يشكّل الجدار الإسمنتي العازل الذي أقامه الاحتلال الصهيوني ـ بطول 770 كيلو متر وارتفاع 8 أمتار ـ طوقا يلتفّ حول عنق الحياة الفلسطينية ويحرم المواطنين هناك من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.
جدار الفصل العنصري هذا، بدأ الاحتلال الصهيوني في بنائه قبل 20 عاما بذريعة حماية أمنه ومستوطنيه، ويمتد على الحدود المسماة “الخط الأخضر” وهي حدود المناطق التي استولى عليها الاحتلال عام 1948.
وتحت ذريعة إيقاف العمليات الفدائية الفلسطينية والقضاء عليها أعلنت سلطة الاحتلال في حزيران عام 2003 تأسيس جدار الفصل العنصري الذي أثبت مؤخرا فشله في توفير الأمن للصهاينة، وذلك بالرغم من كل النظم الحديثة المستخدمة في عمله، إذ اجتاز الفلسطينيون الجدار بتحديهم وإصرارهم للرد على جيش الاحتلال ونفذوا عمليات فدائية في العمق الصهيوني.
ويعيق جدار الفصل العنصري حياة الفلسطينيين بشكل عام ويضم أراضي من الضفة الغربية إلى الكيان، يبلغ طول الجدار في الضفة المحتلة 770 كيلومترا، بينها نحو 142 كيلومترا في الجزء المحيط بالقدس، والمسمى غلاف القدس، أما ارتفاع الجدار فيصل إلى 8 أمتار، أُنجز منه 539 كيلومترا، أي نحو 70%، وهناك نحو 62 كيلومترا قيد الإنجاز تشكل 8% منه، ليبقى ضمن المخطط نحو 170 كيلومترا، أي نحو 22%.
سرقة الأراضي والمياه
ويمر الجدار من خلال مساره على ثماني محافظات فلسطينية تضم 180 تجمعا، وتشير تقارير فلسطينية إلى أنه سيؤثر على حياة 210 آلاف فلسطيني يقطنون 67 قرية ومدينة بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية المحتلة.
ويعزل الجدار 30 بئرا ارتوازيا خلفه في محافظتي قلقيلية وطولكرم بالضفة الغربية خاصة، وأن المحافظتين تقعان على الحوض المائي الغربي الذي يحتوي ما نسبته 52% من حجم المياه في الضفة الغربية، وهذا يعني فقدان الفلسطينيون 18% من حصتهم المائية في هذا الحوض وعدد الآبار المعزولة من محافظة قلقيلية هي 22 بئرا.
معاناة الفلسطينيين اليومية
من آثار الجدار على الفلسطينيين أنه تسبب في تشتيت شمل العائلة الواحدة والأسرة الواحدة فكثير من البيوت فصل بينها الجدار وكذلك منع المزارعين من الدخول إلى أرضه وحرمانه من الاستفادة منها ومصادرتها، إضافة إلى تدمير مساحات واسعة من الأراضي الزراعية الفلسطينية.
وحسب المركز الفلسطيني للإحصاء ستؤدي مصادرة الأراضي الزراعية وتجريفها إلى خسارة 6.500 وظيفة وكذلك تدمير صناعة زيت الزيتون بعد أن كانت هذه المنطقة تنتج 22.000 طن من زيت الزيتون إضافة إلى 50 طن فاكهة ومليون طن خضروات.
كما طال الجدار المنظومة الصحية، إذ أثّر بشكل كبير على الحياة الصحية للسكان الفلسطينيين الذين يعيشون غرب الجدار، إذ أصبح من المستحيل الوصول إلى المراكز الصحية والمستشفيات الواقعة شرق الجدار فالقرى الفلسطينية الواقعة غرب الجدار لا تتمتّع بأية خدمات طبية.
وتواجِه وزارة التربية والتعليم صعوبات كبيرة جرّاء منع عدد من المعلمين من الانتقال إلى أماكن عملهم بالمدارس وكذلك الأمر بالنسبة لطلبة المدارس والجامعات، ما أدى إلى حرمان عدد كبير منهم من حقهم في التعليم، وتعثرت الحركة السياحية بين المدن الواقعة في الشمال وما بين الجنوب وقطعت أوصال المدن وألحقت الدمار بعشرات المواقع الأثرية.
انتقادات دولية
ومع أن محكمة العدل الدولية في لاهاي طالبت في عام 2004 سلطة الاحتلال الصهيوني بوقف البناء في الجدار الفاصل لعدم قانونيته، إلا أنها لم تتوقفْ ومضت في بنائه لتحقّق أهدافها وسياساتها التوسعية والسيطرة على أكبر قدر ممكن من الأراضي الفلسطينية.
واستمرّ الاحتلال في بناء الجدار من أجل إقرار وقائع على الأرض غير مكترث بالقرارات الدولية والمعارضة الواسعة من دول العالم المحتجة على بناء الجدار، ودون أن تراعي انعكاسات الجدار على الفلسطينيين.
ثغرات النجاة
وينتهك الجدار حق آلاف الفلسطينيين الذين يضطرون إلى إصدار تصاريح خاصة من جيش الاحتلال للسماح لهم بمواصلة العيش والتنقل، بعد أن سرق منهم حقهم في حياتهم اليومية وهو سهولة التنقل من المنزل إلى أي مكان، ما يؤثر على كُل من التعليم، الوضع الصحي، السياحة.
ويتعرض العمال لإطلاق النار من قبل جنود الاحتلال خلال عبورهم الفتحات ما يُسفر عن إصابة عدد منهم بالرصاص الحي، في حين يتعرض العشرات منهم للإصابة نتيجة السقوط خلال قفزهم عن الجدار أو خلال هروبهم وملاحقتهم من الجنود بالقرب من الثغرات.
ويقدّر عدد الفتحات في الجدار العنصري بـ270 ثغرة موزعين في مختلف مناطق الضفة الغربية، تزيد وتنقص مع تشديدات الاحتلال، ويعبرها نحو 100 ألف عامل بحسب الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين.