جدّد الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، تأكيده على قوة وعمق علاقات بلاده بروسيا التي يعود تاريخها إلى أكثر من 60 سنة.
الرئيس تبون قال في لقاء جمعه بوسائل إعلام محلية إن: “الجزائر دولة نافذة في حركة عدم الانحياز.. الروس أصدقاء لنا بدون شك ونحن أصدقاء أمريكا بدرجة وكيفية أخرى، ولا أحد يفرض علينا مواقفنا”.
وأضاف أن “هناك فاتورة لمواقف الجزائر غير المنحازة، لكن يجب علينا أن ثبت على مواقفنا”
وقال تبون: “روسيا دولة صديقة والصين أيضا، ولا يملك أحد الحق في محاسبتنا على الدول الصديقة لنا، والولايات المتحدة تتفهم طبيعة علاقتنا مع روسيا”.
الرئيس عبد المجيد تبون أشار إلى أن الولايات المتحدة تتفهم علاقة الجزائر بروسيا، علما أن واشنطن بذلت جهودا دبلوماسية كبيرة من أجل انتزاع موقف معارض للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا لكن دون جدوى.
كما ضغطت واشنطن على الجزائر لضمان تزويد حلفاءها في أوروبا بالغاز الطبيعي بعد أن حلقت الأسعار عاليا بسبب تطورات الأزمة الأوكرانية.
واختارت الجزائر الوقوف في صف الحياد، ولم تستجب لكل الطلبات، وفضلت تغليب علاقتها الدبلوماسية مع روسيا على كل المصالح المادية التي يُمكن أن تأتي من أوروبا.
الموقف الذي اتخذته الجزائر أظهر قوة العلاقة الدبلوماسية بين البلد الإفريقي وروسيا منذ أن كانت في الاتحاد السوفييتي.
وفي 20 أبريل الماضي، قال سفير روسيا بالجزائر ايغور بالييف، إن هنالك زيادة في وتيرة الاتصالات بين موسكو والجزائر وآخرها الاتصال الهاتفي بين الرئيسين فلاديمير بوتين وعبد المجيد تبون.
وصف السفير بالييف، في تصريح صحفي، المكالمة الهاتفية التي جمعت الرئيس بوتين وتبون بـ”الهامة”، موضحا أن “المكالمة هامة جدا وبحثت عدة ملفات متعلقة بالعلاقات الثنائية، وأهم القضايا الإقليمية، وتم خلالها الإشادة بالذكرى الستين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين”، وأفاد الدبلوماسي أن الرئيسين عبرا عن ارتياحهما للعلاقات الاستراتيجية، وأكدا على ضرورة تعميق الشراكة.
وكشف السفير الروسي أن بلاده تنتظر “ملاحظات الجزائر على مشروع اتفاق الشراكة الاستراتيجية المعمقة الذي جرى تسليمه للجانب الجزائري”، مشيرا أن التعاون والتنسيق بين البلدين، لا يشمل المسائل الثنائية فقط، مؤكدا وجود “تطابق في الرؤى بين الرئيسين حيال الوضع في فلسطين”.
ونفى السفير تأثر التبادل التجاري بين البلدين بعد بدء العمليات العسكرية، وقال إن المبادلات بلغت السنة الماضية 3 ملايير دولار”، ونبه إلى أن العلاقات التجارية “جيدة”.
وفي 5 أبريل الماضي، أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أنه يعتزم القيام بزيارة إلى الجزائر قريباً، دون أن يحدد موعداً لهذه الزيارة.
وقال لافروف خلال لقائه وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، في موسكو، على هامش زيارة قام بها وفد من لجنة الاتصال العربية الخاصة بمتابعة الأزمة الأوكرانية: “أتوقع أن أقوم بزيارة عودة للجزائر قريباً، سأصر على أن تستقبلوني، يقال عندنا أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً”.
وناقش لافروف ولعمامرة، حينها، ملف العلاقات الثنائية بين روسيا والجزائر، والتحضير للاستحقاقات الثنائية المقبلة، قصد إضفاء ديناميكية جديدة على العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، والتطورات الأخيرة على الصعيد الدولي وعلاقتها بالأزمة في أوكرانيا، كما أجرى لعمامرة مباحثات ثنائية مع رئيس مجلس الأمن الروسي، نيكولاي باتروشيف.
وعقب ساعات من لقاءات لعمامرة ولافروف، أعلنت المنطقة العسكرية الجنوبية الروسية أن مناورات مشتركة لمكافحة الإرهاب للقوات البرية الروسية والجزائرية ستجري في نوفمبر من هذا العام في الجزائر.
وقال المكتب الصحفي للمنطقة العسكرية الجنوبية في بيان نشرته وكالة “تاس” الحكومية الروسية، إنه انعقد في مدينة فلاديقوقاز الروسية المؤتمر التخطيطي الأول للإعداد لمناورات القوات البرية الروسية الجزائرية المشتركة لمكافحة الإرهاب، والتي من المقرر إجراؤها في نوفمبر من هذا العام في قاعدة حماقير في الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، وخلال المؤتمر، تم تنسيق سيناريوهات التمرين وتنظيم اللوجستيات، بما في ذلك إجراءات الإقامة.
وأضاف البيان أن المناورات ستكون عبارة عن تحركات تكتيكية للبحث عن الجماعات المسلحة غير الشرعية وكشفها وتدميرها، ومن المقرر أن يشارك في التدريبات من الجانب الروسي نحو 80 عسكريا من المنطقة العسكرية الجنوبية.
وأشار المصدر إلى أن خطة المناورات القتالية لقوات المنطقة العسكرية الجنوبية لعام 2022 تنص على مشاركة عسكريين من المنطقة في تدريبات دولية مع وحدات من القوات المسلحة للجزائر ومصر وكازاخستان وباكستان.
وتحرص روسيا على توثيق علاقاتها العسكرية مع الجزائر بشكل دوري سواء عبر المناورات المشتركة أو اللقاءات العسكرية الرفيعة. وانعقدت في هذا الشأن، أشغال الاجتماع العادي للجنة الحكومية المشتركة الجزائرية-الروسية المكلفة بالتعاون العسكري والتقني، في 25 مارس /آذار الماضي.
وتتميز العلاقات الجزائرية الروسية بكونها متينة منذ استقلال الجزائر عام 1962، في شقيها الدبلوماسي والعسكري، ففي هذه السنة أعلن الاتحاد السوفييتي إقامة علاقات دبلوماسية مع الجزائر المستقلة.
وبعد إقامة العلاقات اعترفت الجزائر سنة 1991 بروسيا الاتحادية، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، بعدها توالت الزيارات بين قادة البلدين، بدءاً من الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة الذي زار روسيا سنة 2001.
وفي سنة 2006، قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزيارة رسمية للجزائر، ردها الرئيس الجزائري السابق للمرة الثانية بزيارة رسمية إلى موسكو في 2008.
وكان الاتحاد السوفييتي من بين الدول الأبرز التي دعمت وساندت حرب التحرير الجزائرية سياسياً وعسكرياً، وكانت أول دولة في العالم تعترف بالحكومة الجزائرية المؤقتة.