تشهد شعبة تصنيع اللوازم والأدوات المدرسية زيادة لافتة في الاستثمارات خلال السنوات الأخيرة، ما سمح برفع حصة الإنتاج المحلي في السوق الوطنية وتحقيق الاكتفاء الذاتي في بعض المواد.
وأجمع متعاملون اقتصاديون في هذه الشعبة في تصريحات صحفية، على أن الإصلاحات التي شهدتها منظومة الاستثمار في الجزائر وتحسن مناخ الأعمال خلال السنوات الأخيرة من جهة، وسياسة ضبط الواردات من جهة أخرى، سمحت بالتوجه أكثر نحو الإنتاج الوطني للوازم والأدوات المدرسية لتلبية الطلب في السوق الوطنية بإمكانيات محلية.
وفي هذا الصدد، أكد مسير مؤسسة “ماب ستاسيونري” (Mab Stationery) لتجارة الجملة للأدوات المدرسية، عبد الرحمن مزياني، أن حصة الإنتاج الوطني للمستلزمات المدرسية شهدت ارتفاعًا ملحوظًا مقارنة بالسنوات الماضية، ما ساهم في وفرة المعروض وانخفاض الأسعار.
وأشار مزياني إلى أن أزيد من نصف مخزونات شركته الكائنة مقرها بالعفرون (ولاية البليدة) مكونة حاليًا من منتجات وطنية، في حين كان الاستيراد يهيمن على السوق الوطنية في السنوات الماضية.
وأوضح في هذا السياق أن معاينة السوق (إنتاج المصانع المحلية والاستيراد) تُظهر أن المنتجات الوطنية صارت تغطي الاحتياجات بشكل كامل في عدة أدوات من بينها المسطرة والمنقلة، في حين أن اللوحات المدرسية بمختلف أنواعها تُنتج محليًا بنسبة تتجاوز 95%.
يُضاف إلى ذلك المحفظات المدرسية والمقلمات التي تشهد زيادة في الإنتاج المحلي، حيث تمثل -حسب قوله- 30% من المعروض في السوق. كما أن الصناعة الوطنية تشهد أيضًا ارتفاعًا ملموسًا في الإنتاج وتحسنًا في الجودة في العديد من المنتجات الأخرى مثل الأوراق الملمترية والشفافة، العجينة، والسيالات والكراريس، حسب المسير.
من جهته، أكد مسير شركة “فابس” (FABS) لصناعة الأدوات المكتبية والمدرسية، وليد أولاد داوود، أن الحيوية التي تشهدها القطاعات الصناعية في البلاد حفزت على زيادة الجهود لتلبية الاحتياجات الوطنية كمرحلة أولى، قبل التوجه نحو أسواق جديدة. وكشف في هذا السياق أن شركته التي تتخذ من غرداية مقرًا لها بدأت في التصدير لعدة دول من بينها موريتانيا، ليبيا، تونس، والسنغال.
وتنتج الشركة عدة أنواع من المستلزمات المدرسية في وحداتها الصناعية الموجودة بكل من غرداية، البليدة، بومرداس، والجزائر العاصمة، من بينها أقلام الكتابة (السيالات)، المماحي، الصبورات، أوراق الرسم، الدفاتر، والمصنفات، وذلك بنسب إدماج متفاوتة يجري العمل على رفعها مستقبلاً، حسبما أكده المتحدث.
أما نائب المدير العام لشركة “الهلال” المختصة في تحويل الورق، عثمان مشراق، فقد أكد أن التسهيلات الممنوحة في السنوات الأخيرة لفائدة الشعبة سمحت للمتعاملين فيها بتوسيع نشاطهم، مما أدى إلى تحقيق فائض في الإنتاج فيما يتعلق بالكراس المدرسي.
وتسعى الشركة لرفع طاقتها الإنتاجية من خلال إدخال وحدتي إنتاج جديدتين في مجال الكراس المدرسي ورزم الورق، مما سيتيح لها الاستجابة لأي زيادة في الطلب في السوق المحلية والتوجه نحو التصدير.
ووفقًا لأرقام وزارة التجارة وترقية الصادرات، فإن السوق المحلية للأدوات المدرسية شهدت تحول أكثر من 25 مستوردًا إلى منتج في الفترة الأخيرة. وعليه، فقد ارتفع عدد المنتجين المحليين إلى 66 منتجًا موزعين عبر التراب الوطني، يضمنون حصة تقدر بـ15 إلى 20% من السوق الوطنية للمستلزمات المدرسية، والتي كانت تشهد هيمنة شبه تامة للاستيراد قبل سنوات.
وسمحت وفرة المنتجات المدرسية بفضل زيادة الإنتاج الوطني بتراجع أسعار الأدوات المدرسية بنسبة تقارب 20% مقارنة بالسنة الفارطة، حسب المصدر نفسه. هذا مع العلم أنه تم في 20 أوت الماضي إطلاق ما لا يقل عن 182 تظاهرة اقتصادية لبيع الأدوات المدرسية على المستوى الوطني، بمشاركة نحو 1600 متعامل اقتصادي.
وكانت وزارة التربية الوطنية, قد نشرت المدونة الرسمية للأدوات المدرسية للسنة الدراسية 2025/2024, بالنسبة إلى المراحل التعليمية الثلاث, سعيا منها لترشيد اقتناء المستلزمات المدرسية وتجسيد الإجراءات المتعلقة بتخفيف المحفظة المدرسية.
وتأخذ هذه المدونة بعين الاعتبار –وفق بيان للوزارة- “البعدين البيداغوجي والاجتماعي من جهة, والبعد الصحي للوقاية والحد من الأضرار التي قد تؤثر على صحة التلاميذ من جهة أخرى”, كما تهدف إلى “عقلنة استغلال الأدوات المدرسية, لاسيما منها الكراريس التي يبقى جزء كبير منها غير مستغل في نهاية السنة الدراسية, بالإضافة إلى ترشيد اقتناء المستلزمات المدرسية والتقليص من تكلفة هذه الأدوات”.
وبالمناسبة دعت الوزارة القائمين على القطاع إلى السهر على “نشر هذه المدونة على مستوى جميع المؤسسات التعليمية, وبكل الوسائل المتاحة, وذلك بغرض تمكين الأساتذة من الاطلاع عليها والتقيد بها, كما طالبت مديري مؤسسات التربية والتعليم إلى ضمان متابعة تنفيذها”.
وكان وزير التجارة وترقية الصادرات, الطيب زيتوني, قد أكد الشهر الماضي، اتخاذ كافة التدابير لتمكين المواطنين من اقتناء اللوازم المدرسية بأسعار “معقولة”، فقد صرح بأنه سيتم فتح ما لا يقل عن 182 سوقا جواريا لبيع الأدوات المدرسية على المستوى الوطني, في إطار السنة الدراسية 2024/ 2025, بغرض الحد من الوسطاء ومحاربة المضاربة وضمان البيع المباشر للوازم المدرسية للمواطنين بأسعار معقولة.
كما لفت زيتوني إلى أن دائرته الوزارية قامت بتحسيس متعاملي القطاع بـ”ضرورة تخفيض الأسعار وهوامش الربح”, مشيرا إلى أن “الكثير من مستوردي ومصنعي الأدوات المدرسية تقبلوا هذا الأمر, و قرروا خفض أسعارهم بنسبة 15 إلى 20 بالمائة, ما سيساهم في الحفاظ على القدرة الشرائية لأولياء التلاميذ”.
وأضاف أنه “في حال الإبلاغ عن زيادات في الأسعار فإن وزارة التجارة ستكون ملزمة بالتدخل لحماية المستهلك, حتى لو كان ذلك من خلال تسقيف أسعار الأدوات المدرسية المطروحة في السوق الوطنية لخفض العبء عن كاهل العائلات”. وفي ذات السياق, نوه الوزير بالجهود المبذولة خلال السنوات الأخيرة لتشجيع الإنتاج الوطني من الأدوات المدرسية والمساهمة بالتالي في تخفيض فاتورة الاستيراد. وذكر في هذا الصدد أنه تم منح أزيد من مائة ترخيص لمتعاملين اقتصاديين لإنتاج اللوازم المدرسية بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من بعض الأدوات ذات الاستثمار المنخفض.
