في ظل زيادة وتيرة التصعيد بين “فتح” و”حماس”، وانسداد أفق التوصل لصالحة بعد قرارات منظمة التحرير الأخيرة، قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد إشتيه، إن عددا من الفصائل الفلسطينية سيتوجه في الأسبوع المقبل إلى الجزائر التي ستستضيف “الحوار الفلسطيني- الفلسطيني”.
وبحسب إشتية، الاجتماعات تأتي بدعوة من وزارة الخارجية وتوجيه من الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون بعد الاتفاق مع الرئيس محمود عباس، وفقًا لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).
واستبعد مراقبون نجاح مفاوضات الجزائر في إنجاز مصالحة فلسطينية ووحدة وطنية في وقت قريب، مؤكدين أنها ستعتمد على مدى التمثيل السياسي للفصائل في غزة.
مبادرة جزائرية
وقال إشتية: “نحيي هذا الجهد والمبادرة الجزائرية، آملين أن تثمر هذه الجهود عن طي صفحة الانقسام وإنجاز الوحدة الوطنية، لتصليب الموقف الفلسطيني نحو إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وحق العودة للاجئين”.
وأكد أن “الجزائر هي السد المنيع في الدفاع عن فلسطين ودعمها سياسيا ونضاليا وماديا، نقدر لهذا الدعم، كما ونقدر عاليا وقوفها في مواجهة عضوية “إسرائيل” في الاتحاد الإفريقي”.
وكانت الحكومة الجزائرية قد أجرت حوارات مع فصائل فلسطينية في يناير/كانون الثاني الماضي، كل على حدة، في محاولة للوصول إلى اتفاق ينهي الانقسام. وتعمل الجزائر على التوصل إلى رؤية مقبولة من أجل طرح ورقة في اجتماع فصائلي عام بعد اجتماع الجامعة العربية المرتقب.
ولم يحدث أي مؤشر في مباحثات الجزائر إلى دفع اتفاق مصالحة للأمام؛ إذ تمسكت “فتح” بتشكيل حكومة وحدة تلتزم بالشرعية الدولية قبل أي شيء، وأصرت “حماس” على انتخابات شاملة، بما في ذلك داخل منظمة التحرير، قبل المضي في أي اتفاق، كما أنها رفضت شكل الحكومة التي يطرحها عباس حتى الآن. وشملت الخلافات -إضافة إلى الحكومة والانتخابات- دور السلطة في غزة، وفي عملية إعادة الإعمار، وفقا للشرق الأوسط.
ارتباطات إقليمية
قال القيادي في حركة فتح، والمحلل السياسي الفلسطيني زيد الأيوبي، إن “حركة فتح ترحب بكل الجهود العربية الرامية لإنهاء الانقلاب الذي كرسته حركة حماس في قطاع غزة”.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، أكد أن النخب السياسية وشريحة كبيرة من الفئات الشعبية غير متفائلة من هذه الاجتماعات، كون قيادة حماس لا تزال غير ناضجة لفكرة الوحدة الوطنية كونها وجدت لتكون آداة بيد قوى إقليمية مثل وجماعة الإخوان المسلمين، حسب وصفه.
وشدد الأيوبي على أن حماس لا يمكنها الانخراط في مصالحة ووحدة وطنية فلسطينية حقيقية وإنهاء سيطرتها على قطاع غزة، إلا في حال تمكنت من التخلي عن ارتباطاتها الإقليمية.
ويرى القيادي في حركة فتح، أن فتح قدمت تنازلات كثيرة من أجل إنهاء الوضع في غزة، ولم الشمل الفلسطيني، لكن في كل مرة كانت حماس تتملص وتتهرب من أي اتفاق مبرم بهذا الشأن.
مراوغة سياسية
من جانبه قال مصباح أبوكرش، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، الفصائل الفلسطينية لا تعلم إن كان الدكتور محمد إشتية كان قد أعلن عن عودة الفصائل الفلسطينية للجزائر لاستكمال حوارات ملف المصالحة؛ من خلال موقعه كعضو للجنة المركزية في حركة فتح أم من خلال موقعه كرئيس للحكومة الفلسطينية؛ فحسابات الأمر تختلف كثيرا من موقع لآخر.
وأضاف في حديثه لـ “سبوتنيك”: “لا نعلم أيضا إذا كان عقد الاجتماع المركزي في ظل غياب توافق فلسطيني عقب اللقاء الأول للفصائل في الجزائر جاء تتويجا لنتائج ذلك اللقاء ودلالة على نوايا الفريق السياسي في رام الله تجاه ملف المصالحة الفلسطينية”.
ويرى أبوكرش، أنه لم تكن هناك أي مؤشرات إيجابية لنجاح اللقاء الأول في الجزائر والأجواء الفلسطينية الداخلية بعد الاجتماع المركزي أصبحت أكثر سوءا، ولذلك علينا ألا نتوقع أي تغيير في الوضع القائم.
ويعتقد المحلل الفلسطيني أن كل ما يسعى له الفريق السياسي في رام الله الآن من خلال هذه اللقاءات، هو إضفاء صفة الشرعية على نتائج الاجتماع المركزي، هو ما يدفع للتساؤل بشأن مدى استجابة الفصائل للقاء الجزائر القادم ومستوى التمثيل.
وزادت حدة الخلافات بين فتح والفصائل الفلسطينية بعد اجتماع المجلس المركزي الذي عقد بداية الشهر الجاري، في ظل رفضهم الاعتراف به وبالقرارات التي صدرت عنه.
وقالت حركة حماس، وقتها إن عقد المجلس المركزي الفلسطيني وسط مقاطعة من الفصائل يعمق الانقسام، مؤكدة عدم اعترافها بما صدر عنه من تعيينات.
واستنكرت الحركة في بيان مشترك مع حركة الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ما وصفته بـ “إصرار قيادة السلطة المتنفذة على القيام بخطوات انفرادية تعمق الانقسام في الساحة الفلسطينية”، عبر “عقد المجلس المركزي الفلسطيني في ظل رفض ومقاطعة وانسحاب غالبية القوى والفصائل السياسية والمكونات والشخصيات الوطنية والمجتمعية…دون جدول أعمال واضح، ودون التزام بالقانون والنظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية”.
وعقدت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أول اجتماع لها بعد انتخاب الأعضاء الجدد، الخميس الماضي، في مقر الرئاسة في مدينة رام الله، برئاسة الرئيس محمود عباس.