دَعا حزب جبهة التحرير الوطني (حزب سياسي جزائري)، اليوم الأحد، السّلطات الفرنسية، إلى الاعتراف بأحداث 17 أكتوبر/تشيرين الأول 1961 على أنّها جريمة دولة قامت بها سلطات الاحتلال.
وطالب حزب الأغلبية في الجزائر “الأفلان”، فرنسا، بالاعتذار عن تِلك المجازر التاريخية التي أوّدت بحياة عشرات المتظاهرين الجزائريين في باريس.
وجاء هذا، في بيان لحزب جبهة التحرير الوطني، نشره عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، بمناسبة الذكرى الـ 61 لمجزرة نهر “السين” التي راح ضحيتها المئات من الجزائريين المهاجرين بباريس بين شهيد وجريحٍ ومفقود.
وذكر البيان: “يتذكر حزب جبهة التحرير الوطني، هذه المجزرة الشنيعة التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي الغاشم، بالكثير من الحزن والأسى على أرواح شهدائنا المهاجرين الذين ناضلوا تماماً كما ناضل أبناء شعبنا داخل التراب الوطني، وقدموا التضحيات جنباً إلى جنب، ولكن أيضا بالكثير من الفخر والاعتزاز بأبناء الشعب الجزائري الذين رفضوا الاستعمار وقاوموه بكل ما اُوّتوا من وسائل وعزة نفس وشرف.”
وأضاف: “إنّ حزب جبهة التحرير الوطني يدعو السلطات الفرنسية إلى الاعتراف بأحداث 17 أكتوبر 1961 على أنها جريمة دولة قامت بها سلطات الاحتلال، ويطالب بالاعتذار عن ذلك.”
تفاصيل مجزرة باريس 1961..
ويذكر، أنّه في ذلك التاريخ، هاجمت الشرطة الفرنسية بأمر من قائدها بباريس موريس بابون، مظاهرة سلمية لآلاف الجزائريين خرجوا للمطالبة باستقلال البلاد.
وحسب مؤرخين، قَتَلت الشرطة الفرنسية العشرات من المتظاهرين عمداً في الشوارع ومحطات مترو الأنفاق، وألقت بعدد من المصابين من الجسور في نهر السين، ما أدى إلى مقتلهم وهو ما بات يُّعرف بمجزرة “باريس عام 1961”.
وقال حزب جبهة التحرير في بيانه: “إننا نتذكر هذه الحادثة مترحّمين على أرواح شهدائنا الذين نكّل بهم قائد الشرطة المجرم، موريس بابون، وأعوانه، بعلم من الرئيس آنذاك، شارل ديغول، الذي أبقاه بمنصبه رغم علمه بفعلته”.
وتابع البيان: “إنّنا نعتبر في حزب جبهة التحرير الوطني هذه الحادثة، وغيرها، لدليل على وحدة الشعب الجزائري سواءً كان داخل الوطن أم في الشتات، إبان الثورة التحريرية المباركة، وهو اليوم مطالب ببذل الكثير من الجهد والتضحيات في جزائر الاستقلال من أجل حمل أمانة الشهداء واستمرارها، بمرافقة الدولة الجزائرية لكل أبناء جاليتنا في مختلف بقاع الأرض.”
واسترسل البيان: “إنّنا بهذه المناسبة نُّجَدِد تثمّيننا لقرار رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، ترسيم الوقوف، دقيقة صمت، كلّ سنة، عبر كامل التّراب الوطني، في السّاعة الحادية عشرة (11:00) صباحاً، ترحّمًا على أرواح شهداء مجازر 17 أكتوبر 1961، بباريس.”
وللعلم، حزب جبهة التحرير الوطني، هو القوة السياسية الأولى في البرلمان الجزائري وفي المجالس المحلية، كما أنّه عضو ائتلاف حكومي داعم للرئيس عبد المجيد تبون.
وللإشارة، تَزامن مطلب الحزب باعتراف فرنسا بجرائم الاستعمار والاعتذار عنها مع حراك رسمي بين البلدين من أجل “فتح صفحة جديدة”، بعد أشهر من الجمود بسبب ملفات الحقبة الاستعمارية (1830/1962).
ففي نهاية أغسطس/أوت الماضي، قام الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بزيارة إلى الجزائر، توّجت بتوقيع البلدين “إعلان الجزائر من أجل شراكة متجددة” تضمّن 6 محاور للتعاون في قطاعات عديدة والتشاور السياسي بشأن القضايا الإقليمية والدولية.
واتفق رئيسا البلدين على تكليف لجنة مؤرخين مشتركة لحلّ الملفات التاريخية العالقة، في خطوة وصفها وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، في تصريحات سابقة بأنها “من أجل إبعاد القضية عن الاستغلال السياسي”.