أكد خالد الحاج عياد، أستاذ التربية البدنية ومدرب كرة قدم متحصل على شهادة كاف أ ومتخرج من الجامعة الدولية للرياضة بموسكو، في حوار مع “الأيام نيوز”، أهمية الدمج بين العلوم الرياضية والتكنولوجيا الحديثة لتطوير أداء اللاعبين على المستويين البدني والذهني. كما أوضح دور الدراسات العلمية في تحسين البرامج التدريبية، وناقش تجربته في موسكو التي فتحت آفاقًا جديدة لفهم أساليب تدريب مبتكرة. وأكد أن التكنولوجيا قد تقلص الفجوة بين اللاعبين لكنها لا تعوض الموهبة الطبيعية، مشددًا على أن التكامل بين الإبداع الفطري والتقنيات المتقدمة هو ما يصنع الفارق الحقيقي في كرة القدم الحديثة.
الأيام نيوز: كيف ترى تأثير الدراسات العلمية الحديثة في مجال التربية البدنية على تطوير أداء لاعبي كرة القدم، خاصة على المستوى البدني والذهني؟
خالد الحاج عياد: الدراسات العلمية الحديثة في التربية البدنية أحدثت نقلة نوعية في تطوير أداء لاعبي كرة القدم، سواء على المستوى البدني أو الذهني. من الناحية البدنية، أصبحت البرامج التدريبية أكثر تخصصًا، حيث تستهدف الجوانب الحيوية مثل تحسين القوة العضلية، زيادة قدرة التحمل، وتعزيز المرونة والسرعة بما يتناسب مع متطلبات اللعبة. على الجانب الذهني، وفرت الأبحاث أدوات لفهم تأثير الضغط النفسي على أداء اللاعبين وكيفية التعامل معه. كما ساعدت في تحسين مهارات التركيز واتخاذ القرارات في ظروف صعبة، مما يعزز من استجابة اللاعب في المباريات. هذه الدراسات لا تقتصر على اللاعبين المحترفين، بل تمتد لتشمل الناشئين، مما يضمن إعداد جيل قوي ومتوازن بدنيًا وذهنيًا.
الأيام نيوز: ما الدور الذي تلعبه التقنيات الحديثة، مثل أجهزة قياس الأداء والتدريبات الذكية، في تصميم برامج تدريبية مخصصة لكل لاعب؟
خالد الحاج عياد: التقنيات الحديثة أسهمت بشكل كبير في تطوير برامج تدريبية مخصصة لكل لاعب، مما أحدث نقلة نوعية في عالم التدريب الرياضي. باستخدام أجهزة قياس الأداء مثل GPS وأجهزة تحليل الحركة، يمكن جمع بيانات دقيقة حول المؤشرات الحيوية مثل معدل الجهد البدني، السرعة، واللياقة العامة لكل لاعب. هذه المعلومات تمكن المدربين من فهم نقاط القوة والضعف لدى كل فرد، مما يسمح بتصميم تدريبات تناسب احتياجاته الخاصة. التدريبات الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي تضيف بُعدًا جديدًا، حيث توفر خطط تدريب تفاعلية تتكيف مع تطور اللاعب. النتيجة هي تحسين الأداء الفردي للاعبين وزيادة كفاءة الفريق ككل، مع تقليل مخاطر الإصابات الناتجة عن التدريب غير المناسب.
الأيام نيوز: من خلال تجربتك، كيف يمكن تحقيق التوازن بين العمل البدني المكثف والعمل التكتيكي لضمان تقديم أداء متكامل داخل الملعب؟
خالد الحاج عياد: تحقيق التوازن بين العمل البدني المكثف والعمل التكتيكي يتطلب وضع خطة تدريبية متكاملة تأخذ بعين الاعتبار مواعيد المباريات وحالة اللاعبين. يتم التركيز على العمل البدني المكثف خلال الفترات البعيدة عن المنافسات، حيث تتيح هذه الفترة تعزيز القوة البدنية والتحمل. أما أثناء فترة المباريات، فيتم تخفيف الحمل البدني والتركيز على الجوانب التكتيكية، مثل تحسين تمركز اللاعبين، تنسيق الخطط الهجومية والدفاعية، واتخاذ القرارات داخل الملعب. هذا التوازن يُعد أحد مفاتيح نجاح الفرق، حيث أن التركيز المفرط على الجانب البدني قد يؤدي إلى إرهاق اللاعبين، بينما إهمال التكتيك يضعف الأداء الخططي. والمزج المدروس بين الجانبين يضمن تقديم أداء متكامل ومتوازن في كل مباراة.
الأيام نيوز: كيف أسهمت تجربتك في الجامعة الدولية للرياضة بموسكو في فهمك لأساليب تدريبية مبتكرة يمكن تطبيقها في كرة القدم الحديثة؟
خالد الحاج عياد: كانت تجربتي في الجامعة الدولية للرياضة بموسكو تجربة غنية ومليئة بالتعلم، حيث أطلعتني على أساليب تدريبية متقدمة تعتمد على البحث العلمي والتكنولوجيا الحديثة. تعلمت منهجيات مثل “الجدولة التكتيكية” (Tactical Periodization) التي تركز على تنسيق الجوانب البدنية والتكتيكية في إطار زمني محدد، واستخدام المحاكاة لتحليل أنماط اللعب وتطوير استراتيجيات دقيقة. الانفتاح على ثقافات وخبرات متعددة في موسكو أتاح لي رؤية شاملة تجمع بين الأساليب الأوروبية والروسية، مما وفر لي أدوات مبتكرة لتطوير أداء الفرق بمختلف مستوياتها. هذه التجربة أظهرت أهمية البحث العلمي والتكنولوجيا في تحسين التدريب ورفع كفاءة اللاعبين.
في رأيك، هل يمكن للتكنولوجيا والعلوم الرياضية أن تعوض نقص الموهبة الطبيعية لدى اللاعبين؟ ولماذا؟
خالد الحاج عياد: التكنولوجيا والعلوم الرياضية تسهم في تقليص الفجوة لكنها لا يمكن أن تعوض بالكامل عن نقص الموهبة الطبيعية. اللاعبون الموهوبون يتميزون بصفات فطرية مثل الإبداع، الحاسة التهديفية، والرؤية المميزة داخل الملعب، وهي عناصر يصعب تقليدها أو تحسينها باستخدام التكنولوجيا. ومع ذلك، يمكن للعلوم الرياضية تحسين أداء اللاعبين الأقل موهبة عبر تطوير الجوانب البدنية، التكتيكية، والنفسية، مما يجعلهم أكثر انسجامًا وكفاءة داخل الفريق. سحر كرة القدم يكمن في غموضها وصعوبة توقع نتائجها، وهو ما يجعلها اللعبة الأكثر شعبية عالميًا. في النهاية، التكامل بين الموهبة الطبيعية والتكنولوجيا هو ما يصنع الفارق الحقيقي، حيث يمكن للتكنولوجيا أن تدعم المهارات لكنها لا تستطيع أن تحل محل الإبداع الفطري الذي يميز كبار اللاعبين.