بعد أشهر من التوتر السياسي والتصريحات العدائية الصادرة عن مسؤولين فرنسيين، خرجت مديرة الأمن الداخلي الفرنسي، سيلين برتون، لتؤكد أن التعاون الأمني بين الجزائر وباريس في “أدنى مستوياته”، بسبب التوجهات السياسية الحالية التي باتت تعرقل أي تقارب بين الجانبين.
ففي مقابلة لها مع القناة الإخبارية العمومية “فرانس إنفو”، وصفت برتون العلاقة الأمنية مع الجزائر بـ”الصعبة”، مشيرة إلى أن الوضع أصبح “لا يحتمل”، دون تقديم تفاصيل إضافية عن مدى تأثر التعاون الاستخباراتي بين البلدين.
وأضافت المتحدثة : “اليوم، التوجهات السياسية تلعب دورًا في ما يمكن أن نفعله مع الجزائر”، في إشارة واضحة إلى أن التصعيد السياسي الفرنسي تجاه الجزائر بدأ يُلقي بظلاله على الملفات الأمنية الحساسة.
ورغم أنها لم تنتقد الحكومة الفرنسية بشكل مباشر، إلا أن حديثها حمل بين طياته تحذيرًا واضحًا من تداعيات هذه الأزمة على الأمن المشترك، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها المنطقة، على رأسها الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية.
رئيس الجمهورية: “التعاون مع المخابرات الداخلية الفرنسية شبه مجمد”
تصريحات برتون لم تكن مفاجئة، فقد سبق لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أن أشار، في حوار مع يومية “لوبينيون” الفرنسية، إلى أن التعاون مع مديرية المخابرات الداخلية الفرنسية “تراجع بشكل كبير”، بسبب أنها تقع تحت سلطة وزير الداخلية برونو ريتايو، الذي أظهر عداءً غير مسبوق تجاه الجزائر.
بالمقابل، أكد الرئيس أن التعاون لا يزال قائماً مع مديرية المخابرات الخارجية الفرنسية، التي تخضع لسلطة وزارة الدفاع، مشيدًا بالتزام وزير الدفاع الفرنسي بروح المسؤولية منذ بداية الأزمة الدبلوماسية.
هذا التصريح يكشف بوضوح أن الخلافات السياسية أثرت على الأجهزة الأمنية الفرنسية نفسها، حيث يبدو أن هناك انقسامًا في التعامل مع الجزائر بين الداخلية والدفاع.
تصريحات مديرة الأمن الداخلي الفرنسي تؤكد مرة أخرى أن الأزمة تجاوزت مجرد خلافات دبلوماسية، وأصبحت تمس ملفات حيوية كان يُفترض أن تبقى بمنأى عن الصراعات السياسية.