احتراق “الخرافة” ومن نفخ في “كيرها” وقوة “صكها” ونهيقها..

الغريب في مرحلة الأفول التي يعيشها كيان هجين استنفذ كل مبررات استمراره ليس فقط في غزة ولكن في فلسطين كلها، أنّ أمريكا ومن خلال زهايمر “جو بايدن”، لا زالت تكابر رافضة واقع الهزيمة الذي اعترف به قادة “إسرائيل” أنفسهم، وذلك من خلال موجة الاستقالات التي طالت قيادات الجيش المهزوم، وطبعا لا تفسير لذلك الموقف الأمريكي الرافض لأي وقف للحرب، سوى أنّ البيت الأبيض أخرج الصراع من طبيعته العسكرية، إلى كونه صراع عقائدي بحت، كشفه تصريح رئيس البرلمان الأمريكي مايك جونسون، حين كرّر قناعته مؤخرا مصرحا أنّ: “إسرائيل” حليف بالغ الأهمية لنا، وأنّ الوقوف معها هو وصية إنجيلية”..

تصريح صادم من أعلى هرم في السلطة الأمريكية، لكنه يوضّح الصورة الحقيقية لماهية الصراع، كما يكشف الأبعاد الحقيقية لرفض أمريكا للاعتراف بنكسة “إسرائيل”، التي تعني بالضرورة، انكسار صليبي على جدران القدس وذلك وفق منطق، أنّ حرب الكيان اليوم، حربا دينية بالوكالة عن صليب لا زال هو تاريخ أمريكا وأوروبا وكل أحقاد الغابرين من زمن ريتشاد قلب الأسد..

آخر الكلام، غزة، هزمت “إسرائيل” أمنيا واستخباراتيا وعسكريا وسياسيا والأكثر من ذلك نفسيا، بعد أن ضربت الذات اليهودية في العمق، مستهدفة مكوّنها المتمثل في المستوطنين والمهاجرين وحتى “رجال الدين”، وهو ما كشف ليس فقط النزيف الذي يعيشه جيش الاحتلال قادة وجنودا، ولكن ما يسمّى بـ”المجتمع الإسرائيلي” ذاته، حيث ذكر موقع “أورينت” الفرنسي، أنّ طلبات الإسرائيليين للحصول على جوازات سفر “غربية” تضاعفت بأكثر من خمسة مرات في الآونة الأخيرة، وقد بلغ التعداد 5 ملايين جواز سفر أوروبي، وهو ما يؤكّد أي حال ومآل انتهى إليه “المجتمع الإسرائيلي”، الذي دخل في رحلة البحث عن البديل بحثا عن اختفاء وتبدّد داخل المجتمعات الأخرى، وذلك بعيدا عن خرافة “إسرائيل الكبرى” وأحلام الهيكل ومزاعم إمبراطورية من النهر إلى البحر، وكل ذلك، لأنّ “غزة”، ومن خلال طوفانها وأقصاها، كانت المصيدة التاريخية التي أعادت ترتيب الواقع وفق حقيقة أنّ الزئير يبقى زئيرا وأنّ “نهق” العالم كله، كما أنّ زمن الأمر الواقع تجاوزته حقائق الهرولة اليهودية بين أصقاع العالم، بحثا عمن يعيد لوهم “إسرائيل” صورة الحلم الموؤود..

أسامة وحيد - الجزائر

أسامة وحيد - الجزائر

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
شبح الإعدام يلاحق الرئيس المعزول.. الخروج عن المسار في كوريا الجنوبية يعني النهاية المظلمة الأرض تهتز في ولاية المدية شاحنات محملة بالوثائق السرية.. إدارة بايدن تحزم أمتعتها تحت جنح الظلام التعديلات العشوائية على سكنات "عدل" قد تجر صاحبها إلى السجن وقف إطلاق النار.. غزة تفرض منطق الميدان الجزائر- السنغال.. نحو تعزيز التعاون الثنائي مشروعا قانونيْ الأحزاب والجمعيات.. رؤية جديدة لمستقبل الحياة السياسية في الجزائر وقف إطلاق النار في قطاع غزة.. هكذا علقت الجزائر المساعدات الفرنسية المزعومة.. عطاء وفق قاعدة: "خذها ولكن أبقِها عندي" لائحة الأمن في البحر الأحمر.. لهذا السبب امتنعت الجزائر عن التصويت! أحوال الطقس.. أمطار وثلوج على هذه المناطق بعد الكرة الذكية والملعب الذكي.. ماذا بقي من لعبة بيليه ومارادونا؟  بعد إعلان وقف إطلاق النار في غزة.. ترامب يطلق تصريحات اجتماع الحكومة.. مشاريع قطاع الري على طاولة العرباوي وزارة الدفاع.. إرهابي يُسلم نفسه إلى السلطات العسكرية ببرج باجي مختار قوجيل: فرنسا هي من تحتاج الجزائر أكثر وليس العكس تطورات الوضع في اليمن.. الجزائر تترأس اجتماعا لمجلس الأمن لضمان استقرار السوق في رمضان.. استيراد 28 ألف طن من اللحوم أول شركة ناشئة تقتحم السوق المالي.. ماذا يعني إطلاق تداول أسهم "مستشير" في بورصة الجزائر؟ سيكون من أحسن المطارات في إفريقيا.. فتح سوق حرة بمطار الجزائر الدولي قريباً