ما إن حلّت العشر الأواخر من رمضان الفضيل حتى زادت حدّة الجدل حول طريقة إخراج زكاة الفطر نقدًا أم قوتًا، وهو الأمر غير المألوف في بلادنا، فقد تعارف الجزائريون على إخراجها مالًا، بقيمة تحدّدها وزارة الشؤون الدينية كل عام.
وانتقل الجدل هذه المرّة إلى منصّات التواصل الاجتماعي التي احتدم فيها النقاش ليشمل رجال دين ومثقفين بين من يؤيد مشروعية إخراجها نقدا، وهو ما دأب عليه الجزائريون، ومن يرى في ذلك خطأً يجب تصويبه وتداركه، وفي هذا الصدد، يرى رئيس النقابة الوطنية للأئمة جلول حجيمي، أن هذا الجدل مبني على قِصر نظر، لأن القاعدة في الأصول حول المسائل الخلافية ألا يلزم أحد الآخر، وألا ينكر أحد على آخر.
وأوضح حجيمي في تصريح لـ«الأيام نيوز»، أن هذه المسألة هي مسألة خلافية قديمة، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قَال: “فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ، زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ”، رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.
وتابع: “منذ العصر الأول أجاز ثلة من الصحابة وكبار العلماء أن تخرج نقدا أيّ قيمة، ومعاذ بن جبل رضي الله عنه هو أعلم الناس بالحلال والحرام، لما بعثه النبي عليه الصلاة والسلام إلى اليمن أجاز إخراجها نقدا”، وفي هذا السياق، ذكر حجيمي، أن من الصحابة رضوان الله عليهم الذين قالوا بجواز إخراج القيمة في زكاة الفطر، عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله بن عمر، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عبّاس، ومعاذ بن جبل.
هذا، وأشار المتحدث، إلى أن أكثر المجامع الفقهية في الحجاز يُفتون بإخراجها قيمة نظرا إلى حاجة الناس إلى المال، فيوم العيد لا يحتاج المرء فقط إلى الطعام وإنما يحتاج كذلك إلى الكسوة واللباس وما إلى ذلك، وأردف قائلا: “إن المسألة هي قضية قناعة فمن يرى بأن يقدّمها طعاما وأكلا وقوتا فله ذلك، ومن يخرجها نقدا فله ذلك، ولا أحد ينكر على الآخر، فقد قيل قديما من قلدّ عالما لقي الله سالما”.
وفي ختام حديثه لـ«الأيام نيوز»، أكدّ رئيس النقابة الوطنية للأئمة جلول حجيمي، أن القاعدة في الأصول في المسائل الخلافية ألا أحد يلزم الآخر، أي أن يعمل كل فرد وفق قناعته بأدب وبهدوء بعيدا عن الإساءة لأي طرف.
من جهته، وفي تعليقه على الجدل القائم حول طريقة إخراج زكاة الفطر، قال وزير الشؤون الدينية والأوقاف، يوسف بلمهدي إن “الشعب الجزائري مسلم بفطرته يؤدي زكاة الفطر كما كنا نؤديها، واليوم لجنة الفتوى تحدثت عن إخراجها قيمة”، وفي كلمة له خلال افتتاح فرعيين من جائزة الجزائر لحفظ القرآن الكريم لعام 1444هـ ـ بدار الإمام في العاصمة ـ اعتبر الوزير بلمهدي أن هذه المسألة هي جدلية فقهية وخلاف علمي من المفروض أن تتم مناقشته على مستوى العلماء دون غيرهم من العامة.
وحددت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف زكاة الفطر لهذا العام بـ120 دج، حيث شرع أئمة المساجد، بالتعاون مع رؤساء اللجان الدينية المسجدية عبر الوطن، في جمعها “ابتداء من منتصف شهر رمضان، على ألا توزع على مستحقيها الذين أحصتهم لجان صندوق الزكاة إلا يوما أو يومين قبل عيد الفطر المبارك”، وذلك بتكليف من الوزارة الوصية.