في تصعيد جديد للأزمة المتواصلة بين الجزائر وباريس، دعا وزير العدل الفرنسي جيرالد دارمانان إلى اتخاذ إجراءات إضافية ضد الجزائر، وذلك بعدما رفضت السلطات الجزائرية، مساء أمس الاثنين، استلام قائمة بأسماء مواطنين جزائريين مبعدين من الأراضي الفرنسية.
ورأى دارمانان خلال لقاء مع قناة TF1، أن “رفض الجزائر استعادة نحو 60 من مواطنيها المستهدفين بإجراءات الطرد “ليس إهانة”، مؤكدا تأييده الكامل لـ”الرد التدريجي”، الذي يدافع عنه زميله وزير الداخلية، برونو روتايو، بعد هذا الرفض الجزائري.
Tensions avec l’Algérie : “Ce n’est pas une humiliation (…) L’Algérie doit entendre la volonté de la France (…) Je suis tout à fait favorable à la riposte graduée (..) Il faut rappeler notre ambassadeur et mettre fin aux visas diplomatiques”, @GDarmanin#BonjourLaMatinaleTF1 pic.twitter.com/RCrk4sXqft
— TF1Info (@TF1Info) March 18, 2025
ودعا إلى استدعاء السفير الفرنسي لدى الجزائر ما دام أن السفير الجزائري غادر فرنسا منذ أشهر عدة، مشيرا إلى “ضرورة إنهاء جوازات السفر الدبلوماسية التي تمنح الحق في القدوم إلى فرنسا للعلاج أو التسوق”.
كما لم يستبعد وزير العدل الفرنسي إعادة النظر في اتفاقيات 1968، قائلا: “لكن لننتظر رد الجزائر”.
وقال: “قبل أن نمس المواطنين العاديين، علينا أولا استهداف القادة السياسيين والاقتصاديين”.
ورغم “لحظات التوتر المؤسفة جدًا”، كما قال، دعا دارمانان إلى “الحوار” مع الجزائر، هذا “البلد الكبير” الذي “تهمنا حدوده”.
وأضاف: “الدبلوماسية تعني التحدث إلى أشخاص لا نتفق معهم”، مشددا على أنه “سيكون من الضروري في يوم من الأيام إقامة علاقة واتفاق مع الجزائر”، لكنه استدرك قائلا: “لكن هذا لا يعني أننا يجب أن نكون ساذجين”.
وقد بدأت بالفعل المرحلة الأولى من هذه الخطوات، مساء أمس الاثنين مع تعليق اتفاقيات 2007 المتعلقة التي يتم بموجبها إعفاء حاملي جوازات السفر الدبلوماسية الجزائرية والجوازات المهمة من التأشيرات للدخول إلى فرنسا.
وقال وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو: “يؤسفني أن الجزائر ترفض تطبيق القانون الدولي.. كما قررت اللجنة المشتركة بين الوزارات برئاسة رئيس الوزراء، سيتم البدء في “الرد التدريجي”.
Je regrette que l’Algérie refuse d’appliquer le droit international.
Comme l’a décidé le Comité Interministériel sous la présidence du Premier Ministre, une riposte graduée sera engagée.
— Bruno Retailleau (@BrunoRetailleau) March 17, 2025
معالجة قضايا الإبعاد لا يتأتى بقرارات أحادية من الجانب الفرنسي
أكدت الخارجية الجزائرية، أمس الاثنين، رفض الجزائر استلام قائمة فرنسية تضم أسماء مواطنين جزائريين مبعدين من الأراضي الفرنسية، ودعت السلطات الفرنسية إلى الالتزام بالقنوات المعمول بها بين المقاطعات الفرنسية والقنصليات الجزائرية المختصة، مع التأكيد على ضرورة دراسة هذه الحالات بشكل فردي.
وأعربت الجزائر، وفق بيان الخارجية، عن “رفضها للمقاربة الانتقائية التي تنتهجها فرنسا في التعامل مع الاتفاقيات الثنائية والدولية”، مؤكدة أن “أي معالجة لقضايا الإبعاد يجب أن تتم وفق الإجراءات المتفق عليها، وليس بقرارات أحادية من الجانب الفرنسي”.
كما ذكّر الرد الجزائري بأن “اتفاقية العلاقات القنصلية لعام 1974 تظل الإطار المرجعي الأساسي في هذا المجال، ولا يمكن تنفيذ بروتوكول عام 1994 بشكل منفصل عنها”، مبرزًا أن “ضمان حقوق المواطنين الجزائريين هو الأساس في أي إجراء”.
أزمة غير مسبوقة
ويأتي هذا التطور في سياق توتر دبلوماسي شديد بين باريس والجزائر، حيث تُعد هذه الأزمة من أخطر الأزمات الدبلوماسية بين البلدين منذ استقلال الجزائر عام 1962، بعد تفاقم التوتر بفعل تشابك ملفات حساسة تتعلق بالسياسة، والذاكرة التاريخية والهجرة.
فيما فاقم اعتقال الكاتب بوعلام صنصال منتصف نوفمبر الماضي من حدة الخلاف، بعد محاكمته على خلفية تصريحات اعتُبرت مساسًا بسيادة الجزائر أدلى بها لصالح وسيلة إعلام يمينية متطرفة معروفة في فرنسا.