الجزائر.. آخرُ مقال نشرَه العلاّمة “محمد بن أبي شنب” (الجزء الأول)

العلاّمة الدكتور “محمد بن أبي شنب” (26 أكتوبر 1869- 05 فيفري 1929) هو واحدٌ من أبرز أعلام وعلماء الجزائر في القرن العشرين، وأوّل جزائري أحرز شهادة الدكتوراه في الآداب بدرجة ممتاز، وله ميراثٌ كبيرٌ في تحقيق المخطوطات وفي اللغة والتراث الجزائري والترجمة. وقد اختارت “الأيام نيوز” أن تُعيد نشر آخر مقال ظَهَر له أيامًا قبل وفاته. المقالُ كان بعنوان “الجزائر”، نشرتْه مجلة “المجمع العلمي العربي بدمشق”، في عددها الثاني الصّادر في الفاتح فيفري سنة 1929.

جزائر بني مَزْغنَّى

الجزائر مدينةٌ معروفة مشهورةٌ، وهي مَبْنيّةٌ على خِرَبِ مدينة فينيقية ثم رومانية اسمها “إيقوسْيوم”، وقد ذكر “أبو عبيد البكري” بقايا آثارها كما سيأتي: قال ابن خلدون في العِبَر (طبعة بولاق وطبعة الجزائر 1847): ثم اختطّ ابنه “بُكُكين” بأمره (أيْ بأمر أبيه زيري بن منّاد الصنهاجي)، وعلى عهده، مدينة الجزائر المنسوبة لـ “بني مزغنّة” بساحل البحر. وذكر “ابن عذارى” في كتاب “البيان المُغْرِب” (طبعة ليدن 1848) أنه في 15 رمضان 327 هجرية (939 ميلادية) قد وصل إلى الخليفة “الناصر” وهو بقصر الزهراء قرب قرطبة، “منصور” و”أبو العيش” ابنا “أبي العافية” ومعهما “حمزة بن إبراهيم” صاحب “جزائر بني مَزغنَّى”. وذكر “جزائر بني مَزغنَّى” ووصفها “ابن حَوْقَل” وهو من علماء القرن الرابع (الهجري) في كتابه “المسالك والممالك (طبعة ليدن 1873).

جزيرة بني زَغَنّاية

وقال “المقدسي”، المتوفي سنة 375 (هجرية)، في كتابه “أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم” (طبعة ليدن 1906) “وجزيرة بني زَغَنّاية”، وتَعقّبه طابِعه (طابع كتاب المقدسي) في حاشيته (هامش الكتاب) أن هذا الاسم وردَ في النّسخ المخطوطات بصورة: مزغنّان، ومزغنّاي، ومزغنّة، ومزغنّى، وزغنّاي، وزغنّاية، وزغنّى. وقال إن لفظة “مز” معناها “بنو”. وقال “المقدسي” أيضا (في صفحة 217 و218) “وجزيرة بني زغنّاية على ساحل البحر”، وفي صفحة 246 “جزيرة زغنّاي”.

وقال “الاصطخري”، وهو من علماء القرن الرابع (الهجري)، في كتاب “مسالك الممالك” (طبعة ليدن 1927 في صفحات 37 و38) “وجزيرة بني مزغنّا مدينة عامرة..”، وذكرها أيضا في صفحات 39 و46.

آثارُ مدينة جليلة

وقال “أبو عبيد البكري” المتوفي سنة 487 هجرية في “المسالك والممالك” (طبعة الجزائر 1911 صفحات 65 و66) “مدينة جزائر بني مزغنّى هي مدينة جليلة قديمة البنيان، فيها آثار للأُوَلِ وآزاج (نوع من الأبنية) مُحكمة تدلُّ أنها كانت دار مملكة لسالف الأمم، وصحنُ دار الملعب فيها قد فُرِش بحجارة صِغار مُلوّنة مثل الفسيفساء، فيها صُوَر الحيوان بأحْكَم عمل وأبْدَع صناعة لم يُغيّرها تقادم الزمان ولا تعاقب القرون، ولها أسواق ومسجدٌ جامعٌ. وكانت بمدينة مزغنّى كنيسةٌ عظيمةٌ بقيّ منها جدارٌ مَديرٌ من الشرق على الغرب وهو اليوم قَبلةُ الشريعة للعيدين مُفصّصٌ كثير النقوش والصّور. ومرساها مأمونٌ وله عينٌ عذبة، يقصدُ إليه أهل السفن من إفريقية والأندلس وغيرها”. وقال أيضا (في صفحة 82) “مرسى الجزائر، وتُعرَف بجزائر بني مزغنّى”.

مدينة على ضفّة البحر

وقال “الشريف الإدريسي”، المتوفي سنة 548 هجرية، في كتابه “نزهة المشتاق في اختراق الآفاق” (طبعة ليدن 1864 صفحة 56) “وجزائر بني مزغنّا”، وفي صفحة 89 “الجزائر بني مزغنا”، و”مدينة الجزائر على ضفة البحر”.

وقال “ياقوت الحموي” في “معجم البلدان” (طبعة مصر 1324 هجرية) “الجزائر، جمع جزيرة، اسم عَلَم لمدينة على ضفة البحر.. بينها وبين بجاية أربعة أيام، من خواص بلاد حمّاد بن زيري بن مناد الصنهاجي، وتُعرف بجزائر بني مزغنّاي، وربما قيل لها جزيرة بني مزغناي”.

وقال “أبو الفداء”، المتوفي سنة 732، في كتابه “تقويم البلدان” (طبعة باريس 1840) يصف بحر الروح ثم يأخذ بِمْيلَة إلى الشمال حتى يصير عند الجزائر فرضة بجاية. وقال أيضا (في صفحة 125) “قال الإدريسي، ومدينة جزائر بني مزغنّان على ضفة البحر.. ومن الجزائر إلى مرسى الدجاج 27 ميلا”. وقال (في صفحة 126) “وفي شرقي مستغانم مدينة يُقال لها جزائر بني مزغنّان، فرضةٌ مشهورة من عمل بجاية”.

وهل بقي شكٌ، بعد هذه النصوص، في أن الجزائر جمع جزيرة؟

محمد ياسين رحمة - الجزائر

محمد ياسين رحمة - الجزائر

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
اتحاد العمال الجزائريين يدين انتهاك “إسرائيل” للحق في العمل كتائب القسام تتبنى عملية قصف تل أبيب الدراج الجزائري ميموني يفوز بالجائزة الكبرى “أنغولا 2024” إصابة مصور الجزيرة بشظية برأسه إثر قصف للاحتلال في غزة أمطار رعدية على هذه الولايات اليوم بعد عام على انطلاقه.. طوفان الأقصى يُغرق أوهام "أرض الميعاد" كيف حال القبة المزعومة!؟.. المسيّرات العراقية تخترق ما تبقّى من درع "إسرائيل" الجزائر ترد على مطالب إعادة النظر في اتفاق 1968.. التاريخ يُلاحق فرنسا تماشياً مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية.. الجماعات المحلية أمام رهان خلق الثروة نصر "العبور" بين الدبلوماسية والقتال.. حين صنع الجزائريون الفارق في حرب أكتوبر 1973 بعد انتشار وباء الدفتيريا والملاريا.. هذا ما أمر به الرئيس تبون بشأن الوضع الوبائي في الجنوب اجتماع مجلس الوزراء.. هكذا ثمن الرئيس تبون النموذج المالي لمشروع قانون المالية لسنة 2025 الرئيس تبون يأمر برفع منح الحجاج والطلبة والسياح النص الكامل لبيان اجتماع مجلس الوزراء المجلس الشعبي الوطني يشارك في اجتماع الأمم المتحدة حول إنهاء الاستعمار وزير المالية: 794 مليار دينار ودائع الصيرفة الإسلامية في الجزائر غوتيريش يدعو إلى إسكات البنادق ووقف المعاناة بالشرق الأوسط عملية بطولية في بئر السبع.. مقتل مجندة صهيونية وإصابة 13 بجروح الوضعية الوبائية بالجنوب ومشروع قانون المالية 2025 على طاولة مجلس الوزراء خطوة تاريخية هامة.. الجزائر عضو ملاحظ في برلمان “البرلاتينو”