كلمة غزاوي -أي أنّك من أهالي قطاع غزّة- كلمة لها دلالة شؤم واشمئزاز لدى العديد من الدّول العربية لا سيما المطبّعة منها رغم أنّ أهل قطاع غزّة لم يصدر منهم أيّ إساءة تجاه الدّول العربية بل العكس من ذلك فهم ممّن ساهموا في بناء العديد من الدّول بكفاءات علمية رصينة عالية المستوى من مدرّسين مميّزين ومهندسين حاذقين وأطبّاء أكفاء ومستشارين.. إلخ.
لكن الماكينة الإعلامية الصّهيونية المسيطرة على أغلب وسائل الإعلام العربية وأغلب الأجهزة الأمنية المرتبطة بأجندات خارجية أسّست ورسّخت تعاملات مسيئة لكلّ غزّاوي. معاملات يندى لها الجبين وتشمئزّ لها القلوب وتعافها النفوس. معاملات تتّسم بالغلطة والجفاء وسوء الأدب.
وعلى سبيل المثال يمنع الغزّاوي من دخول أيّ دولة عربية إلّا بعد معاناة شديدة ومشقّة وعذاب وطول انتظار لا يعلم مداه إلّا الله.
وإذا ما دخل بعض الدّول فهو بين عدّة مسارات مؤلمة إمّا المنع من الدّخول رغم حصوله على إذن مسبق أو التّحقيق معه أو الدّخول كمجرم حرب حيث يحجر عليه في المطار لعدّة أيّام في غرفة تفتقر لأبسط مقوّمات الحياة ثمّ يسمح له بمواصلة السّفر تحت حراسة مشدّدة في حافلات سيئة.
كما يتعرض الغزّاوي لسوء معاملة حال مراجعته لأيّ مؤسّسة من المؤسّسات الحكومية رغم ولادته ونشأته في تلك البلاد.
وما أن يكشف عن هويته للموظّف حتّى تجد هذا الأخير قطب جبينه وكشّر عن أنيابه وقال بنبرة حادّة: (أنت غزّاوي) وكأنّه مخلوق منبوذ مغاير لسائر البشر وخلاصة الإجابة الفجّة (غير مسموح).
إضافة إلى حرمانه من كافّة الوظائف ومن أغلب المهن ومن كافّة حقوقه كإنسان حتّى وصل الأمر إلى درجة أن الشّاب الغزّاوي إذا تقدّم لخطبة فتاة وعلم أهلها أنّه غزّاوي أعرضوا ونأوا عنه لما يعانيه من مشاكل لا ناقة له فيها ولا جمل سوى أنّه غزّاوي.
حتّى جاء اليوم السّابع من أكتوبر عام 2023 يوم استطاعت ثلّة من العزازوة الأشاوس الأبطال كسر شوكة اليهود وهزّ كيانهم، يومها أفقدوا الكيان الصّهيوني مكانته وهيبته وثقته بأنفسهم حيث انهارت منظومتهم الأمنية.
ذلك اليوم المجيد الذي أسّس لمرحلة جديدة للقضيّة الفلسطينية التي أريد لها أن تصبح مهمّشة ونسيًا منسيًا.
هذه الثلّة الغزّاوية المجاهدة عرّضت الكيان لهزّة عنيفة أفقدته صوابه ممّا جعله يتخبّط يمنة ويسرة وينتقم من الأطفال والنّساء وتدمير البيوت والمساجد والمدارس والجامعات والمعاهد والمستشفيات ويقترف جرائم شنيعة، جرائم نازية، جرائم شوّهت سمعته وأفقدته مكانته لدى العديد من دول العالم الحر، كلّ ذلك بسبب ثلّة قليلة من أهل قطاع غزّة.
وأختم بكلمة قالها غزّي مع بداية المعركة حيث قال:
“أمريكا تحرّك أساطيلها من أجل حماية اليهود من أهل غزة.. ألمانيا فرنسا إيطاليا وبريطانيا والعديد من الدّول الغربية تقف بجانب الكيان الصهيوني لحمايته من أهل قطاع غزّة. الإمدادات العسكرية والمستشارون والقادة والرؤساء كلّهم يشاركون اليهود من أجل مواجهة المقاومة في قطاع غزّة. كلّ هذا الحشد والإمدادات والمساعدات من أجل مواجهة المقاومة المحاصرة في غزّة. والله ثمّ والله ما كنت أعلم أنّ أهل غزّة بهذا البأس وبهذه القوّة وبهذه المنعة فأنا أفتخر أنّني من غزّة وأرفع رأسي عاليًا أنّني غزّاوي”.
أيّها الغزّاوي اِعلم أنّه لا يْرمى بالحجارة إلّا الشّجر المثمر واعلم أنّك إذا تعرّضت إلى أذى فاعلم أنّك شخص مميّز مثمر ناجح ويكفيك فخرًا صمودك أمام قوى الشّر مجتمعة مع مجموعة ساقطة من المنافقين المطبّعين الموالين لليهود لمدّة سبعة أشهر لم ينالوا من صمودك ورباطة جأشك وقوّة شكيمتك شيئًا ولم يتحقّق لليهود غاية ولم ترفع لهم راية فأنت أنت يكفيك أن يكون اسمك غزّاويًا اسم شرف وفخر وعزّة وأنفة وتاجًا على رؤوس الجميع.