أبرز الخبير في علم الاجتماع، الدكتور فوزي بن دريدي، أنّ السلوك الصهيوني المتطرف خاصةً إذا ما تعلق الأمر بالحكومة الحالية وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو، والذين يمثلون الجزء المهم في صوت الكيان الصهيوني شعبيا، أظهر الخسارة الواضحة لكل الأهداف التي بنيت عليها هذه الحملة الشعواء ضد الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة، وكل الروايات الباطلة التي تم كشف زيفها وكذبها فيما بعد إعلاميا، وأنه هو رد فعل نفسي من طرف هذه الفئة التي تمثل الكيان الصهيوني فيما يخص منع المحتجزين الإسرائيليين المفرج عنهم في وقت سابقٍ من الحديث إلى وسائل الإعلام، خوفاً من وقوف العالم على مدى أخلاق وإنسانية المقاومة الفلسطينية في معاملة الأسرى الإسرائيليين لديها، مقارنة بممارسة الكيان الصهيوني للإرهاب النفسي والجسدي بحق الأسرى الفلسطينيين خلف أسوار سجون الاحتلال.
وفي هذا الصدد، أوضح الدكتور بن دريدي في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أنه على النقيض من ذلك، استطاعت المقاومة الفلسطينية وفي كل مرة أن تظهر الصورة الحقيقية لتعاملها مع الأسرى المحتجزين لديها، وهذا الأمر بطبيعة الحال مستمد من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، فأظهرت المقاومة اللين والرفق في تعاملها مع الأسرى من الإسرائيليين والأجانب، وهذا التعامل الإنساني ترجمته مشاهد وصور الأسرى المفرج عنهم خلال صفقة التبادل التي تمت شهر نوفمبر الماضي.
ومن الناحية السيسيولوجية، كان لهذا الأمر صدى لافت وواضح على الداخل الإسرائيلي من خلال خلق حالة من الإحباط بعد دحض هذه المشاهد والوقائع الرواية الإسرائيلية التي انطلق منها الكيان الصهيوني في عدوانه الجائر والمستبد على قطاع غزة بتاريخ السابع أكتوبر الماضي، مُدعيّا أنه يواجه مجموعة من الإرهابين الذين لا يعرفون للرحمة طريقا، محاولين بذلك سلب صفة الإنسانية عن أفراد المقاومة الفلسطينية لتبرير ما يرتكبونه من مجازر وإبادة جماعية في حق أهل غزة، لكن كل هذه الادعاءات والافتراءات سقطت في لحظة في نهاية المطاف.
وأردف قائلا: “إن الواقع وما يجري على الأرض وضح – بما لا يدعُ مجالا للشك – أن هؤلاء ليسوا كما يروج عنهم، ونتحدث هنا عن أفراد المقاومة، بل هم أكثر إنسانية ورحمة وهمهم الأول المحافظة على حياة هؤلاء الرهائن ومشاركتهم الغذاء والدواء على قلته، عكس الكيان الصهيوني الذي تجبر وارتكب مجازر يَندى لها الجبين بحق الأبرياء والعزل في غزة، ناهيك عن معاملته اللاإنسانية للأسرى الفلسطينيين التي تنافي كل القيم والمبادئ التي تتضمنها المواثيق والاتفاقيات الدولية المبرمة في هذا الإطار على غرار اتفاقية جنيف بشأن معاملة أسرى الحرب”.
هذا، وأشار الخبير في علم الاجتماع، إلى أنّ هذه المشاهد جاءت لتكون بمثابة “صدمة” إذا ما تحدثنا عن الأمر من الناحية النفسية بالنسبة للمجتمع الإسرائيلي، الذي كان يُمني النفس بصور أخرى يصورها ويسوقها للعالم والمجتمع الدولي، بأن حركة المقاومة “حماس” هي مجرد حركة إرهابية تقطع رؤوس الأطفال وتغتصب النساء وتعنف الأسرى وتعذبهم.
وفي ختام حديثه لـ “الأيام نيوز”، أفاد الدكتور بن دريدي بأنّ حدث كان له أثر إيجابي جدّا على الحاضنة الشعبية للمقاومة داخل فلسطين وخارجها أيضا، كذلك يجب ألا نُغفل نقطة مهمة أخرى ألا وهي أن هناك رأي عام دولي في المجتمعات الأوروبية والغربية وكل العالم شاهد هذه الصور وفي الوقت ذاته شاهد صور التنكيل والإرهاب النفسي الذي يتعرض له الأسرى الفلسطينيين لدى الاحتلال، كل ذلك ساهم وبشكل كبير جدّا في كسب تعاطف دولي متزايد مع القضية الفلسطينية، خاصةً إذا ما تحدثنا عن المستوى الشعبي، كما أن هذه المشاهد والصور كسرت ودحضت الرواية الإسرائيلية فيما يخص إرهاب وتجريم وشيطنة المقاومة الفلسطينية التي كان يشتغل عليها الإعلام الصهيوني ويسعى جاهدًا إلى تسويقها وكل هذا فشل فيه الكيان الصهيوني فشلا ذريعا.