التصوير بالأشعة في المستشفيات.. هذا ما يقترحه المختصون لإنهاء معاناة المرضى

أصبح العلاج أو التصوير بالأشعة ـ على مستوى المستشفيات العمومية ـ مسألة تؤرّق المرضى الذين يجدون أنفسهم في رحلة بحث مضنية، قد تطول لأشهر في انتظار موعد بالمستشفى، وإلا فإنهم سيضطرون إلى تحمل دفع مبالغ لا يطيقونها لدى العيادات الخاصة، وبالمقابل فإن وزارة الصحة تسعى إلى تغطية هذا العجز المُرتبط بنقص الأطباء الأخصائيين في الأشعة بالمستشفيات أكثر مما هو مرتبط بالأجهزة والمعدات.

قطاع الصحة في الجزائر الذي تحرص الدولة على الارتقاء به من خلال إصلاحات عميقة لمعالجة الخلل القائم عبر تحديث المنظومة والاعتماد على أدوات للتخطيط والتقييم، ومراقبة التسيير المالي والإداري، عرف خلال السنوات الأخيرة اهتماما من قبل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون والوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن  اللذين يؤكّدان في كل مناسبة على معالجة ازدواجية نقص التجهيزات والأطباء لاسيما المختصين منهم، إلا أن ذلك يحتاج إلى مراقبة دورية وتحيين بما أن معدلات الإصابة بأمراض بعينها في منحنى تصاعدي ولاسيما الأمراض الخبيثة كالسرطان.

إجراءات وتدابير

وعليه، فقد أخذت الوزارة على عاتقها معالجة هذه الثنائية ووضع حدّ لهجرة الأطباء، لاسيما من خلال المبادرة بتحسين الوضعية المهنية والاجتماعية لمُستخدمي الصحة، واعتماد إجراءات وتدابير في إطار تحسين الخدمات الصحية المقدّمة للمواطن، هذا الأخير الذي يشدّد الرئيس شخصيا على تمكينه من كل حقوقه الدستورية بما في ذلك العلاج المجاني.

هذا فيما أعلن ـ مؤخرا ـ وزير الصحة عبد الحق سايحي أمام البرلمان عن إمضاء عقود لمدة 6 أعوام مع الأطباء الأخصائيين المتخرّجين الجدد للعمل في ولايات الجنوب، بغية الحدّ من مشكل نقص الأخصائيين على مستوى المؤسسات الصحية لهذه الولايات.

الأكيد أن وضع مرضى السرطان من نقص الدواء ونقص العلاج الإشعاعي بالمستشفيات، طُرح كثيرا أمام وزيري الصحة والإنتاج الصيدلاني في أكثر من مناسبة حين أكد المسؤولان حرصهما على العمل لتحقيق انفراج في الوضع، بالرغم من أن المشكل اليوم مقترن أيضا بالتصوير الإشعاعي على مستوى المستشفيات العمومية، إذ يجد المريض نفسه أمام خيار التوجّه إلى العيادات الخاصة لسبب قد يرتبط بالمعدات، أو غياب الطبيب المختص، وهو أمر يمسّ بالخدمات الصحية والعلاج المجاني المكفول قانونا.

وفي هذا الموضوع، قال عضو لجنة الصحة بالمجلس الشعبي الوطني حمزة حيدرة، إن مشكلة عدم تمكين المرضى من إجراء فحص أشعة على مستوى المستشفيات العمومية يكمن أساسا في نقص الأطباء الأخصائيين الموزعين على مستواها، نظرا لعدة اعتبارات تتعلق بنزوح الكثير منهم إلى القطاع الخاص متذرّعين بالوضعية المهنية والاجتماعية غير المُحفزة بالنسبة إليهم، لاسيما ما تعلّق بالسكن الوظيفي بما أن أغلبهم يلتحق بالمستشفيات من مناطق بعيدة، وكذا الراتب الشهري الذي لا يُلبّي تطلعات هذه الفئة مقارنة بما يعرضه القطاع الخاص من عيادات خاصة ومراكز طبية.

سبيل أوحد

كما أكد حيدرة، في اتصال مع «الأيام نيوز»، على أن نقص الكادر البشري ـ فيما يخصّ التقنيين المتخصّصين في استخدام وإصلاح أجهزة الأشعة، وما تقتضيه في بعض الأحيان من إجراء مناقصات قد تؤجل العملية إلى أسابيع أو أكثر من شهر ـ هو سبب آخر يُعطّل علاج المريض، بالإضافة إلى عدم تفعيل نصوص قانونية قد تخفّف من نقص الأطباء الأخصائيين على مستوى المستشفيات العمومية.

كما أن المريض الذي يطلب منه الطبيب إجراء أشعّة، يبقى رهين وضع مأساوي لاسيما وأنه سيجد نفسه أمام عيادة خاصة لإجراء الأشعة بمبالغ كبيرة ـ يؤكد حيدرة الذي شدّد على ضرورة الوقوف على المشاكل الحقيقية وإيجاد الحلول كسبيل أوحد من أجل تحسين الخدمات الصحية لفائدة المواطن المريض.

وعليه، طالب البرلماني الوصاية بضرورة تحسين الوضعية المهنية والاجتماعية للأطباء الأخصائيين من خلال توفير الشروط اللازمة لضمان استمرارية عملهم على مستوى هذا القطاع، مع تفعيل النص القانوني الخاص بإلزام الأطباء الأخصائيين في الأشعة ـ التابعين للقطاع الخاص ـ بالعمل لساعات على مستوى المستشفيات العمومية، وهذا عبر تعليمة صادرة عن مدير الصحة بالولاية، مثلما هو معمول به في بلدان العالم، قصد ضمان تقديم الخدمة الصحية لطالبي الأشعة، فيما أكد على ضرورة استكمال مسار رقمنة قطاع الصحة لحلحلة كل المعضلات التي تواجه فاعلي الصحة والمرضى.

معادلة مختلّة

واقترح البرلماني، استحداث نص قانوني يُلزم الأطباء الأخصائيين في هذا المجال على العمل لمدة 10 سنوات بالمستشفيات العمومية، ثم السماح لهم بعد ذلك بفتح عيادات خاصّة، من أجل إنهاء حالة النزوح العشوائي الذي تجاوز ـ حسبه ـ المعقول وعمّق حالة النقص بالقطاع العام التي يدفع ضريبتها المريض، وخلصَ في الأخير إلى القول بأن الأجهزة الخاصة بالأشعة متوفّرة عموما بمستشفيات الدولة، إلا أن المعضلة تكمن أساسا في عطلها أو في عدم وجود الطبيب المختص بالرغم من توفر المعدات اللازمة، ليبقى المريض الحلقة الأضعف في هذه المعادلة غير المُنصفة.

وعلى ذات النهج في الطرح، سار رئيس اللجنة الوطنية للطلبة الأطباء بمنظمة الصوت الوطني للطلبة الجزائريين داشر أحمد، حينما أكد أن الأشعة بالمستشفيات العمومية متوفّرة لكن غياب الصيانة الدورية وغياب أهل الاختصاص أمران يؤديان إلى تعطّلها في غالب الأحيان وحرمان المريض منها، كما أن ثمنها يحول دون توفّر الكثير منها كل مرة.

بشأن مشروع إصلاح المنظومة الصحية

كما تأسّف، داشر في تصريح لـ«الأيام نيوز»، عن بقاء استخدام الأشعة في بعض المستشفيات العمومية حكرا على بعض المرضى دون غيرهم، مبرزا أن المطلوب هو التسريع في مشروع إصلاح المنظومة الصحية وإعادة تنظيم المؤسسات العمومية للصحة حسب المصالح والأقسام بما يُصلح علاقة المواطن بالمستشفى.

وبدوره، سجّل الدكتور المختص في الجراحة العامة هشام علام، نقصا في بعض وسائل الأشعة لمساعدة مرضى السرطان بالرغم من مجهودات الدولة فيما يخصّ إعادة تهيئة هذه المصالح على المستوى الوطني، مؤكدا أن مرضى السرطان يواجهون صعوبات حيال هذا العلاج ولاسيما حالات وقف على معاينتها شخصيا، حين اصطدم بانتشار مرض السرطان في جسم المريض الذي لم يأخذ العلاج بالأشعة بسبب موعده البعيد جدا، ما تسبّب في صعوبة التّكفل به وانتشار المرض قبل وصول موعد علاجه بالأشعة.

أما فيما يخصّ باقي مصالح الأشعة على مستوى مستشفيات الوطن، فإن الأمين العام للنقابة الوطنية للأطباء المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للعمال الجزائريين هشام علام، قد دعا ـ في حديثه مع «الأيام نيوز» ـ وزارة الصحة إلى بذل مجهودات كبيرة على مستوى مصالح الأشعة بالمستشفيات، من أجل تمكين المرضى من العلاج بالأشعة وتجنيبهم عناء التنقّل بين المستشفيات، أو حتى المصاريف المُعتبرة لهذا العلاج في القطاع الخاص.

إنهاء سياسة «البريكولاج»

وبعد أن اعترف بنقص في الأطباء الأخصائيين في الأشعة لاسيما وأن دفعة هذه السنة بلغت 150 ستُوزع على 58 ولاية حيث ستستفيد كل ولاية من طبيبين لا يمكنهما تغطيّة ساعات العمل والتّكفل بكل المرضى على مدار 7/7، ومن أجل حلحلة هذه المشكلة المتمثّلة في النقص المسجّل، شدّد الدكتور علام على ضرورة تكفل وزارة العمل والضمان الاجتماعي بتكاليف الأشعة الكبيرة من خلال تعويضها على غرار باقي الأدوية، وهذا من خلال إبرام اتفاقيات بين المستشفيات ومصالح الأشعة الخاصة حتى يكون هناك تسهيلات وعمل مشترك بين القطاعين العام والخاص.

وفي الأخير، أكّد مجدّدا على ضرورة إعادة النظر في الخارطة الصحية بالجزائر بعيدا عن سياسة «البريكولاج»، من خلال التنسيق بين وزارتي الصحة والعمل، وهذا لفائدة المريض أولا ثم الطبيب الذي يجد امتيازات تفوق الـ5000 دولار كراتب شهري في السعودية، و4000 يورو في فرنسا، هذه الأخيرة التي تفتح كل سنة الباب أمام الأطباء الأجانب ولاسيما الجزائريين من أجل الالتحاق بها.

وهيبة حمداني - الجزائر

وهيبة حمداني - الجزائر

اقرأ أيضا