إذا كان رئيس سلطة العدو الصهيوني، بنيامين نتنياهو، قد قرّر تمديد الحرب على غزّة إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية المقررة في نوفمبر المقبل، فإن رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيى السنوار، قد أعدّ العدة لمواجهة هذا السيناريو وأكثر. ففي رسالة موجهة إلى زعيم حركة أنصار الله في اليمن، عبد الملك بدر الدين الحوثي، أكد السنوار أن المقاومة الفلسطينية مستعدة لخوض حرب استنزاف طويلة، وقد جاءت هذه الرسالة عقب الضربة الموجعة التي وجهها “أنصار الله” للكيان الصهيوني، مستهدفة مستوطنة “تل أبيب”.
وكالات أنباء نشرت تفاصيل رسالة وجّهها يحيى السنوار إلى عبد الملك الحوثي أمس الاثنين، بعد إعلان أنصار الله تدشين المرحلة الخامسة من عملياتهم الداعمة والمؤازرة للمقاومة في غزة. وقال زعيم حماس في الرسالة المذكورة إن عملية طوفان الأقصى جاءت لتوجيه ضربة للمشروع الصهيوني في فلسطين والمنطقة.
ووجّه السنوار الشكر لـ”أنصار الله” على “عاطفتهم الصادقة وإرادتهم الصلبة التي رأيناها في الميدان ورسائلهم”، وخاطب الحوثي قائلا: أبارك وصول صواريخكم إلى عمق الكيان الصهيوني، متجاوزة طبقات الدفاع ومنظومات الاعتراض، مؤكدا أن هذه العمليات تعيد وهج معركة طوفان الأقصى وتأثيرها على قلب “تل أبيب”.
وقال إن تلك العمليات النوعية أرسلت رسالة قوية للعدو مفادها أن خطط الاحتواء والتحييد قد فشلت، وأن تأثير جبهات الإسناد يأخذ منحى أكثر فعالية وتأثيرا في حسم المعركة، مشيرا إلى أن “تضافر جهودنا مع المقاومة في اليمن ولبنان والعراق سيلحق الهزيمة بالعدو بدحره عن وطننا بإذن الله”.
وتحدث عن الوضع في قطاع غزة، قائلا إن الشعب الفلسطيني في القطاع يتعرض لحرب إبادة جماعية وحصار وتجويع، وهو ما يتطلب من الأمة مساندته، أما بشأن وضع المقاومة بعد قرابة العام من الحرب المتواصلة، أكد السنوار أنها بخير، وأن “ما ينشره العدو من أخبار ومعلومات يأتي في إطار الحرب النفسية”، كما أكد أن المقاومة تعد نفسها لمعركة استنزاف، و”ستكسر إرادة العدو السياسية كما كسرت إرادته العسكرية”.
وقبل أيام، وجّه السنوار رسالة إلى الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، شكره فيها على انخراط الحزب في مواجهة الاحتلال الصهيوني ضمن معركة طوفان الأقصى، وكشف المكتب الإعلامي لحزب الله عن الرسالة صباح يوم الجمعة الماضي، وهي تأتي بعد نحو شهر من تولّي السنوار رئاسة الحركة خلفا للشهيد إسماعيل هنية، الذي اغتيل بطهران في 31 جوان الماضي.
وقال السنوار إنه “تلقى بتقدير بالغ رسالة الأمين العام لحزب الله التي تضمنت تهنئته بانتخابه للمنصب وتعزيته باستشهاد هنية”، وأشاد رئيس حركة حماس بانخراط حزب الله في جبهات محور المقاومة مساندة ودعما ومشاركة في المعركة.
وقال إن “استشهاد إسماعيل هنية في معركة طوفان الأقصى يؤكد أن دماء القادة ليست أغلى من دماء أبناء الشعب الفلسطيني”، وأضاف “هذه الدماء الزكية والقوافل المباركة من الشهداء ستزداد صلابة وقوة في مواجهة الاحتلال الصهيوني النازي”، وفق تعبيره.
وأكد السنوار أن حماس “ستبقى كما كانت دوما ثابتة على درب الوفاء لدماء الشهداء، وأن المبادئ السامية التي كان يدعو لها هنية ستظل ثابتة وحاضرة وتمضي عليها حركتنا ومجاهدونا”، وكتب أيضا في رسالته إلى نصر الله “في مقدمة هذه المبادئ وحدة شعبنا الفلسطيني على خيار الجهاد والمقاومة، ووحدة الأمة وفي القلب منها محور المقاومة في وجه المشروع الصهيوني دفاعا عن أمتنا ومقدساتنا حتى دحر الاحتلال وكنسه عن أرضنا، وإقامة دولتنا المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس”.
وكانت حركة حماس أعلنت في السادس من أوت الماضي انتخاب يحيى السنوار لرئاسة الحركة خلفا لإسماعيل هنية، وكان السنوار قد اختير بالإجماع عبر آليات التصويت المتبعة داخل الحركة.
وفي سياق ذي صلة، قالت صحيفة وول ستريت جورنال، أمس الاثنين، نقلاً عن وسطاء عرب في محادثات وقف إطلاق النار، إن رئيس حركة حماس يحيى السنوار يعتمد على نظام تواصل “بدائي”، مكون من الملاحظات المكتوبة بخط اليد والرُّسل والرموز، يحميه من شبكة جمع المعلومات الاستخبارية الصهيونية، ويسمح له بتوجيه عمليات حركة حماس حتى وهو في الأنفاق.
وبحسب ما تشير الصحيفة تكون الرسالة النموذجية من السنوار مكتوبة بخط اليد وتُمرَّر أولاً إلى عضو موثوق به في حماس ينقلها فوراً إلى سلسلة من الرسل قد يكون بعضهم من المدنيين، وغالباً ما تكون الرسائل مشفرة برموز مختلفة لمتسلِّمين مختلفين وظروف وأوقات مختلفة، وذلك بناءً على نظام طوره السنوار وأسرى آخرون أثناء وجودهم في السجون الصهيونية.
ولا يخفى أن الاستخبارات العسكرية الصهيونية تمتلك أكثر القدرات تطوراً في العالم بشأن اعتراض الاتصالات الإلكترونية، إلا أن (إسرائيل) لم تنجح في العثور على السنوار الذي تعتبره مهندس عملية “طوفان الأقصى”، رغم إصرارها على الوصول إليه لمنحها صورة انتصار كبيرة في هذه الحرب التي تذوقت فيها مرارات الهزيمة المذلة.
وتشير “وول ستريت جورنال”، إلى أن (إسرائيل) كانت تعلم منذ ما لا يقل عن عقد من الزمان أن حماس أنشأت نظام اتصال أرضياً في الأنفاق، وأسفرت محاولة قوات صهيونية خاصة عام 2018 للتنصت على شبكة حماس الهاتفية، عن اندلاع مواجهة تبادل خلالها الطرفان إطلاق النار لعدة أيام.
وقال الوسطاء الذين نقلوا الرسائل من وإلى السنوار بطريقة غير مباشرة، إن الرسالة قد تصل بعد ذلك إلى وسيط داخل غزة أو أحد العناصر الذين يملكون هاتفاً ويتبعون لحركة حماس، أو أي طريقة أخرى لإرسالها. وفيما تشير الصحيفة إلى أن أساليب اتصال السنوار باتت أكثر حذراً منذ اغتيال عدد من رفاقه، بما في ذلك القيادي صالح العاروري في بيروت، إذ تحول بالكامل إلى الرسائل المكتوبة بخط اليد والتواصل الشفوي، وفي بعض الأحيان يتداول التسجيلات الصوتية عبر دائرة صغيرة من المساعدين، وفقاً لوسطاء عرب.
كما أجرى السنوار أيضاً مكالمات هاتفية مع وسطاء على شبكة الهاتف الأرضي لحماس في الأنفاق، باستخدام رموز لتحديد اليوم والوقت بالإضافة إلى الأسماء المستعارة، بحسب ما قال الوسطاء للصحيفة. وعن نظام الاتصالات، تقول الصحيفة، إن نهج السنوار البدائي في الاتصالات يعود إلى نظام استخدمته حماس في سنواتها الأولى والذي تبناه زعيم حماس عندما اعتُقل في عام 1988 وسُجن لاحقاً في سجن صهيوني.