تتصرف الصين بعقلية “رسول المحبّة” خلال تقديم مبادراتها لإنهاء (الحرب) بين المقاومة الفلسطينية والكيان الصهيوني، وكذا لإنهاء الحرب القائمة بين روسيا وأوكرانيا، وخلال ذلك تبدو الصين أنها تتجاهل حقيقة مفادها أنه في حال وصل الوضع في تايوان إلى مواجهة دامية، فإن تايوان ستقتدي بالكيان الصهيوني وأوكرانيا.
وفي هذا الشأن افترضت صحيفة “أوراسيا ديلي” أن دونالد ترامب وصل إلى السلطة في الولايات المتحدة، ما يجعل الوضع حول تايوان قابلا للانفجار، بل يمكن توقع أي سيناريو مهما كان رهيبا.
وقد بات واضحا أن الجيش التايواني يراقب من بعيد، ويسجل قائمة بأنجع الأساليب -حسب تعبير الصحيفة- مقتديا بأوكرانيا، لكن المفارقة أن تايوان تعتقد بإمكانية فوزها على الصين، في حال استفادت من الدعم الغربي –مثل الكيان الصهيوني- والأهم من ذلك أنها تريد خوض الحرب على طريقة رجال المقاومة في غزة.
هذا ما يمكن وضعه تحت عنوان “الاقتداء المزدوج”، بما يعني أن تايوان -وفق هذا السيناريو- ستجمع بين نقيضين: دناءة “إسرائيل” في طلب السلاح والمال من الغرب، وذكاء وشجاعة وحنكة رجال المقاومة في طريقة الحرب التي ابتدعوها فأبهروا بها العالم.
ومع أن الجمع بين هذين النقيضين غير ممكن، لأسباب أهمها أن الجبان والدنيء لا يمكن أن يكون ذكيا وشجاعا في الحين ذاتها، إلا أنه يمكن التجاوز والقبول بالفرضية، لنقل هذا الإسقاط إلى الصين التي لم تقرر بعد أن الغرب لن يتركها بسلام حتى يطوعها أو ينال منها.
وتشير عديد التقارير أن تايوان بدأت بالفعل التعامل مع خطط لنقل الذخيرة، كجزء من التدريبات العسكرية التي تجري كل شهرين، يشارك فيها مدربون وجنود من مشاة البحرية الأمريكية، وكل هذا يحدث تحت أنظار الصين المشغولة بطرح مبادرات “خيّرة” كسبا لود الجميع: الأعداء والأصدقاء.
إن الصين -التي تحاول أن تبدو جيدة مع واشنطن وجيدة مع موسكو أيضا، وفي جهة أخرى، تبدو مساندة للفلسطينيين وناعمة مع الصهاينة- لا تختلف في طريقة تفكيرها عن قادة تايوان الذين يقتدون بالكيان الصهيوني وبالمقاومة في ذات الحين.
وتساءلت “أوراسيا ديلي”: ماذا سيحدث بعد الانتخابات الأمريكية في حال فوز دونالد ترامب؟ وأجابت كالآتي: “لقد وعد مستشاروه بتقليص أولوية أوروبا وإلقاء كل قواتهم باتجاه آسيا ضد الصين. وحتى في حلف شمال الأطلسي فإنهم لن يحافظوا على الضمانات الأمنية”.
وأضافت الصحيفة: “في هذه الحالة سوف يصبح الوضع حول تايوان قابلا للانفجار، ويمكن توقّع أي سيناريو، بدءا من حصار بحري على خلفية الانتخابات وعدم الاستقرار في الولايات المتحدة، وصولا إلى صراع ساخن.
يوم الجمعة الماضي، كشفت صحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست، أن القوات المسلحة الصينية قادرة على فرض الحصار على جزيرة تايوان باستخدام طائرات دون طيار فقط، وقد جرى التدرب على تنفيذ حصار والسيطرة على جزيرة مجهولة ذات شكل ضيق يشبه تضاريس تايوان.
هذا ما يحدث في الغرف المغلقة بالصين أما في العلن، فأمر آخر: لقد ظهر الرئيس الصيني شي جين بينغ أمس الاثنين -خلال استقباله رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان الذي يزور بكين – ليدعو المجتمع الدولي إلى العمل على تهيئة الأجواء لإجراء حوار مباشر بين روسيا وأوكرانيا لإنهاء الحرب وإحلال السلام بين البلدين، وقال بينغ إن على القوى العظمى مساعدة روسيا وأوكرانيا على بدء مفاوضات سلام مباشرة.
وفي انتقاد ضمني للموقف الغربي خصوصا الموقف الأمريكي، قال الرئيس الصيني: “فقط عندما تمارس القوى العظمى طاقة إيجابية بدلا من طاقة سلبية، يمكن أن يظهر سريعا بريق أمل بالتوصل إلى وقف إطلاق نار”، وكان رئيس الوزراء المجري إلى بكين في زيارة تصرف خلالها هو الآخر على أنه “رسول سلام”، متناسيا أنه يميني متطرف لم يقل كلمة خير واحدة في أطفال ونساء غزة.