التكنولوجيا تُنصف كرة القدم لكنها تُفقدها المتعة

اعتبر آدم عبد الرحمان زراردي، إعلامي جزائري مقيم في الدوحة ومختص في الرياضة، في تصريح لـ”الأيام نيوز”، أن التقنيات الحديثة مثل تقنية الـVAR  والتحليل الرقمي أحدثت تحولات كبيرة في كرة القدم، مشيرًا إلى أنها رغم تعزيزها للشفافية والعدالة، إلا أنها أثرت على متعة اللعبة وأثارت جدلًا بين المشجعين. كما أكد زراردي على دور الإعلام الرياضي في توعية الجمهور بأهمية هذه التقنيات، مع ضرورة تحقيق توازن في إبراز إيجابياتها وسلبياتها. وأضاف أن التطور التكنولوجي غيّر سلوك المشجعين التقليديين، ما يستدعي توظيفًا مدروسًا لهذه الأدوات لضمان الحفاظ على جاذبية اللعبة عالميًا.

وأكد زراردي، أن التقنيات الحديثة مثل تقنية التحكيم بالفيديو (VAR) والتحليل الرقمي أثرت بشكل واضح على كرة القدم وتفاعل الجمهور مع الأحداث الرياضية. موضحا أن تقنية الـVAR، رغم أهميتها في إعطاء كل ذي حق حقه، إلا أنها أثرت على متعة كرة القدم مقارنة بالفترات السابقة، خاصة بين عامي 2000 و2013، حيث كانت المباريات أكثر إثارة وسرعة دون تدخلات طويلة من التقنيات الحديثة.

وأضاف زراردي أن تقنية الـVAR، التي تُستخدم بشكل فعّال في أوروبا، لم تُعمم بشكل كامل في إفريقيا أو الجزائر، مما يترك المجال لبعض الإشكاليات التحكيمية رغم وجود التقنية. ففي بعض المباريات، يمتد وقت التوقف إلى عشر دقائق أو أكثر للتأكد من صحة قرار تحكيمي، مثل الأهداف أو حالات التسلل، وهو ما يُضعف إيقاع المباراة ويؤثر سلبًا على حماس المشاهد.

وأشار إلى أن الجمهور اليوم بات ينقسم بين مؤيد ومعارض لهذه التقنيات؛ فمن جهة، توفر العدالة والإنصاف للفرق وتقلل من الأخطاء التحكيمية المؤثرة، ومن جهة أخرى، تسلب المباريات جزءًا من المتعة بسبب كثرة التوقفات. كما أن التفاعل الجماهيري أصبح متأثرًا بشكل مباشر بهذه التقنيات، حيث تحوّلت الفرحة اللحظية للأهداف إلى لحظات انتظار وترقب، مما يقتل الحماس في بعض الأحيان.

وأكد زراردي أن التقنية لا تزال في تطور مستمر، لكنها بحاجة إلى تحسينات تجعل استخدامها أسرع وأكثر دقة، بما يضمن استمرار الإثارة التقليدية لكرة القدم ويحافظ على مصلحة المشاهد الذي يُعد العنصر الأهم في هذه الرياضة.

الإعلام الرياضي ودوره في توعية الجمهور بالتقنيات الحديثة

كما أكد الإعلامي الجزائري أن للإعلام الرياضي دورًا حاسمًا في توعية الجمهور بالتقنيات الجديدة المستخدمة في كرة القدم، مشيرًا إلى أن الإعلام أصبح أكثر انفتاحًا وفاعلية في تسليط الضوء على التطورات التكنولوجية الحديثة.

وأوضح زراردي أن الثورة التكتيكية التي أحدثها مدربون كبار مثل بيب غوارديولا، بالاعتماد على أساليب تحليلية دقيقة وخطط معقدة، جعلت من استخدام التقنيات الحديثة أمرًا حتميًا في كرة القدم. الفرق اليوم تعتمد بشكل كبير على محللي الفيديو لدراسة تحركات الفرق المنافسة وتكتيكاتها، وهو ما يُعتبر جزءًا أساسيًا من الاستعداد للمباريات.

وأضاف أن وسائل الإعلام تلعب دورًا كبيرًا في توضيح أهمية هذه الأدوات الحديثة للجمهور، من خلال البرامج التحليلية، البث المباشر، والتقارير الإخبارية، التي تُظهر كيف تؤثر التكنولوجيا إيجابيًا على أداء الفرق وتطوير اللعبة. ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح الوصول إلى المعلومات والفيديوهات أسهل من أي وقت مضى، مما يعزز وعي الجمهور بكيفية استخدام هذه التقنيات.

لكن زراردي أشار إلى أن بعض وسائل الإعلام تميل أحيانًا إلى التركيز على السلبيات، مثل طول فترات التوقف بسبب الـVAR  أو الجدل الذي تُثيره القرارات التحكيمية. ورغم ذلك، فإن الإعلام الجاد والموضوعي يسعى دائمًا إلى إبراز الجوانب الإيجابية للتكنولوجيا، مثل تحسين العدالة وتقليل الأخطاء.

واعتبر زراردي أن الإعلام الرياضي عليه مسؤولية كبيرة في تحقيق التوازن بين إبراز إيجابيات التكنولوجيا وانتقاد سلبياتها، مع التأكيد على دورها في تطوير كرة القدم وتوفير تجربة أكثر دقة واحترافية للفرق والجماهير على حد سواء.

التطور التكنولوجي: بين زيادة جماهيرية كرة القدم وتغيير سلوك المشجعين

وشدد المتحدث على أن شعبية كرة القدم عالمية ولا يمكن أن تتراجع، لأن اللعبة ما زالت تمثل شغفًا كبيرًا للجماهير، لكن التطور التكنولوجي غيّر من طريقة المشاهدة وقلل من ارتباط المشجعين التقليديين بأسلوبهم القديم في متابعة المباريات.

وأوضح أن كرة القدم في الماضي كانت مليئة بالإثارة والمتعة الخالصة، خاصة خلال المواجهات الكبيرة التي جمعت أسماء لامعة مثل ميسي، كريستيانو رونالدو، ودي ماريا في قمم ريال مدريد وبرشلونة، حيث كان الجمهور يتابع المباراة بتركيز كامل دون أي تشتيت. اليوم، ومع دخول التكنولوجيا إلى اللعبة، سواء عبر التحليل الرقمي أو تقنية الـVAR، أصبحت المباريات أكثر مللًا بالنسبة للبعض، حيث فقدت جزءًا من عنصرها العفوي والمثير الذي جذب الجماهير لسنوات.

وأضاف أن التغييرات الحالية أثرت على سلوك المشاهدين، حيث بات من الصعب أن يُتابع أحد مباراة كاملة دون انشغال بهاتفه أو بأمور أخرى. هذا التشتت قلل من التفاعل الحماسي مع المباريات، مما أفقدها جزءًا من جاذبيتها التقليدية. ورغم أن التكنولوجيا تقدم فائدة كبيرة في تحسين الأداء وضمان العدالة، إلا أن الإفراط في استخدامها قد يؤثر سلبًا على تجربة المشاهدة الجماهيرية.

وختم زراردي بأن الحل يكمن في توظيف التطور التكنولوجي بشكل ذكي ومتوازن، بحيث يعزز من تجربة المشجعين ولا يفقد اللعبة روحها التقليدية التي تُعتبر أساس شعبيتها العالمية. مؤكدا أن كرة القدم هي لعبة المشاعر والحماس التي يجب أن تُحافظ على هويتها لجذب الأجيال القادمة.

 

مصطفى بن ميرة

مصطفى بن ميرة

اقرأ أيضا