شرعت وزارة التربية، رسميا، في تجسيد قرار رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الذي أمر بتوظيف 12 ألف أستاذ لتأطير الرياضة المدرسية في التعليم الابتدائي، على أن يتمّ إسناد تدريس المادّة إلى الأساتذة الحاملين لشهادات جامعية في التخصّص وبالتالي إعفاء أساتذة اللغة العربية من هذه المهمّة.
وثمّن الفاعلون في المجال التربوي القرار الذي سيحقق ـ حسبهم – فائدة كبيرة لأبنائنا المتمدرسين وكذا المتخرجين من الجامعة ومعاهد علوم وتقنيات النشاطات البدنية والرياضية.
وفي هذا الصدد، ثمّن النقابي والنائب البرلماني السابق، مسعود عمراوي، “قرار رئيس الجمهورية تدريس التربية البدنية والرياضية في التعليم الابتدائي من قبل أساتذة متخصصين من خلال إدماج خريجي الجامعات الجزائرية سيحقق فائدة كبيرة لأبنائنا المتمدرسين وكذا المتخرجين من الجامعة”.
وحسبه فإن “هذا القرار سيعود بالنفع والفائدة على أبنائنا التلاميذ لأنهم سيتلقّون مادّة التربية البدنية والرياضية من أساتذة متخصّصين ما يفتّق مواهبهم ويتم انتقاءها من التعليم الابتدائي التي لا محالة ستكون خزانا وستساهم بفعالية لفرق النخبة الوطنية مستقبلا في مختلف التخصصات”.
وأفاد مسعود عمراوي في تصريح لـ«الأيام نيوز» أن “ممارسة الرياضة السليمة من الصغر له مردود إيجابي على صحّة التلميذ من ناحية وعلى تكوينه وفق قواعد صحيحة وصقل مواهبه من ناحية أخرى”. وباعتبار التربية البدنية من مواد الإيقاظ، دعا النقابي الأساتذة إلى “توفير الأجواء الملائمة للتلاميذ من أجل تجديد نشاطهم وتنمية مداركهم، وتمكينهم من استيعاب دروس مختلف المواد التي تُقدم لهم، فالعقل السليم في الجسم السليم”.
المدرسة خزان النخب الرياضية
وكان وزير التربية الوطنية، عبد الحكيم بلعابد، قد وصف قرار رئيس الجمهورية توظيف أساتذة لتأطير الرياضة المدرسية في التعليم الابتدائي، مكسبا إضافيا ونقلة نوعية واستراتيجية ستسمح بترقية هذه المادة في الوسط المدرسي.
وكل هذا يأتي بهدف جعل المدرسة خزانا للنخب الرياضية، خاصة وأنه سيتم إسناد تأطير هذه المادة للأساتذة من حاملي الشهادات الجامعية في التخصص مقابل إعفاء أساتذة العربية من هذه المهمة التي كانت تقع على عاتقهم، ليتم بذلك تقليص الحجم الساعي لهؤلاء في هذا الطور التعليمي.
وأكد الوزير في ندوة وطنية ترأسها الوزير بلعابد لتقديم التعليمات الخاصة بتجسيد قرار أن “توظيف 12 ألفا من خريجي الجامعات الجزائرية المتخصّصين في التربية البدنية والرياضية، سيضاف إلى المجهودات التي تبذلها الدولة للحدّ من البطالة”.
كما أشار الوزير ـ بالمناسبة ـ إلى أن هذا الإجراء “خطوة هامة في مسار ترقية المدرسة الجزائرية إلى مصاف المنظومات التربوية المتقدمة، بتجسيدها لتوصيات الميثاق الدولي للتربية البدنية لليونيسكو”، فالمادة الرابعة من هذا الميثاق، تنص على أن دروس التربية البدنية ينبغي أن يقدّمها معلّمون مؤهلون في التربية البدنية في جميع المراحل التعليمية”.
وسيكون الإجراء أيضا “بمثابة دعم للتلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة، باعتبار أن التأطير المتخصّص يمتلك الكفاءات والمهارات التي تسمح له بتكييف النشاطات الرياضية لفائدة هذه الفئة من التلاميذ”، يوضح بلعابد.
القرار سيخلق مناصب شغل دائمة
وفي السياق، ثمّن رئيس الجمعية الوطنية الجزائرية للطب الرياضي الدكتور هشام علام قرار رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الرامي إلى استحداث رتبة أستاذ مختصّ في الرياضة لدى تلاميذ الطور الابتدائي.
وحسبه فإن هذا “القرار سيضمن خلق مناصب شغل دائمة من شأنها التخفيف من حدّة البطالة في وسط خريجي معاهد علوم وتقنيات النشاطات البدنية والرياضية”، وأوضح الدكتور هشام علام، بأن استحداث هذه المادة “ستساهم بشكل جدّي وفعال في تحسين المستوى الفكري والعقلي والتكوين الجسمي السليم للطفل، كما أن ممارسة الرياضة في هذه المرحلة تساهم في التقليل من نسبة الأمراض المنتشرة بين الأطفال الصغار، وتقيهم من خطر الأمراض القلبية والتنفسية مع مرور الوقت”.
وأبرز المتحدث أن “ممارسة الرياضة هو استثمار حقيقي لبناء جيل جديد خال من الأمراض وقادر على بناء الشخصية السويّة، من خلال إشراف أساتذة متخصصين في علوم وتقنيات النشاطات البدنية والرياضية بكل ما تشمل من مقاييس علمية يدرسونها في المسار العلمي العالي على غرار التغذية الرياضية، الاصابات الرياضية وإعادة التأهيل، الطب الرياضي، علم النفس والاجتماع علم التشريح والحركة”.
التخفيف من الاضطرابات النفسية
وأشار رئيس الجمعية الوطنية الجزائرية للطب الرياضي، إلى أن “هيئته قد ناضلت ودافعت ـ من خلال اللجنة الوطنية الصحية للرياضة المدرسية والجامعية ـ عن هذا التخصّص، ومن أجل بعث مشروع الرياضة في الطور الابتدائي، الذي سيقضي حتما على السلوكات غير السوية عند التلاميذ والتخفيف من الاضطرابات النفسية والسلوكية”.
ويرى الدكتور هشام علام بأن “التربية البدنية والرياضية في الطور الابتدائي ستعطي ـ حتما ـ دافعا لترقية وتطوير النتائج في مختلف الاختصاصات الرياضية، فهي بمثابة تمهيد حقيقي لاكتشاف وانتقاء أفضل، لجيل جديد يشرّف الراية الوطنية بمختلف المحافل الدولية من خلال الرياضة المدرسية التي تزخر بطاقات شبانية هائلة وتتميز بخصائص بدنية ونفسية عالية.
ماذا عن الجامعات؟
وبالمناسبة، دعت الجمعية الوطنية الجزائرية للطب الرياضي إلى إعادة بعث مشروع التربية البدنية والرياضية بمختلف الجامعات، وكذا العمل على دعم الفئات من ذوي الاحتياجات الخاصّة وذوي الهمم من خلال عمل مشترك وحقيقي بين الوزارات الثلاثة: التعليم العالي والبحث العلمي، التربية الوطنية، الشباب والرياضة، كما أكدت الجمعية على ضرورة “الاهتمام بالتكوين المستمر لكل الخريجين في مجال الرياضة والصحة”.