أبرز الأستاذ والباحث في الشؤون الدولية، عبد الرحمان بوثلجة، أنّه ومنذ بداية الحرب الشعواء التي يشنها الاحتلال الصهيوني الجائر ضد أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزّة، ونحن نرى ونلاحظ في كل مرة ذلك الخطاب المُثبط عندما يتعلق الأمر بإنجازات المقاومة الفلسطينية، وفي الوقت ذاته لا نكادُ نسمع حتى ذلك الصوت الخافت أو المنعدم في غالب الأحيان اتجاه الجرائم وحرب الإبادة الجماعية التي ينتهجها الاحتلال في القطاع، وهذا الأمر ربما لم يكن متوقعاً لدى الجمهور العربي العريض، إلا أنّ هذه الحرب العدوانية المتواصلة منذ نحو تسعة أشهر على التوالي، فضحت هذه الأنظمة العربية العميلة والمتواطئة والتي أصبحت عدوا للفلسطينيين وقضيتهم العادلة أكثر من الصهاينة في حدّ ذاتهم.
وفي هذا الصدد، أوضح الأستاذ بوثلجة في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أنّ المغرب وعدّة دول أخرى ممّن انتهجت مسار التطبيع وكشرّت عن خصومتها للفلسطينيين ومقاومتهم الباسلة، لم يكن بوسعها إلا السير وراء أمريكا والكيان الصهيوني لأنها وبكل بساطة كانت قد وقعت في وقتٍ سابق على اتفاقيات سلبت منها سيادتها وإرادتها الحرّة وأصبحت هذه الأنظمة تسير خلف الكيان الصهيوني ومن ورائه الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية الاستعمارية دون أن يكون لها موقف أو مجرد رأي حتى.
في السياق ذاته، أشار محدثنا إلى أنّ تجرأ نظام المخزن المغربي على السماح لسفينة عسكرية صهيونية بالرسو في موانئه وتموينها بالوقود والطعام، قبل دخولها الأراضي الفلسطينية المحتلة، تصرف يفضح مدى تواطؤ هذا النظام المخزني الصهيوني مع الاحتلال الصهيوني الجائر في عدوانه السافر على قطاع غزّة، وفي نفس الوقت نجد أنّ هناك الكثير من المغاربة الشرفاء الذين ينددون بما يحصل، ويتجلى ذلك من خلال الإعلام ومختلف منصات التواصل الاجتماعي، والتعبير صراحةً عن آرائهم واعتبار ما يقوم به المغرب والأنظمة الشبيهة له بالعمالة وبالتواطؤ، وأصبح هؤلاء اليوم يعبرون عن ذلك بكل شجاعة وجرأة ويصفونه بالتواطؤ المفضوح ضد المقاومة الفلسطينية الباسلة في قطاع غزة وفي نفس الوقت يعتبرونه عمالةً للكيان الصهيوني والداعمين له.
على صعيدٍ متصل، تحدث الباحث في الشؤون الدولية، عن قيام أحد الحكام العرب المطبعين بطلب الحماية من قوات أمريكية، بعدما ازدادت وتيرة الاحتجاجات الشعبية التي تطالب وتدعو للوقوف مع الشعب الفلسطيني، والتنديد بما يرتكبه الاحتلال الصهيوني من مجازر مروعة وجرائم حرب مكتملة الأركان بحق الأبرياء والمدنيين العزل في القطاع، وفي الوقت نفسه سمعنا عن انعقاد اجتماع بإحدى العواصم الخليجية حضره بعض قادة الجيوش المطبعة إلى جانب قائد جيش الكيان الصهيوني هيرتسي هليفي قاتل الأطفال والنساء، الأمر الذي يعتبر وصمة عار أخرى على جبين هؤلاء المطبعين البائعين للذمم دون حتى أن يقبضوا الثمن.
أصبحنا اليوم أمام نقطة اللاعودة..
وأردف محدث “الأيام نيوز” قائلا: “إنّ كل هذه المعطيات تضعنا أمام حقيقة أننا أصبحنا اليوم أمام نقطة اللاعودة، بعد أن اتضحت أخيراً المواقف التي تدعم الفلسطينيين بكل ما تستطيع سواء من خلال الجهود الديبلوماسية أو من خلال المواقف السياسية أو من خلال تقديم الدعم المادي وفي نفس الوقت لاحظنا موقف تلك الدول المطبعة التي تثبط من عزيمة المقاومة الفلسطينية بل أكثر من ذلك تحاول شيطنة المقاومة الفلسطينية من خلال قنواتها الإعلامية والحديث عن أن يحيى السنوار زعيم المقاومة في قطاع غزة لا يريد إيقاف الحرب لأسباب شخصية وأنه لا يأبه للمدنيين الذين يسقطون في هذه الحرب، وفي نفس الوقت هي تحاول أن تظهر بأنها تدعم الفلسطينيين من الناحية الإنسانية لكن الأيام كشفت بأن كل ذلك كان كذبا وتضليلا وفي حقيقة الأمر هي لا تريد لا دعم الفلسطينيين ولا يهمها دماء الفلسطينيين بقدر ما يهمها رضى الكيان الصهيوني الدول الاستعمارية الداعمة له”.
إلى جانب ذلك، أفاد الأستاذ بوثلجة، بأنّ هناك أملاً كبيراً في المقاومة الفلسطينية التي تستبسل من خلال العمليات الجهادية النوعية التي تقوم بها على أرض الميدان ضد الكيان الصهيوني على طول مساحة قطاع غزة، وكذلك دعم الدول العربية والإسلامية الشقيقة للشعب الفلسطيني، الواضحة في مواقفها على غرار ما تقوم به الجزائر في مجلس الأمن وكذا الدعم الذي قدمته مؤخرا للأونروا هذه المنظمة التي تساعد الفلسطينيين من الناحية الإنسانية والتي يرفض الكيان الصهيوني التعامل معها بل ينوي ويسعى جاهداً إلى تصنيفها كمنظمة إرهابية، إضافةً إلى دولة إيران التي تجهر بدعمها للمقاومة رغم محاولات البعض جعلها هي العدو و”إسرائيل” هي الصديق وهو موضوع الاجتماع الذي عُقد في إحدى الدول الخليجية في وقتٍ سابق.
هذا، وتحدث الباحث في الشؤون الدولية، عن دعم عدة دول أخرى عبر مختلف مناطق العالم في إفريقيا وأمريكا الشمالية وحتى في أوروبا وحتى دعم فئة مهمة من الأمريكيين وهم الطلبة والأساتذة في الجامعات الأمريكية وكل أحرار العالم للحق الفلسطيني، كل هذا يجعل الأمل قائماً بأن تحقق المقاومة الفلسطينية النصر المبين ويُهزم هذا الكيان المستبد الذي سيؤول إلى زوال بعدما أصبح معزولا في العالم ما عدا في الدول المتواطئة معه على غرار نظام المخزن، وأنظمة هذه الدول التي تخضع لضغوط اللوبي الصهيوني في العالم من خلال استخدام مختلف الوسائل بما فيها الأموال والإعلام وغيرها.
وفي ختام حديثه لـ “الأيام نيوز”، أكّد الأستاذ بوثلجة أنّ ما تُحققه المقاومة الفلسطينية الباسلة من إنجازات وانتصارات على أرض الميدان، في تصديها لقوات الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه الهمجي على قطاع غزة، في حقيقة الأمر لن تروق أبدا لهذه الدول الداعمة للمشروع الصهيوني، بدايةً بالمغرب الذي يُقال عبثًا بأن ملكه هو رئيس لجنة القدس، وصولاً إلى الإمارات التي كانت قد نددت وبصفة علنية بما قامت به المقاومة الفلسطينية بتاريخ السابع من أكتوبر الماضي، وهي التي ساوت ما بين الشعب الفلسطيني الأعزل الذين لا يملك السلاح وبين المستوطنين الصهاينة المسلحين، وبالتالي فإن انتصار المقاومة في فلسطين هو انتصار لمواقف الدول الداعمة لحركات التّحرر في العالم والمساندة للشعوب في تحقيق استقلالها وتقرير مصيرها.