في هذا الحوار، يتحدّث سفير دولة أذربيجان لدى الجزائر “تورال أنار أوغلو رضاييف” لـ”الأيام نيوز”، عن عمق العلاقات التاريخية بين الجزائر وأذربيجان – بمناسبة مرور 30 عاما على إقامة العلاقات بين البلدين – ويركّز السفير على الجهود المشتركة لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، مع التأكيد على تطوير العلاقات الاقتصادية وتعزيز التبادل الثقافي والسياحي. وفيما يتعلق بالدور الدبلوماسي للجزائر في المنطقة، يشدّد السفير على دعم الجزائر للقضية الفلسطينية ودورها الفعّال في الدفاع عنها، داعيا – في سياق حديثه – إلى ضرورة تعزيز فعالية منظمة الأمم المتحدة في مجال التعامل مع القضايا الدولية بشكل عادل ومتساوٍ.
الأيام نيوز: كيف تقيّمون العلاقات بين الجزائر وأذربيجان وما هو واقع هذه العلاقات؟
سعادة السفير: مرحبًا بكم في سفارة أذربيجان، بيتكم الثاني. نحتفل اليوم بمرور 30 عامًا على تأسيس العلاقات بين الجزائر وأذربيجان، وكذلك باليوم الوطني وذكرى مرور 106 أعوام على تأسيس جمهورية أذربيجان في 28 ماي 1918، التي دخلت بعد عامين من ذلك التاريخ تحت حكم الاتحاد السوفياتي لمدة 70 عامًا، ثم تم استعادة الاستقلال التام عام 1991.
❝
شعراء أذربيجان كتبوا قصائد حول الثورة الجزائرية،
ومن بينهم جدتي التي ألفت أشعارا
حول المجاهدة جميلة بوحيرد
❞
تجمع الجزائر وأذربيجان علاقات تاريخية تعود إلى القرن الرابع عشر، عندما انتقل الكثير من التركمان إلى الجزائر. وخلال فترة الاتحاد السوفياتي، كتب الشعراء الأذربيجانيون قصائد حول الثورة الجزائرية، ومن بينهم كانت جدتي التي كتبت شعرًا للمجاهدة جميلة بوحيرد.
أيضًا، كان هناك تعاون في مجال النفط، إذ ساهم الجيولوجي موسى علييف في اكتشاف حقول نفط جديدة في الجزائر، وقد استُقبل من طرف الرئيس الراحل هواري بومدين. هذا دون نسيان تلك الأفلام الموجودة حاليًا لدى الأرشيف الجزائري والتي توثّق مراحل هذا التعاون.
كما أنّ الملحن الأذربيجاني رؤوف حاجييف، قدّم أعمالًا موسيقية للجزائر، أبرزها باليه “الثورات الثلاث” عام 1970، ثم باليه “الشعلة” وباليه “الحرية”، وهناك أيضًا الكثير من الجزائريين الذين درسوا في الجامعات الأذربيجانية خلال عهد الاتحاد السوفياتي، وعملوا بعد ذلك في الجزائر كمهندسين وخبراء.
الأيام نيوز: ما هي أولويات جمهورية أذربيجان في علاقاتها الدبلوماسية مع الجزائر وأهم التطلعات والاهتمامات؟
سعادة السفير: لدينا علاقات تاريخية مع الجزائر مرت بثلاث مراحل: القديمة ومرحلة الاتحاد السوفييتي والمرحلة الحديثة. حاليًا، تربطنا علاقات ممتازة، ونسعى جاهدين إلى تطويرها بفضل الإرادة السياسية المشتركة بين البلدين، وهو ما يتجلى من خلال العديد من الزيارات المتبادلة بين الجانبين، منها زيارة الرئيس إلهام علييف إلى الجزائر في عام 2022.
❝
الجزائر بلد جميل يتميز بساحله الواسع
ومساحته الكبيرة وصحرائه الشاسعة
❞
بالإضافة إلى زيارة رئيس البرلمان الأذربيجاني ووزير الطاقة إلى الجزائر في عام 2023. كما زار الوزير الأول الجزائري أذربيجان في العام ذاته. وخلال العام الجاري، زار وزير الطاقة الجزائري، بالإضافة إلى رئيس المحكمة العليا الذي وقّع اتفاقيات تعاون. مع العلم أننا سنستضيف أيضًا قمة المناخ COP 29 في نوفمبر القادم. وبشكل عام، تجمعنا علاقات ممتازة مع الجزائر ونسعى إلى تعزيزها باستمرار.
الأيام نيوز: سعادة السفير، هل يمكنكم إطلاعنا على أهم المشاريع الثنائية بين الجزائر وأذربيجان حاليا أو في المستقبل؟
سعادة السفير: لدينا علاقات سياسية جيدة مع الجزائر، لكن العلاقات الاقتصادية بين البلدين لا تزال غير كافية. هناك إمكانات كبيرة لتطوير هذه العلاقات في مجالات النفط والغاز. وتمتلك أذربيجان قدرات زراعية وسياحية كبيرة، إذ تتميز بـ9 أقاليم مناخية تساعد على ازدهار السياحة على مدار العام. من جهة أخرى، تعد الجزائر بلدًا جميلًا يتميز بساحله الواسع ومساحته الكبيرة وصحرائه الشاسعة. كل هذه العوامل تفتح آفاقًا واسعة لتطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
الأيام نيوز: هل هناك فرص للاستثمار في أذربيجان بالنسبة إلى المستثمرين الجزائريين؟
سعادة السفير: حاليًا، العلاقات الاقتصادية بيننا ليست كبيرة، لكن هناك مشاريع قادمة في مجالات النفط والغاز والسياحة، ما يعكس وجود إرادة سياسية قوية. وبالمقابل، يجب أن تكون هناك إرادة من المستثمرين، خاصة في القطاع الخاص، ونحن مستعدون تمامًا للتعاون في هذا المجال.
الأيام نيوز: ما هي أبرز المبادرات التي تتبناها سفارة أذربيجان في الجزائر لتعزيز التعاون في مجالات الثقافة والسياحة والتعليم العالي؟
سعادة السفير: تاريخيًا، لدينا علاقات متميزة في مجال التعليم العالي، إذ درس العديد من الجزائريين في الجامعات الأذربيجانية خلال فترة الاتحاد السوفياتي، خصوصًا في مجالات النفط والغاز. في المستقبل، يمكننا التفاهم على برامج لتبادل الأساتذة والطلاب لتعزيز هذه العلاقات.
❝
رغم البعد الجغرافي بين الجزائر وأذربيجان
إلا أن القلوب تظل متقاربة
❞
فيما يخص السياحة، فقد تم توقيع اتفاقية لمنح التأشيرات لحاملي جوازات السفر الرسمية، ونتطلع إلى التوصل لتفاهمات بشأن جوازات السفر العادية لتشجيع السياحة بين البلدين. حاليًا، يمكن طلب الفيزا إلكترونيًا ويتم قبولها في غضون يوم أو يومين. ورغم البعد الجغرافي بين بلدينا، إلا أنّ القلوب متقاربة.
الأيام نيوز: كيف ترون دور الجزائر الدبلوماسي في المنطقة وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية؟
سعادة السفير: كما تعلمون، كانت أذربيجان دائمًا عضوًا فعالًا في منظمة عدم الانحياز ومنظمة التعاون الإسلامي بجانب الجزائر التي تُعتبر داعمًا أساسيًا للقضية الفلسطينية، وتشغل حاليًا منصب عضو غير دائم في مجلس الأمن، وتقوم بدورها بفعالية في الدفاع عن هذه القضية.
❝
الجزائر تقوم بدورها – من خلال مجلس الأمن –
بفعالية في الدفاع عن القضية الفلسطينية
❞
ومع ذلك، يبقى السؤال حول فعالية منظمة الأمم المتحدة بشكل عام بسبب هيكليتها وقوانينها وطريقة اتخاذ القرار في مجلس الأمن. هناك ازدواجية في المعايير في التعامل مع القضايا الدولية؛ على سبيل المثال، تم تنفيذ قرار مجلس الأمن بشأن ليبيا بشكل مباشر وسريع، بينما هناك قضايا أخرى، مثل النزاع بين أذربيجان وأرمينيا، إذ تم إصدار أربعة قرارات بدون تطبيق فعلي. وينطبق الأمر ذاته على القضية الفلسطينية.
الأيام نيوز: كلمة أخيرة سعادة السفير؟
سعادة السفير: شكرًا جزيلاً لكم على هذه الفرصة لتوجيه رسالة إلى الشعب الجزائري. نود أن نهنئه بمناسبة مرور 30 عامًا على إقامة العلاقات الودية بين الجزائر وأذربيجان. نتمنى للجميع دوام التوفيق والازدهار والصحة والسلام. كما ندعوهم بشدة إلى زيارة أذربيجان، التي نعتبرها بلدهم الثاني، لاكتشاف جمالها وثقافتها الفريدة.