حقّق الرئيس الأمريكي جو بايدن وخصمه الرئيس السابق دونالد ترامب، فوزا ساحقا في الانتخابات التمهيدية الخاصة بأكثر من 15 ولاية، بينما فازت المترشّحة الجمهورية نيكي هيلي، بولاية واحدة فقط، ما دفعها صبيحة أمس الأربعاء، إلى إعلان الانسحاب من السباق الرئاسي.
وأثبتت الانتخابات التمهيدية التي جرت في أكثر من 15 ولاية أمريكية، أو ما يسمّى بـ “Super Tuesday ” الثلاثاء الكبير – بالنظر إلى عدد الولايات التي تنظّم انتخاباتها بهذا اليوم – أنّ الرئيس جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب المرشحين الأوفر حظا لخوض سباق الانتخابات العامة في الـ 5 نوفمبر 2024.
وخسر دونالد ترامب الانتخابات التمهيدية في ولاية واحدة فقط، وهي ولاية فيرمونت أمام المترشحة نيكي هيلي، المنافس الأخير المتبقي له، بعد أن ظلّ لعدة أشهر المتصدّر الأوفر حظا في سباق الحزب الجمهوري، في الوقت الذي يسعى فيه إلى الوصول إلى البيت الأبيض للمرة الثالثة على التوالي.
وبعد سلسلة من الهزائم المخيبة للآمال على يد ترامب، الذي هيمن على منافسيه في كل الانتخابات التمهيدية باستثناء واشنطن العاصمة وفيرمونت، قرّرت السفيرة السابقة للولايات المتحدة، بهيئة الأمم المتحدة، نيكي هيلي تعليق طموحاتها في الوصول إلى البيت الأبيض، وعدم دعم ترامب كما فعل بعض المترشحين المنسحبين قبلها، وأبرزهم حاكم ولاية فلوريدا، رون ديسانتيس.
وبدوره، خسر بايدن سباقا واحدا في ساموا الأمريكية – منطقة غير موحّدة تقع في جنوب المحيط الهادئ، وهي منفصلة وذات حكم مستقل عن الولايات المتحدة الأمريكية – أمام منافس ديمقراطي غير معروف، اسمه جيسون بالمر.
وشهد الثلاثاء الكبير هذا العام، تصويت 15 ولاية هي ألاباما وألاسكا وأركنساس وكاليفورنيا وكولورادو وماين وماساتشوستس ومينيسوتا ونورث كارولينا وأوكلاهوما وتينيسي وتكساس ويوتا وفيرمونت وفيرجينيا، إضافة إلى منطقة ساموا الأمريكية، التي عقدت بها مؤتمرات حزبية ديمقراطية.
وبلغ إجمالي المندوبين المتنافس عليهم 854 للحزب الجمهوري، أي حوالي 35℅ من إجمالي المندوبين على المستوى الوطني، و1420 مندوبا بالنسبة للديمقراطيين.
ومع اقتراب الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في ولايات جورجيا وفلوريدا وإلينوي وأوهايو، المزمع انعقادها في 12 و19 مارس الجاري، من المتوقع أن يصل الرئيس السابق دونالد ترامب إلى العدد المطلوب، والمقدّر بـ1215 مندوبا للفوز ترشيح الحزب الجمهوري، وتمثيله في الإنتخابات العامة شهر نوفمبر القادم.
مراهنة الديمقراطيين على رفض الناخبين للتيار اليميني قد لا تنجح
الفوز الكاسح الذي حقّقه كلا من جو بايدن وخصمه دونالد ترامب، في الثلاثاء الكبير، يعني أنّ الانتخابات العامة في نوفمبر 2024، ستكون مبارة عودة بين الرجلين، فلن يستغرق الأمر سوى بضعة أسابيع حتى يؤمّن كل منهما العدد الكافي من المندوبين للفوز بترشيحات الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ولكن وبعد نتائج الثلاثاء الكبير التي فاز فيها كلاهما بما لا يقل عن 14 ولاية، فيمكن القول أنّ الانتخابات التمهيدية قد انتهت فعليا، والانتخابات العامة على وشك الإنطلاق.
وعلى الرغم من أنّ الرئيس جو بايدن يخوض سباقا ضدّ خصم يواجه محاكمات في أربع ولايات، وعشرات الإتهامات الجنائية، فإنّ المنافسة لا تزال صعبة بالنسبة له، فوفقا لاستطلاعات الرأي، فإنّ ترامب يبدأ حملة الانتخابات العامة في المقدّمة، وعلى مدار الأشهر الأربعة الماضية، تقدّم تقريبا في كل استطلاعات الرأي في ولايات ميشيغان ونيفادا وأريزونا وجورجيا، إلى جانب الولايات التي فاز بها في عام 2020 – وهو ما يكفي لمنحه 283 صوتا انتخابيا من المجمع الإنتخابي والفوز بالرئاسة، وهذا عكس ما توقّعه الكثيرون، وعكس ما خطّط له الحزب الديمقراطي، الذي يرى أنّ الرئيس جو بايدن، وهو المرشّح القادر على هزيمة ترامب وإنهاء مساره السياسي.
منذ خسارة وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون في عام 2016، أمام الرئيس الأسبق دونالد ترامب، اتّبع الديمقراطيون سياسة ترشيح سياسين مقبولين والاعتماد على رفض الناخبين للجمهوريين اليمينيين، وهذا ما حصل مع ترشيح بايدن في عام 2020، وبالفعل هزم ترامب، ولكن بفارق ضئيل جدا – أقلّ من نقطة مئوية في الولايات الحاسمة التي تمثّل ساحة معركة – لكن المعطيات اختلفت، وأرقام ترامب في الإرتفاع، ومعدلات قبول بايدن انخفضت بمقدار 14 نقطة، بينما بقيت إستراتيجية الحزب الديمقراطي على حالها، في صورة توحي بهزيمة ديمقراطية مقبلة.
تراجع شعبية بايدن
تشير استطلاعات الرأي إلى أنّ ضعف بايدن يتركز وسط شريحة الناخبين الأقل مشاركة والأقل تعليما، بما في ذلك العديد من الناخبين الشباب والسود الذين يصوّتون تقليديا للمرشحين الديمقراطيين، كما يواجه الرئيس تحديات كبيرة مع تصاعد الحملة التي بدأت في ولاية ميشيغان لحث الناخبين على التصويت بـ “غير ملتزم”، لتوجيه رسالة اعتراض على سياسات بايدن المنحازة لصالح الكيان الإسرائيلي، إضافة إلى حقيقة تراجع تأييده وسط الأمريكيين السود.
ويصطدم بايدن أيضا بتحديات في الولايات المتأرجحة، مثل أريزونا وجورجيا وبنسلفانيا وميشيغان ونورث كارولاينا ونيفادا وويسكونسن، وهي ولايات يمكن أن تحسم مسار السباق الرئاسي مع استطلاعات رأي تظهر تقدّم ترمب على بايدن في تفضيلات الناخبين، ما يعني أن طريقه للبيت الأبيض في نوفمبر المقبل، سيكون أصعب مما كان عليه في 2020.
وعلى الرغم من حقيقة أنّ لا أحد يستطيع الجزم بما قد يفعله الناخبون في شهر نوفمبر المقبل، وخاصة الناخبين المتأرجحين – لن يقرّروا لمن سيمنحون أصواتهم قبل يوم الإقتراع – الذين قد يفضّلون في نهاية المطاف سواء البقاء في المنزل أو التصويت لمرشّح صغير، فإنّ انخفاض معدّلات قبول الرئيس بايدن، بسبب الإقتصاد، وارتفاع معدلات التضخم، وكذا الغضب الشعبي من دعمه المستميت للكيان الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة، والأهم من هذا وذاك، تقدّمه في السن وتراجع لياقته البدنية والذهنية، كلّها مؤشرات توحي بأنّ فوزه بعهدة ثانية يبدو غير ممكن.