تواصل الجمعيات الاستيطانية الصهيونية، محاولاتها للسيطرة على حي الشيخ جراح ـ بالقدس المحتّلة ـ وهو أحد الأحياء العربية المستهدفة من طرف الاحتلال الصهيوني.
وأصدرت محاكم سلطة الاحتلال ـ على مدار السنوات السابقة ـ العديد من القرارات لصالح هذه الجمعيات التي سيطرت على منازل فلسطينية بادعاء أنها تابعة لليهود، رغم اعتراض الأهالي عليها بعد أن تبيّن لهم حدوث عمليات تزوير في الوثائق والمستندات، وهناك العديد من القضايا ضد السكان الفلسطينيين ما زالت في أروقة المحاكم.
وبين الفينة والأخرى، يتعرّض السكان لاعتداءات واستفزازات من قبل مستوطنين مدعومين بقوات من الاحتلال التي توفّر لهم الحماية وتعتقل الفلسطينيين من سكان الحي لإرغامهم على الرحيل.
ولعل آخر المخططات التي تستهدف الحي الفلسطيني، ما نشرته صحيفة «إسرائيل هيوم» العبرية قبل أيام من أنه سيتم مضاعفة عدد المستوطنين في مستوطنة «الشيخ جراح» التي يصفها الإسرائيليون بمغارة «شمعون الصديق» و«نحلات شمعون»، مشيرة إلى أنه تم المصادقة على 3 مخططات بناء تنتظر مرحلة إصدار رخص بناء.
وتوجد المخططات الثلاثة الجديدة على بعد عشرات أمتار من المستوطنة القائمة وبادر بها يهود يتبنون توجّهات صهيونية ويزعمون ملكيتهم للأراضي من خلال شركات أجنبية.
وينص المخطط الأول على إقامة مبنى بارتفاع ستة طوابق، وينص المخطط الثاني على هدم مبنى قائم وإقامة مبنى سكني من خمسة طوابق، بينما ينص المخطط الثالث على إقامة مبنى محلات تجارية ومشاغل بارتفاع عشرة طوابق منها أربعة تحت الأرض.
وحسب الصحيفة العبرية، تقطن 21 عائلة استيطانية في مستوطنة الشيخ جراح، وحسب الادعاءات الإسرائيلية يشكّل هؤلاء عدد العائلات الاستيطانية التي كانت تعيش في المستوطنة قبل العام 1948، ومن المقرر ـ وبعد تنفيذ هذه المخططات ـ وصول عدد العائلات في المستوطنة التي تشكّل امتدادا استيطانيا يصل إلى جبل المشارف إلى أكثر من 40 عائلة.
صندوق أراضي “إسرائيل”
قد تبدو هذه مشاريع تجارية، لكنها ـ في واقع الأمر ـ تشير مخططاتها التفصيلية إلى الرغبة بتوطين أكبر عدد ممكن من اليهود في المستوطنة، ويقف على هذه المخططات من وراء الكواليس «صندوق أراضي إسرائيل» الذي أقامه المتطرف «اريه كنغ» نائب رئيس بلدية الاحتلال في القدس، ويعمل هذا الصندوق على شراء الأراضي من الفلسطينيين واليهود.
ووفق الصحيفة، تتّجه النية لإيجاد امتداد استيطاني من شارع رقم 1 غربا إلى فندق شبرد، ومنه إلى مستوطنة الشيخ جراح وحي اليمن بوسط بلدة سلوان، وذلك عبر جبل الزيتون ومستوطنة معاله زتيم بمنطقة رأس العامود ومدينة «داود» في سلوان جنوب المسجد القاصي ومنطقة باب المغاربة، وتنشط في هذا المجال بالمناطق الأخيرة أيضا الجمعية الاستيطانية «العاد» التي تعمل على تهويد القدس الشرقية.
ويصف الصهيوني «كنغ»، هذه المخططات بحلقة من التصرفات المغايرة والحديثة نسبيا، في سياق الاستيطان اليهودي بالقدس الشرقية، ويقول: “إلى جانب شراء بيت هنا، و«دونم»، هناك ومخزن في هذه الجهة وتسوية هنالك، وقد برزت في السنوات الأخيرة توجهات جديدة لدى جمعيات تسعى إلى أخذ المزيد من الأراضي في القدس الشرقية، وفق زعمه.
قوس استيطاني
وتعقيبا على كل ذلك، أكد مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية خليل التفكجي أن وزارة شؤون القدس وبلدية الاحتلال، تعملان على إقامة قوس استيطاني ضخم في الأحياء المقدسية، من شمال وجنوب البلدة القديمة بهدف تطويق وتفتيت المدينة والوجود الفلسطيني فيها.
وأضاف أن الهدف من هذا القوس الاستيطاني الواسع، هو السيطرة الكاملة على الحوض المقدس حسب التعريف الإسرائيلي الذي يبدأ من سلوان حتى جبل الزيتون، والهدف الثاني زيادة عدد المستوطنين الذين يخترقون الأحياء الفلسطينية تمهيدا لاقتلاع المقدسيين من هناك وتضييق الخناق عليهم.
التفكجي يقول إن تفتيت الأحياء الفلسطينية وتحويلها إلى فسيفساء في قلب الأحياء والمستوطنات الإسرائيلية ـ وهذا القوس الاستيطاني ـ يأتي ضمن ما كان يعرف بالقدس الأردنية والتي كانت مساحتها 6.5 كم فقط، يجري تهويدها وأحكام السيطرة عليها كونها الدائرة الضيقة المحيطة بالبلدة القديمة.
وأكد أن ملاحقة أهالي الشيخ جراح مستمرة، لتهجيرهم وإحلال المستوطنين المتطرفين مكانهم، مؤكدا أن الاحتلال صادر 3345 دونما من أراضي الشيخ جراح عام 1968، وحولها إلى ما يسمى حارس أملاك الغائبين كما وضع اليد على 326 قطعة أرض يملكها فلسطينيون.
وتجدر الإشارة إلى أن سلطة الاحتلال أنهت مؤخراً ـ بطريقة تعسفية ـ إجراءات تمليك الأراضي في هذه المنطقة، لفائدة المستوطنين اليهود دون علم السكان الفلسطينيين.