بسبب غياب القوانين الرادعة في اليمن، تجد ظاهرة التنمّر الالكتروني ـ خاصة ضدّ النساء ـ كل المجال لتتّسع وتتعمّق في مجتمع يتعرّض لحصار عدائي خانق وسط حرب مدمّرة تمّ فرضها عليه.
وتشير إحصاءات رقمية إلى أن المرأة اليمنية تمثّل ـ في بلادها ـ غالبية مستخدمي الإنترنيت الذين بلغ عددهم في يناير من العام المنصرم 8.06 مليون مستخدم، ومع ذلك، فلا تزال المرأة هناك، ضحية عادات وتقاليد تستغلّها فئة من المجتمع لشنّ حملات تشويه هدفها خنق الأصوات النسائية في الفضاء الافتراضي.
الصحفيات عرضة للتنمر
وقالت الصحفية زبيدة نبيل لـ«الأيام نيوز»: إن الصحفيات والناشطات في اليمن – لا سيما في زمن الحرب ـ يتعرّضن للتنمر والتهديد عبر مختلف مواقع السوشال ميديا ما يجعل العديد منهن يقررن العزوف عن هذه المنصات، خشية أن يصيبهن الضرر الجسدي فضلا عن الآثار النفسية التي تعانيها النساء اللواتي يكثّفن حضورهن الافتراضي، وأكدت المتحدّثة أنّ الكثير من الصحفيات يواجهن هجوما مستمرّا لمنعهن من التعبير عن آرائهن، كما أنهن يتعرّضن للسبّ ومختلف أنواع العنف اللفظي في حال تجرأن على نشر صورهن.
آثار سلبية
وفي ظل استمرار موجة تشدّد عارمة ـ في اليمن ـ بلغت إلى حد اعتبار “اسم المرأة عورة” إضافة إلى تلك النظرة الدونية المكرّسة إزاء الفتيات اللواتي ينشطن عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما يجعل الفجوة تتسع بين المجتمع وفضاء التحرر التكنولوجي، فيما يبقى التنمر هو اللغة السائدة بين أطراف أي حوار مفترض، فالرجل يتنمّر على المرأة، والمرأة تتنمّر على بنات جنسها، هكذا يرى المحامي «صلاح القاضي».
ويضيف القاضي لـ«الأيام نيوز» أن مشكلة غياب القوانين التي تضمن مستوى من الحرية للأفراد، فإن الكثير من النساء يلجأن ـ في الفضاء الالكتروني ـ إلى استخدام أسماء مستعارة، لكن غالبية الصحفيات والناشطات لا يمكنهنّ التستّر خلف هويات مزيفة، وهكذا تضطر بعضهن إلى إخفاء ملامحهن بالرموز التعبيرية وما شابه ذلك.
وبحسب منظمة بريطانية فإن التنمر يعرّض المرأة لأضرار نفسية وعاطفية فادحة، وقد يؤدي إلى اكتئاب مزمن وعزلة وقلق واضطرابات ومشاكل مع الأكل النوم وربما التفكير بإيذاء الذات، ولهذا وجب دعم المرأة المتضررة وتشجيعها على تجاوز محنتها بسلام.
التنمر.. أداة للتصحيح
«عائدة ناشر» وهي ناشطة (شبابية) دافعت ـ في حديثها لـ«الأيام نيوز» ـ عن التنمر معتبرة أنه فعل إيجابي لردع الثقافة المغلوطة لدى النساء اللائي برزن في الآونة الأخيرة، فتصدرن منصات التواصل الاجتماعي بشكل يومي وفي مختلف القضايا بعيدا عن التخصص، وهذا ما يسبب ـ حسب قولها ـ في خلق حالة من الفوضى.
وتضيف «ناشر»، إن “أغلب مظاهر التنمّر مسلّطة على النساء اللواتي يحاولن الظهور من أجل الشهرة والثرثرة وليس للحديث عن قضية بغاية الوصول إلى حلول لها”، مشيرة إلى أهمية الحديث عبر هذه المنصات بتخصصية (كل في مجال تخصصه) لتفادى التنمر ما يجعلنا نبتعد عن القيمة الإيجابية لهذه المنصات على الشبكة العنكبوتية.
وتؤكد «ناشر»، أن التنمّر على النساء ـ المدعيات أنهن نشاطات ـ ليس مقتصرا على الرجال، بل نحن النساء نتنمّر على بعض النساء اللواتي حين يظهرن المرأة اليمنية بشكل مستفز لنا.
ملاذ آمن
في هذا السياق تقول الكاتبة النسوية «مرام النهاري» لـ«الأيام نيوز»: إن “مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت ملاذ آمنا للنساء المهتمات بمناصرة قضاياهن، والدفاع عن حقوقهن المسلوبة لا سيما في زمن الحرب، إذ باتت المرأة قادرة اليوم على التعبير عن آراءها السياسية وفتح نقاشات حول شتى الموضوعات الثقافية والفنية والمجتمعية، ونحو ذلك من الأمور التي تتعلق بالوطن وبحياة الإنسان في ظل تفاعلاته مع ما حوله”.
وتضيف «النهاري»، إن: “السوشال ميديا، فضاء واسع هزم مساحات الخوف وقلّص حجم الكبت من قبل السلطات، وحتى إن كان هناك تنمّر لكنه يعدّ تنمّرا افتراضيا محصورا في مجاله ولا أهمية له على أرض الواقع”.
من جهة أخرى، يؤكد الناشط الحقوقي «أيمن الثواب» لـ«الأيام نيوز» أن السوشال ميديا أكسبت المرأة اليمنية تأييدا كبيرا من قبل الرجال الذين نشطوا كداعمين لها، سواء في قضاياها الشائكة أو ما يتعلق بحقوقها أو حضورها المجتمعي الفاعل على كل الأصعدة.