نفت مصادر مطلعة من وزارة الطاقة الجزائرية، أن يكون ملف أنبوب الغاز الرابط بين نيجيريا نحو أوروبا مرورًا بالجزائر لا يزال مطروحًا على طاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق ولم يتم تأجيله.
وكانت العديد من التساؤلات أثارها إعلان نيجيريا تأجيل موعد الانتهاء من مشروع خط أنابيب نقل الغاز “إيه كيه كيه” – الذي من المقرر ربطه بمشروعات خطوط أنابيب الغاز التي ستُنَفَّذ مع كل من المغرب والجزائر – وبدء تشغيله إلى الربع الأول من العام المقبل 2023، بدلًا من العام الجاري 2022.
وشدّدت المصادر الجزائرية، بحسب ما نقل موقع “الطاقة”، على أن “مشروع خط الغاز النيجيري – الذي يطلق عليه البلدان خط أنابيب الغاز العابر لأفريقيا – لا يزال في طور المباحثات بين الطرفين، بما يضمن تحقيق مصلحة جميع الأطراف، من خلال الأخذ بعين الاعتبار مردودية المشروع بالنظر إلى تكاليف إنجاز خط النقل عبر الأنابيب”.
وأشارت المصادر إلى أنّ مشروع خط الغاز الجزائري – النيجيري يتضمن إنجاز خط أنابيب للغاز يزيد طوله على 4 آلاف كيلومتر، يمتد من نيجيريا وصولًا إلى الجزائر مرورًا بالنيجر، من أجل نقل كمية كبيرة من الغاز النيجيري نحو أوروبا تفوق العديد من مليارات الأمتار المكعبة.
وقالت المصادر إن المشروع استوفى جميع الدراسات التقنية (النظرية)، غير أنّ دراسات الإنجاز وتحديد الشركات المكلفة بها لم تُنفذ.
ويستهدف مشروع خط أنابيب الغاز العابر إلى أفريقيا نقل 30 مليار متر مكعب من الغاز النيجيري سنويًا نحو أوروبا، ويبلغ طوله 4 آلاف و128 كيلومترًا، وتُقدر تكلفته بنحو 20 مليار دولار أمريكي.
وأوضحت المصادر أنّ المفاوضات متواصلة بين الجانبين الجزائري والنيجيري، وتجري بوتيرة وصفتها المصادر بـ”الحسنة”، من أجل الاتفاق على جميع النقاط التي من شأنها أن تحول المشروع إلى أحد أهم المشروعات المفصلية في مجال الطاقة في المنطقة، بل على مستوى العالم.
وشددت المصادر على أن مشروع أنبوب الغاز النيجيري سيكون بمثابة العمود الفقري لتأمين احتياجات أوروبا من الطاقة على المدى القريب، الأمر الذي من شأنه تحقيق التوازنات في سوق الغاز العالمية، والتأثير في حجم الطلب والأسعار بصفة أساسية.
يذكر أن مشروع خط أنابيب الغاز الجزائري – النيجيري اتُّفق عليه في عام 2009، عندما جرى التوقيع على اتفاق رسمي بين البلدين بمشاركة النيجر، وفي 2018، اتفقت الجزائر ونيجيريا على ضرورة أن يدخل المشروع حيز التنفيذ.
تحديات
ويواجه تنفيذ مشروع أنبوب الغاز النيجيري عددًا من التحديات، لعل أبرزها ملاحظات نيجيرية، إذ أن المفاوضات تتعلق أيضًا – حسب المصادر- بضمان وجود أسواق للغاز الذي تنتجه الآبار في نيجيريا على مستوى السوق الأوروبية، على المدى الطويل، وليس لتلبية الاحتياجات على المدى القريب والمتوسط، أو سد طلب خلّفه توقف الامدادات الروسية، إثر العملية العسكرية في أوكرانيا.
وكشفت المصادر أن الضمانات التي تطلبها نيجيريا تأتي وسط معارضة على المستوى المحلي للمشروع، خاصة في ظل الاعتراضات التي تواجهها استثمارات الوقود الأحفوري، مع الخطط العالمية لتحول الطاقة وخفض الانبعاثات للحد من آثار تغير المناخ.
أما على صعيد الجزائر فإنّ المشروع سيستفيد من الفرص التي تتيحها الجزائر من حيث البنية التحتية الحالية، لا سيما شبكة النقل ومجمعات الغاز الطبيعي المسال والمنشآت البتروكيماوية، والأنابيب التي تصل الجزائر بكل من إسبانيا (ميدغاز الذي تصل قدراته إلى 10 مليارات متر مكعب) وإيطاليا (ترانسماد يصل طوله إلى 2485 كيلومترًا، بقدرة نقل للغاز الطبيعي بنحو 33.7 مليار متر مكعب، ويضمن تزويد تونس وإيطاليا وسلوفينيا بالغاز الطبيعي).
المنافسة مع المغرب
وذكرت المصادر أنّ الموقف الجزائري في الحصول على مشروع أنبوب الغاز النيجيري “قوي”، وليس محل منافسة مع المغرب، بالنظر إلى مجموعة من العوامل، في مقدمتها قرب المسافة، ومرور الأنبوب على بلد واحد وهو النيجر، بدلًا من مجموعة من البلدان، التي يفرض كل واحد منها الحصول على الرخص ضمن إجراءات إدارية معقدة.
وأضافت المصادر أن الموقع الجغرافي القريب من أسواق الغاز في القارة الاوروبية، وتوفر شبكة عملية من الأنابيب لنقل الغاز، وخبرة من الطواقم البشرية ذات الكفاءة – يمنح الجزائر أفضلية عن المغرب في تنفيذ المشروع.
ويطمح المغرب إلى أن يكون الغاز النيجيري بديلًا للغاز الجزائري، المارّ بأراضيه، وصولًا إلى أوروبا، لذلك أعاد – مؤخرًا – المفاوضات والحديث عن المشروع الذي جرت مباحثاته عام 2016، ويستهدف نقل ما بين 30 و40 مليار متر مكعب من الغاز النيجيري سنويًا.
ومن المتوقع أن يمتدّ خط الغاز المغربي النيجيري على طول 5 آلاف و660 كيلومترًا، ويمر المشروع – الذي تُقدر تكلفته بنحو 25 مليار دولار- بـ13 دولة أفريقية تشمل (نيجيريا وبنين وتوغو وغانا وكوت ديفوار وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا والمغرب).