أكدت الدكتورة مروي جواد، المختصة في التسويق، في تصريح لـ «الأيام نيوز”، أن التسويق المالي يعد ركيزة أساسية في تحفيز الاستثمار وجذب المستثمرين، وذلك عبر بناء الثقة، وزيادة الوعي الاستثماري، وتبسيط مفاهيم الأسواق المالية.
وأوضحت جواد أن الفرق بين التسويق المالي والتسويق التقليدي يكمن في أن الأول يركز على الاستثمارات طويلة الأجل، ويستند إلى تحليل عميق للسوق ودراسة سلوك المستثمرين، بينما يعتمد التسويق التقليدي على استراتيجيات ترويجية قصيرة الأمد تستهدف زيادة المبيعات في فترات محددة.
وأضافت أن الأسواق المالية العالمية تعتمد بشكل كبير على استراتيجيات التسويق المالي من خلال حملات إعلانية مدروسة، وتقارير تحليلية شاملة، وتنظيم فعاليات مالية تُبرز الفرص الاستثمارية، مما يجعل الأسواق أكثر جاذبية ويساهم في زيادة تدفقات رأس المال نحو البورصات.
وأوضحت الدكتورة جواد أن التسويق المالي يمتد إلى خلق بيئة مالية أكثر شفافية، حيث يساعد على تقديم المعلومات المالية بوضوح وبطريقة مبسطة، مما يتيح للمستثمرين اتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة. وأضافت أن الترويج الفعّال للاستثمارات المالية يساهم في تحسين الصورة العامة للأسواق المالية، إذ يُمكّن الشركات المدرجة من التواصل بفعالية مع المستثمرين وتعزيز ثقتهم بأدائها المالي. كما أكدت أن الدول التي نجحت في استقطاب الاستثمارات إلى أسواقها المالية هي تلك التي اعتمدت على استراتيجيات تسويق مالي فعالة، تعزز من وعي المستثمرين، وتوفر لهم الأدوات اللازمة لفهم طبيعة المخاطر والعوائد المحتملة.
وأوضحت الدكتورة جواد أن ضعف الثقافة الاستثمارية في الجزائر يُعزى جزئيًا إلى غياب التسويق المالي الفعّال، حيث تفتقر السوق الجزائرية إلى مبادرات واضحة تُبرز فوائد الاستثمار في الأسهم مقارنة بالخيارات التقليدية مثل العقارات والذهب. وأضافت أن هذا الغياب للحملات الترويجية المؤثرة يجعل سوق الأسهم أقل جاذبية للمستثمرين الأفراد، الذين لا يرون فيها خيارًا واضحًا لتنمية مدخراتهم.
كما أكدت أن من بين العوامل التي تؤثر سلبًا على السوق المالية الجزائرية انخفاض مستوى الوعي الاستثماري ومحدودية السيولة، وقلة عدد الشركات المدرجة، وهو ما يقلل من ديناميكية السوق وقدرتها على استقطاب مستثمرين جدد.
وأضافت أن غياب الترويج الفعّال للفرص الاستثمارية في السوق الجزائرية يؤدي إلى زيادة عزوف المستثمرين عن البورصة، حيث لا توجد حملات تعريفية كافية تشرح للمواطنين كيف يمكنهم الاستفادة من الاستثمار في الأسهم كبديل عن الادخار التقليدي.
وأوضحت أن الدول التي تمكنت من تحفيز مواطنيها على الاستثمار في الأسواق المالية قامت بإطلاق مبادرات تعليمية وترويجية لرفع مستوى الوعي الاستثماري، وهو ما تفتقر إليه الجزائر حاليًا. كما أكدت أن المستثمرين الجزائريين غالبًا ما يعتمدون على مصادر تقليدية في إدارة أموالهم، وهو ما يستدعي ضرورة تطوير استراتيجيات تسويقية جديدة لجعل الاستثمار في البورصة خيارًا أكثر وضوحًا وجاذبية.
كيف يمكن للتسويق المالي إنعاش البورصة الجزائرية؟
وأضافت الدكتورة جواد أن تجاوز هذه التحديات يتطلب من الشركات المدرجة في البورصة تبنّي استراتيجيات تسويق مالي أكثر ديناميكية، مثل نشر تقارير مالية شفافة ومنظمة، وعقد اجتماعات دورية مع المستثمرين لتعزيز التواصل وبناء الثقة، والاستفادة من وسائل الإعلام التقليدية والرقمية لعرض الفرص الاستثمارية بطريقة أكثر إقناعًا.
وأوضحت أن تعزيز ثقة المواطنين في سوق الأسهم الجزائرية يتطلب التركيز على ثلاثة محاور رئيسية هي الشفافية المالية، والتثقيف الاستثماري، وإطلاق حملات إعلامية تبرز قصص نجاح المستثمرين المحليين، مما يخلق بيئة استثمارية أكثر أمانًا ويشجع على المشاركة الفعلية في السوق.
وأكدت أن الشفافية المالية تلعب دورًا حاسمًا في طمأنة المستثمرين وتعزيز ثقتهم في البورصة، حيث أن نشر تقارير مالية واضحة يمكن أن يساعد المستثمرين على اتخاذ قرارات مبنية على معطيات دقيقة، بدلاً من الاعتماد على التكهنات والشائعات. وأضافت أن التثقيف الاستثماري يعد عاملاً رئيسيًا في تطوير السوق المالية، حيث يمكن للحملات التوعوية أن تشرح للمستثمرين كيفية الاستثمار بذكاء في الأسهم وتفادي المخاطر المحتملة. كما أوضحت أن إطلاق حملات إعلامية تركز على قصص النجاح يمكن أن يكون وسيلة فعالة لتحفيز المواطنين على دخول السوق المالية، خاصة عندما يرون نماذج حقيقية لمستثمرين محليين تمكنوا من تحقيق عوائد جيدة عبر الاستثمار في الأسهم.
التسويق الرقمي ..
وأكدت الدكتورة جواد أن التسويق الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي أصبحا عنصرين أساسيين في نشر المعرفة الاستثمارية، حيث توفر هذه المنصات تفاعلًا مباشرًا مع الجمهور، وتسمح بتقديم محتوى تعليمي وترويجي يعزز ارتباط المستثمرين بالأسواق المالية.
وأضافت أن الاعتماد على المنصات الرقمية يتيح إمكانية الوصول إلى شريحة واسعة من المستثمرين المحتملين، كما أنه يسهل توضيح مفاهيم الاستثمار بلغة بسيطة ومفهومة للجميع. كما أوضحت أن التسويق الرقمي يمكن أن يكون أداة قوية في تقليل الفجوة بين السوق المالية والمستثمرين الأفراد، حيث يمكن تقديم المعلومات المالية عبر مقاطع فيديو تفاعلية، وندوات مباشرة، ومقالات مبسطة تسلط الضوء على أهم الفرص الاستثمارية.
وأضافت أن التجارب الدولية أثبتت أهمية التسويق المالي في إنعاش الأسواق المالية، مستشهدة بتجربة ماليزيا التي استخدمت برامج تعليمية وحملات تسويق مبتكرة لتنشيط سوقها المالية، وتجربة الإمارات التي طورت استراتيجيات تسويق مالي تعتمد على الترويج الرقمي وحوافز المستثمرين.
وأوضحت أن الجزائر يمكنها الاستفادة من هذه التجارب عبر تبنّي استراتيجيات تسويق مالي متكاملة تشمل التوعية، والشفافية، وتحفيز الشركات على الانخراط في جهود تسويق السوق المالية، مما سيخلق بيئة استثمارية أكثر جاذبية واستدامة.