استقبل ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، الثلاثاء، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي وصل إلى الرياض لإجراء مباحثات رسمية.
ونشرت صفحة وكالة الأنباء السعودية الرسمية على تويتر فيديو استقبال الرئيس المصري، حيث صافحه ولي العهد واحتضنه، فيما رصدت العدسات مقاتلات جوية تزين سماء المملكة بألوان العلم المصري.
وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية بسام راضي، إن “الزيارة تأتي في إطار عمق العلاقات المصرية السعودية وما يربط بين الدولتين الشقيقتين من علاقات أخوة وتعاون على جميع الأصعدة”.
وأوضح أن “الرئيس السيسي سيبحث خلال الزيارة مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعو، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي عهد المملكة العربية السعودية، العلاقات الثنائية الوثيقة التي تجمع بين البلدين.
وأضاف أنه “سيتم التشاور والتنسيق حول مختلف القضايا والأزمات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك خلال المرحلة الراهنة، والتي تتطلب تضافر الجهود من أجل حماية الأمن القومي العربي”.
وبحسب مصادر فإن “الزيارة التي تستغرق ساعات قليلة، تأتي في وقت يعاني فيه النظام المصري من أزمة اقتصادية عنيفة، كانت قد بدأت تبرز قبل اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، وتضاعفت بشكل أكبر بسبب تداعيات هذه الحرب”.
وأضافت المصادر أن الرئيس المصري “يعوّل كثيراً على الجانب السعودي في الحصول على حزمة مساعدات اقتصادية، وشحنات إضافية من البترول السعودي، لتأمين احتياجات السوق المصري، في ظل الارتفاع غير المسبوق في الأسعار الذي صاحب الغزو الروسي لأوكرانيا”.
وأشارت المصادر في الوقت ذاته إلى أن “نتائج زيارة السيسي الأخيرة إلى الكويت لم تكن على المستوى المأمول به من حيث الدعم الاقتصادي الذي ذهب السيسي طالباً إياه”.
وقالت مصدر خاص إن السيسي “ذاهب برسالة للسعوديين، مفادها بأن الوضع في مصر بات على شفا انفجار، وقد يصعب على الجميع وفي المقدمة دول الخليج، السيطرة على تداعياته”.
وبحسب المصدر، فإن لدى صانع القرار المصري “اقتناعاً بأن دول الخليج الغنية بالنفط، تعيش أياماً تعد الأفضل منذ الخسائر التي سببتها جائحة كورونا، وذلك بسبب تأثيرات الأزمة الروسية الأوكرانية على سوق النفط، وهو ما سيجعلها قادرة على تقديم يد العون له”.
وأوضح المصدر، أن زيارة السيسي للسعودية “ستتبعها زيارة أخرى للرئيس المصري خلال الأيام القليلة المقبلة إلى سلطنة عمان، من المقرر أن يبحث خلالها مع السلطان هيثم بن طارق، إمكانية مساهمة بلاده في دعم القاهرة اقتصادياً في الوقت الراهن”.
رسالة أمريكية للسعودية بشأن النفط
من جهته، كشف مصدر دبلوماسي رفيع المستوى في وزارة الخارجية المصرية، أن من بين ما يحمله السيسي ضمن الملفات الخاصة بزيارته للسعودية، رسالة أمريكية للمسؤولين في المملكة، بشأن ضرورة زيادة الإنتاج اليومي من النفط، للسيطرة على سوق الطاقة العالمي، بسبب الصعود الهائل في الأسعار نتيجة الأزمة الروسية الأوكرانية.
وزار منسق شؤون الشرق الأوسط وأفريقيا في مجلس الأمن القومي الأمريكي، بريت ماكغورك، ومبعوث وزارة الخارجية الأميركية للطاقة، عاموس هولشتاين، الرياض الأربعاء الماضي، لتعزيز العلاقات مع المملكة على نطاق أوسع، والضغط على المسؤولين السعوديين لضخ المزيد من النفط الخام لتحقيق الاستقرار في الأسواق.
وقد قوبل هذا المطلب برفض سعودي، إذ أكدت المملكة التزامها باتفاق “أوبك بلس” للحفاظ على المعدلات المتفق عليها بين الدول الأعضاء في منظمة “أوبك”، والذي يستمر لخمس سنوات.
وبحسب المسؤول الدبلوماسي المصري، فإن السيسي يحمل رسالة وساطة من الجانب الأميركي للعاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد محمد بن سلمان، خاصة في ظل حالة التوتر التي تسود العلاقات بين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، ودول في الخليج على ضوء تعاملهم مع الأزمة الروسية الأوكرانية.
وقد عبّرت تصريحات صحافية لولي العهد السعودي أخيراً، عن حالة التوتر هذه، إذ كشفت تصريحات بن سلمان عن غضبه واستيائه من طريقة تعامل بادين معه منذ فوزه بالرئاسة الأمريكية.
اليمن وسد النهضة على رأس المحادثات
ويقول متابعون أن الملف اليمني سيكون على رأس محادثات السيسي والمسؤولين في المملكة، مؤكداً أن الرياض لن تفوّت الفرصة للحصول على تعهدات، سواء من جانب مصر أو أميركا، بدعم واضح في هذا الملف الذي يؤرق المملكة بشكل كبير، وتسعى جاهدة لإنهائه في أسرع وقت ممكن.
ويرجح هؤلاء أن السعودية ربما تعدّل موقفها المتمسك بعدم زيادة إنتاج النفط، حال حصلت على تعهد من جانب الإدارة الأمريكية بموقف أكثر حزماً ودعماً في حربها باليمن.
ولفتوا كذلك إلى أن من بين الملفات الطارئة التي تعوّل القاهرة كثيراً على دور سعودي فيها بخلاف الدعم المالي، هو ملف أزمة سد النهضة، وذلك في الوقت الذي يمر فيه هذا الملف بمرحلة حساسة.
وأشاروا إلى أن هناك تحركات مصرية من أجل دفع إثيوبيا للجلوس على طاولة المفاوضات في أسرع وقت، في حين تمتلك السعودية نفوذاً كبيراً لدى أديس أبابا عبر الدعم الاقتصادي والاستثمارات الخاصة بها هناك، يمكن استغلاله في هذا الإطار.
وأوضحوا أنه بخلاف الملفات الطارئة التي استدعت الزيارة، فمن المقرر أن يتم التطرق إلى ملفات الشراكة بين الدولتين، وعلى رأسها مسألة الاستثمارات السعودية في مصر، بالإضافة إلى مشروع الربط الكهربائي بين البلدين، والمقرر تشغيل المرحلة الأولى منه في أكتوبر/تشرين الأول 2024 بقدرة 1500 ميغاوات، لتصل بعد ذلك إلى 3 آلاف ميغاوات.
ويوجد مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، حالياً في مرحلة التصميم النهائي للخطوط والكابلات الخاصة بخط الربط، موضحاً أن الشركة المصرية لنقل الكهرباء والجانب السعودي، ملتزمان بالجدول الزمني للمشروع لتشغيله في الوقت المحدد له.
ووقعت كل من مصر والسعودية عقود مشروع الربط الكهربائي في أكتوبر الماضي، ومن المقرر أن تستغرق المرحلة الأولى منه 36 شهراً، ويتيح تبادل 3 آلاف ميغاوات بين البلدين في وقت الذروة الذي يختلف بين البلدين بفارق 6 ساعات تقريباً.