تصاعدت حدة التهجمات بين المرشحين للرئاسة الفرنسية إيمانويل ماكرون واليمينية المتطرفة مارين لوبان بتبادلهما الاتهام بـ”الوحشية”، على بعد أيام من الجولة الثانية والحاسمة للانتخابات.
وفي تجمّع الخميس الماضي بأفينيون جنوبي فرنسا، دعت لوبان إلى “قطع الطريق” على الرئيس المنتهية ولايته، ما يعد هجوماً مضاداً لأن “قطع الطريق” في فرنسا عبارة تستعمل تاريخياً ضد اليمين المتطرف منذ بات يصل إلى الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية.
وقالت لوبان في تصريح لتلفزيون “بي إف إم” وراديو “إر إم سي” الفرنسيين أمس الجمعة “أنتم لا تصدقون أن هناك… عشرات الملايين من الفرنسيين الذين يعتبرون حكومة إيمانويل ماكرون استبدادية للغاية، وأنه حكم بمفرده بوحشية، وأنه قمع تظاهرات؟”.
وعلى أثير إذاعة “فرانس إنفو”، رد ماكرون الذي سبق أن اتهم منافسته بـ”الانحراف الاستبدادي”، بالقول إن برنامجها اليميني المتطرف ليس “تجسيداً للطيبوبة”.
وقبل 9 أيام من الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية يحافظ ماكرون على تقدمه في استطلاعات الرأي بحصوله على نسبة تراوح بين 53 و55% أي بهامش أقل بكثير مما حققه قبل 5 سنوات بفوزه على لوبان بنسبة 64% في مقابل 36%.
ويواصل المرشحان النهائيان إرسال إشارات إلى الناخبين من اليسار الذين ينتظر أن تكون أصواتهم حاسمة في الانتخابات.
ورداً على سؤال بشأن إمكانية تعيين رئيس وزراء من اليسار، أجاب إيمانويل ماكرون قائلاً: “لا أستبعد أي شيء أبداً”.
واعتبر الرئيس المترشح الذي يقدم نفسه دائماً على أنه “ليس من اليمين ولا من اليسار” ولكنه كثيراً ما اتُهم بأنه “رئيس الأثرياء”، أن مبلغ المكافآت التي يتلقاها قادة مجموعة السيارات ستيلانتيس “صادمة ومفرطة”، معرباً عن دعمه مقترح “تحديد سقف” لهذه المنح على مستوى الاتحاد الأوروبي.
واعتبرت لوبان التي تفتخر بتمثيلها “فرنسا المنسيين” وركّزت خلال حملتها في الجولة الأولى حول موضوع القوة الشرائية، أن سياسات إيمانويل ماكرون تخدم “قلّة” من الفرنسيين.
وبالنسبة لماكرون فإن الحملة بين الدورتين ليست مثل حملة الجولة الأولى التي جرت في ظل الحرب بأوكرانيا، وشارك خلالها في تجمّع واحد فقط وكانت تنقلاته محدودة.
وضاعف المرشح منذ الاثنين تنقلاته في مناطق البلاد وأجرى حوارات عفوية في بعض الأحيان مع الحشود. وسيعقد تجمعاً كبيراً اليوم السبت، في مرسيليا (جنوب شرق)، ثاني أكبر مدن فرنسا.
;غيّرت مارين لوبان اللهجة والوتيرة أيضاً بعد أن كانت تقود حملة هادئة، وفضّلت التنقل في مدن صغيرة. وكثّفت المرشحة حضورها في الإعلام وتناول الموضوعات الحكومية، مثل إصلاح المؤسسات.
وقال برنار سانانس رئيس معهد استطلاعات الرأي “إيلاب” لوكالة “فرانس برس”: “لقد انقلبت الجبهة، فإيمانيول ماكرون سيسعى خلال هذه الحملة إلى فرض صورة الشخص القريب من الناس التي لا يتمتع بها فيما ستسعى مارين لوبان إلى إرساء صورة الصدقية التي تختلف فيها عن ماكرون”.
وفي زيارة مفاجئة لسوق في بيرتوي (جنوب شرق) الجمعة، واجهت عدة نساء محجبات لوبان التي ينص برنامجها على حظر الحجاب في الأماكن العامة تحت طائلة غرامة مالية.
وشددت المرشحة على أن “حظر الحجاب ضروري”، واعتبرته “زياً” إسلامياً متطرفاً.
من جانبه، يعلن ماكرون أنه مدافع عن العلمانية والحريات الدينية. وقال مؤخراً إنه إذا “حظرت مارين لوبان الحجاب، بموجب دستورنا، فسيتعين عليها حظر الكيباه (القلنسوة اليهودية)… والصليب… والرموز الدينية الأخرى”.
ودعا جامع باريس الكبير (القريب من الجزائر) وتجمع مسلمي فرنسا (القريب من المغرب) الجمعة إلى التصويت لإيمانويل ماكرون.
وسبق أن فعلت العديد من المؤسسات اليهودية الشيء نفسه.
وقال عميد مسجد باريس الكبير شمس الدين حفيظ، إن “قوى خبيثة تتحدث علانية اليوم وتدعو إلى إقصاء المسلمين”.
وفي يوم “الجمعة العظيمة للمسيحيين” ذهبت مارين لوبان إلى كنيسة في لوريس، فيما زار ماكرون موقع ترميم كاتدرائية نوتردام في باريس.
وعلى غرار نحو 50 رياضياً في بداية الأسبوع دعا نحو 500 فنان وكاتب فرنسي إلى التصويت لمصلحة ماكرون، مستنكرين برنامج لوبان الذين يقوم على “كراهية الأجانب والانغلاق على الذات”.