تتجه العراق نحو الجزائر كمورد رئيسي للغاز المسال، في إطار سعيها لتنويع مصادر إمداداتها الطاقوية وضمان تشغيل محطات الكهرباء بكفاءة.
وتأتي هذه الخطوة بعد إلغاء الولايات المتحدة الإعفاء الممنوح لبغداد لاستيراد الكهرباء والغاز من إيران، ما دفع الحكومة العراقية إلى البحث عن بدائل موثوقة ومستدامة.
الجزائر، التي تعد واحدة من أكبر الدول المصدّرة للغاز المسال في العالم، أصبحت في مقدمة الدول التي يتفاوض العراق معها لتلبية احتياجاته المتزايدة من الطاقة.
وأكد مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون الكهرباء، عادل كريم، أن الحكومة العراقية تعمل على تأمين مصادر جديدة للغاز، مشيرًا إلى أن الجزائر تعد من بين الدول الأساسية التي سيتم استيراد الغاز منها.
وأوضح المستشار أن العراق، بالإضافة إلى التفاوض مع الجزائر، يعمل أيضًا على تأمين الغاز المسال من قطر، إندونيسيا، والبرازيل، وذلك في إطار خطة أوسع لضمان الاستقرار الطاقوي في البلاد.
وتأتي هذه المفاوضات في وقت يستعد فيه العراق لإنشاء بنية تحتية متطورة لاستيراد الغاز المسال، حيث تشمل التحضيرات إقامة منصة عائمة للتفريغ والتخزين في ميناء خور الزبير، وربطها بشبكة الأنابيب الوطنية عبر خط يبلغ طوله 40 كيلومترًا. هذا المشروع سيمكن العراق من استيراد 400 مليون قدم مكعبة يوميًا، ما يعادل قدرة إنتاجية بين 1500 و2000 ميغاواط من الكهرباء.
الجزائر ليست جديدة في مجال تصدير الغاز، إذ تمتلك إمكانات ضخمة من الغاز الطبيعي وتعد واحدة من أكبر مزودي أوروبا بهذه المادة الحيوية.
دخولها كمصدر رئيسي للعراق يعكس ليس فقط قوتها في سوق الطاقة، بل أيضًا العلاقات المتينة بين البلدين. ومن المتوقع أن يساهم الغاز الجزائري في تعزيز استقرار شبكة الكهرباء العراقية، خاصة خلال فترات الذروة في فصل الصيف، حيث يعاني العراق من نقص حاد في الطاقة الكهربائية بسبب تزايد الطلب ووقف الإمدادات الإيرانية.
في الوقت نفسه، تعمل الحكومة العراقية على مشاريع لاستخراج الغاز محليًا، من خلال استثمار الغاز المصاحب والحقول الغازية. ومن المتوقع أن يبدأ العراق في إنتاج كميات جيدة من الغاز بين عامي 2026 و2029. لكن حتى ذلك الحين، يبقى الاعتماد على الاستيراد ضروريًا، مما يجعل الجزائر موردًا أساسيًا في المرحلة المقبلة.
إلى جانب الجزائر، تسعى بغداد أيضًا إلى إبرام عقود طويلة الأجل مع قطر، حيث كانت المفاوضات تشير إلى استعداد الدوحة لتوريد 1.5 مليون طن سنويًا من الغاز المسال. لكن رغم ذلك، تبقى الجزائر خيارًا استراتيجيًا نظرًا لموقعها القريب وعلاقاتها التاريخية القوية مع العراق.
هذه التحركات تعكس توجهًا جديدًا في السياسة الطاقوية العراقية، حيث لم يعد الاعتماد على مصدر واحد خيارًا متاحًا، بل أصبح تنويع الإمدادات أولوية لضمان استقرار قطاع الكهرباء.