تواصل الجزائر لعب ورقة دبلوماسية الغاز في الدفاع عن مصالحها وتعزيز حضورها في المشهد الدولي المطبوع باللهث وراء موارد الطاقة، في ظل أزمة خانقة أفرزتها العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا.
ووفق ما جاء في موقع الشركة البريطانية العملاقة في مجال الطاقة “بيتروفاك”، فإن مجمع سوناطراك الجزائري منح شركةَ بيتروفاك البريطانية عقدًا للعمل في حقل غاز رئيسي على سواحل الجزائر، استكمالًا للتعاون المستمر لعزيز قدرات إنتاج الغاز الطبيعي في الأسواق المحلية والخارجية.
وتلقت بيتروفاك، التي تقود تحالفًا مع الشركة الجزائرية للهندسة المدنية والبناء (جي سي بي)، إخطارا من قبل شركة سوناطراك، بمنحها عقدًا مؤقتًا للهندسة والمشتريات والبناء لمشروع تطوير حقل تينرهرت في الجزائر (EPC2). ووفق المصدر ذاته، فإن قيمة العقد تقدر بنحو 300 مليون دولار أميركي، مع حصة بيتروفاك المقدرة بنحو 200 مليون دولار أميركي.
ويستهدف العقد إقامة منشأة معالجة مركزية جديدة بوحدات لفصل المدخل وإزالة الكربون، في المشروع الذي يقع في منطقة الرار، على بعد نحو 1500 كيلومتر جنوب شرق الجزائر العاصمة. ويشمل نطاق العمل أيضًا الروابط الإضافية مع مرافق الرار للفصل والتعزيز الحالية، والتي ساعدت بيتروفاك في تقديمها في عام 2018، إلى جانب اختبار التشغيل وبدء التشغيل والأداء، يقول بيان الشركة البريطانية.
ومن شأن هذا المشروع عند اكتماله، أن يعزز تطوير إنتاج الغاز الطبيعي، ويزيل ثاني أكسيد الكربون من احتياطيات الغاز في الحقل، ضمن مواصفات السوق العالمية، ما يتيح مزيدًا من النمو الاقتصادي داخل البلاد.
وقال الرئيس التنفيذي للعمليات في قسم الهندسة والبناء في بيتروفاك، إيلي لحود: “يُعدّ اتحاد بيتروفاك وجي سي بي دليلًا على تركيزنا على التسليم المحلي، من خلال الاستثمار في سلاسل التوريد المحلية والقوى العاملة”، كما عبّر لحود عن ارتياح شركته بهذا الإخطار، الذي يعكس كما قال، ثقة سوناطراك “في قدرتنا على دفع القيمة داخل البلاد، مع توفير بنية تحتية للطاقة ذات أهمية استراتيجية بأمان”، وفق ما أوردته منصة “أخبار الطاقة”.
وكانت الشركة البريطانية قد حصلت في العام 2018 على عقد مع سوناطراك بـ تينرهرت (EPC1)، والذي يتضمن تسليم مركز فصل وضغط جديد، ما أدى بنجاح إلى تمديد منشأة المعالجة المركزية الحالية في أوهانات.
وفي آخر بيان للشركة البريطانية في 28 جويلية الماضي، قالت إن المشروع حقق مؤخرًا إنجازًا كبيرًا مع الإدخال الآمن لأول المواد الهيدروكربونية لبدء الإنتاج، مشيرا إلى أن “بيتروفاك عملت على دعم إنتاج النفط والغاز في الجزائر لأكثر من عقدين منذ أول عقد كبير لنا، وهو التطوير الأصلي هنا في أوهانات، عام 2000”.
وبغض النظر عن قيمة المشروع، فإن الأهمية تكمن في الحسابات الجيوسياسية لهذه الصفقة. فشركة بيتروفاك من جنسية بريطانية، وهي واحدة من الدول الكبرى التي تساهم في صناعة القرار العالمي. فقبل أيام وقعت سوناطراك عقدا مع مجمع يضم كبرى الشركات العالمية، ممثلة في “إيني” الإيطالية، وأوكسيدونتال” الأمريكية، و”توتال إينرجي” الفرنسية، بقيمة أربعة ملايير دولار، لتطوير قطاع النفط والغاز في الجنوب، وكان لافتا في ذلك الشركات البريطانية.
ولذلك حرصت الجزائر وانطلاقا من دبلوماسية الغاز، على إشراك بريطانيا في مشاريع الطاقة الجزائرية، التي باتت تسيل لعاب الكثيرين في ظل الظروف الراهنة المطبوعة بسباق محموم من أجل الحصول على موارد الطاقة، فيما يبقى الخاسر الأكبر، هو إسبانيا التي أقصت نفسها بنفسها بسبب سياسات رئيس حكومتها بيدرو سانشيز.