أصبح الرئيس الأمريكي، جو بايدن، مثل الفتى الجبان الذي يسرق المال من عائلته ليمنحه إلى لصوص أغراب، وهذا ما ينطبق على حالة البيت الأبيض الذي لا يزال يكرّر محاولته اليائسة مع الكونغرس لأخذ المزيد من المال، بغرض توجيهه إلى الرئيس الأوكراني، فلوديمير زيلينسكي، ورئيس حكومة الكيان الصهيوني، بنيامين نتنياهو!
يوم الإثنين الماضي، اضطر الرئيس الأوكراني، فلوديمير زيلينسكي، لأن يسافر إلى الولايات المتحدة ليتحدث مع أعضاء مجلس الشيوخ لإقناعهم بتقديم تمويل إضافي يستخدمه في حربه العبثية مع روسيا.
لكن كبير الباحثين في معهد الولايات المتحدة وكندا التابع لأكاديمية العلوم الروسية، فلاديمير فاسيليف، يرى أن زيلينسكي لن يتمكن من إقناع الجمهوريين، وقال لـ”نيزافيسيمايا غازيتا”: “إذا كانت المفاضلة في التمويل، على سبيل المثال، بين تايوان وأوكرانيا، فإن حججه من الممكن أن تكون مؤثرة، لكن العام الانتخابي قادم، فقد حدد الجمهوريون أولوياتهم بوضوح”.
وأوضح فاسيليف يقول: “الأهم هو ما يحدث في الولايات المتحدة. وفي هذه الحالة، ما يجري على الحدود مع المكسيك، والقضايا الأخرى ثانوية. وبدعوة زيلينسكي، تكون إدارة بايدن قد ألقت ـ إذا جاز التعبير ـ باحتياطها الأخير، وهذا في رأيي يدل على ضعفها.
واستدرك الباحث الكبير بالقول: “لكن، من غير المرجح أن يكون لتحذيرات الرئيس الأوكراني وطلباته أي تأثير، بل يمكنهم ـ مجلس الشيوخ ـ التصرف بطريقة معاكسة تمامًا: سيرون في خطابه تدخلا في الشؤون الداخلية للبلاد. وبالنظر إلى أن قضية عزل بايدن تجري مناقشتها الآن، فإن هذه لن تكون الخلفية الأفضل للرئيس”.
وبحسب فاسيلييف فإن الخيار الأكثر واقعية لتطوّر الوضع هو تأجيل هذه القضية حتى العام المقبل، ومن المرجح أن تدمج مساعدة أوكرانيا في ميزانية البنتاغون ويجري تخفيضها وفقًا لذلك. وأخيرا، لا يمكن استبعاد احتمال انتفاء الحاجة إلى تمويل في العام المقبل على الإطلاق، لأن الصراع سيتوقف.
غباء لا يتزعزع!
زيلينسكي ـ الذي لم يتم استقباله في أمريكا كبطال كما السابق ـ ألقى يوم الإثنين خطابا في جامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون، حيث قال للطلاب: “إن التأخير في الموافقة على المساعدات الأوكرانية يصب في مصلحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين”، وكان وزير الدفاع لويد أوستن قد قدم زيلينسكي قائلا: إن “التزام أمريكا الأمني تجاه أوكرانيا لا يتزعزع”.
وكلمة لا يتزعزع كان لها ذكر في خطاب سابق، حين قال الرئيس الأمريكي جو بايدن في حفل إضاءة الشمعدان بالبيت الأبيض إن “الدفء والتواصل الذي أشعر به مع الجالية اليهودية لا يتزعزع”، وأضاف بايدن في ذلك الحفل: “لقد وقعت في مشاكل وانتقادات عندما قلت قبل بضع سنوات إنه ليس عليك أن تكون يهوديا لتكون صهيونيا، وأنا صهيوني”.
وقال بايدن “سنواصل تقديم المساعدة العسكرية لـ (إسرائيل) حتى تتخلص من حماس، لكن علينا أن نكون حذرين، عليهم أن يكونوا حذرين (قادة الكيان)، الرأي العام العالمي كله يمكن أن يتغير بين عشية وضحاها، ولا يمكننا أن نسمح بحدوث ذلك”، وأضاف “كما قلت بعد هجوم طوفان الأقصى في 7 أكتوبر، فإن التزامي بسلامة الشعب اليهودي، وأمن الكيان، وحقها في الوجود كـدولة يهودية مستقلة، لا يتزعزع”.
غير أن رئيس الوزراء سلطة بنيامين نتنياهو اعترف، يوم الثلاثاء، بوجود خلاف مع بايدن بشأن اليوم التالي للعدوان في قطاع غزة، ويعتبر محللون إسرائيليون تصريحات نتنياهو منذ بداية الحرب على غزة جزءا من حملة انتخابية يواصلها لخدمة مصالحه، بينما في الطرف الآخر يخسر بايدن ـ المزيد من النقاط ـ في فرصه الانتخابية.
ففي الاستطلاع الذي أجرته شبكة “سي بي إس نيوز” أعرب 61 % ممن شملهم الاستطلاع عن معارضتهم لأسلوب تعامل إدارة بايدن مع هذا العدوان، وعبر 34 % عن اعتقادهم بأن تصرفات هذه الإدارة لا تخدم السلام، بينما قال 20 % إنهم يعتقدون أنها جعلت الأمر أقرب إلى الحل السلمي، ورأى 46 % أن تصرفات إدارة الرئيس ليس لها أي تأثير.
لافروف يسخر من شعار بايدن الجديد
من جهته، صرح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بأن واشنطن أدرجت شعارا جديدا بعد فشل الهجوم الأوكراني المضاد وهو “عدم السماح لبوتين بالانتصار في أوكرانيا”.
وجاء ذلك خلال كلمة الوزير أمام مجلس الاتحاد، أمس الأربعاء، إذ قال إن واشنطن، وبعد انهيار الآمال التي كانت معلقة على ما يسمى بالهجوم الأوكراني المضاد، توقفت عن شعارها “هزيمة روسيا الإستراتيجية في ساحة المعركة”، مقابل شعار جديد هو “عدم السماح لبوتين بالانتصار في أوكرانيا”، وإلا فسوف “يغزو (الناتو) بأكمله، وبعدها لن تتمكن الولايات المتحدة من السكوت عن ذلك”، وفقا للافروف.
وقال الوزير إنه “ليس من السهل على منتقدي روسيا أن يدركوا أن الرهان على الحرب الخاطفة المتمثلة في العقوبات ضد الاقتصاد الروسي قد فشلت تماما، لهذا لا يعترف أولئك الذين أطلقوا العنان لحرب هجينة ضد البلاد بأخطائهم، ويحاولون البحث عن مزيد من الأدوات غير الشرعية من أجل استنزاف روسيا”.
وأشار الوزير إلى أن أمل الغرب الجماعي هو القضاء على روسيا ككيان جيوسياسي، وتابع: “ولهذا الغرض، يستخدم الغرب الجماعي بنشاط النازيين الجدد الأوكرانيين”.
وللتذكير، فإنه في خطابه إلى الأمة، يوم 20 أكتوبر الفارط، حينما طلب من الكونغرس تمويلاً «عاجلاً» لمساعدة صديقيه اللصين زيلينسكيز ونتنياهو، حذّر بايدن يحذر من التخلي عن الكيانين الأوكراني والصهيوني، متعهدا بعدم السماح بانتصار «حماس» وبوتين.
وقالت مجلة “إيكونوميست” البريطانية إن الإرهاق الناجم عن حرب أوكرانيا أضحى واضحا في الغرب، إذ تتعثر المساعدات العسكرية لكييف في الكونغرس الأمريكي ويحقق الشعبويون غير الداعمين لها مكاسب في أوروبا.
وأوضحت – في تقرير لها – أن الولايات المتحدة كانت لأزيد من 600 يوم من الحرب أعظم منقذ لأوكرانيا، إذ حشدت الأسلحة والمال للمساعدة في صد الروس، لكنها تحولت الآن إلى أحد أكبر مخاوف أوكرانيا، إذ بدأت مساعداتها لكييف تنفد بسرعة، وتعوق مشاكل يواجهها الكونغرس أي مساعدات جديدة.
ونسب التقرير إلى أحد المصادر المطلعة قوله إن أوكرانيا تواجه “شتاء قاتما” وسط قدر كبير من عدم اليقين، فقد فشل هجومها المضاد في اختراق الخطوط الروسية، كما يزيد عدوها الروسي إنتاجه من الأسلحة، في ظل إصابة حليفها الحيوي (أمريكا) بالشلل بسبب الاضطرابات السياسية وتشتت انتباهه بسبب طوفان الأقصى والعدوان الصهيوني على غزة.
خبير في تجنّب اللوم
وبشأن الطرف الآخر من المشكلة، قالت صحيفة هآرتس العبرية: “نتنياهو يحاول الآن، في سعيه للتهرب من المسؤولية عن أحداث السابع من أكتوبر، إلقاء اللوم في الكارثة على سلفه السابق إسحق رابين، بربط كل الأخطاء باتفاقيات أوسلو في حقبة التسعينيات، وإبعاد كل أسباب الفشل عن السياسات التي اتبعها خلال فترة ولايته الطويلة كرئيس لوزراء الكيان”.
وأشارت الصحيفة – في افتتاحية لها – إلى أن نتنياهو ظل يرفض خلال السنوات العديدة التي قضاها في السلطة كل محاولات التوصل إلى تسوية إقليمية وفصل الكيان عن الفلسطينيين، دون أن يخجل من التباهي باتفاقيات أبراهام وخيال التطبيع مع السعودية، وكأنه أمر ممكن لولا أوسلو، وحتى النمو الاقتصادي الذي ينسب إليه الفضل فيه لم يكن ممكنا لولا اتفاقات أوسلو واتفاقية السلام مع الأردن.
فبدلا من الاستقالة خجلا والإقرار بمسؤوليته عن (كارثة أكتوبر) وانهيار سياساته -كما تقول الصحيفة- يواصل نتنياهو دون خجل إلقاء الخطب الدبلوماسية، كما لو أن مقتل 1200 إسرائيلي وأسر 240 آخرين ليسا دليلا قاطعا على أن الصراع الصهيوني الفلسطيني لا يمكن محوه من جدول الأعمال.
وخلصت الصحيفة إلى أن نتنياهو لا يتعامل مع “اليوم التالي” بالنسبة إلى الاحتلال وغزة، بل إنه – كخبير في تجنب اللوم – يعرف أن عليه أن يجد مذنبا آخر لتُبرأه “هيئة المحلفين” في لجنة تحقيق حكومية في “كارثة 7 أكتوبر”.
وختمت هآرتس بأن هذه هي الطريقة التي ينبغي أن نفهم بها تصريحات نتنياهو، هذا الأسبوع، أمام لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست، عندما قال “إن اتفاق أوسلو كارثة جلبت لنا العدد ذاته من الضحايا مثل هجوم حماس المفاجئ”.
وقالت إنه عندما فسر هجومه على السلطة الفلسطينية بأن “الفرق الوحيد بين حماس والسلطة الفلسطينية هو أن حماس تريد تدميرنا الآن، والسلطة الفلسطينية تريد أن تفعل ذلك على مراحل”.
زيلينسكي يعاني “متلازمة أفغانستان”!
قال عضو مجلس “الدوما” الروسي، ميخائيل شيرميت، إن فلوديمير زيلينسكي يعاني من “متلازمة أفغانستان”، بعد إدراكه أن الولايات المتحدة ستتخلى عن أتباعها في أوكرانيا كما فعلت في أفغانستان.
وتابع شيرميت في تصريح لوكالة “نوفوستي” يقزل: إن “زيلينسكي المحبط والمتواطئين معه يعانون من المتلازمة الأفغانية ويتوسلون سادتهم في الخارج للحصول على المظلة الذهبية الموعودة وإنقاذهم، بعد أن دمروا وأذلوا بلادهم. لكن سيتعين على البعض التشبث بشدة بهيكل وأجنحة الطائرة الأمريكية المقلعة، المزينة بأشرطة ونجوم العلم الأمريكي”، وأضاف أن إمداد واشنطن أوكرانيا بالأموال من أجل مشاريعها العسكرية الأسطورية بمثابة رمي هذه الأموال في سلة المهملات.
وحول زيارة زيلينسكي إلى واشنطن، قال شيرميت: “لقد كان لقاء زيلينسكي مع بايدن أشبه بالإبلاغ عن تقرير الأداء لرئيس العمل بشأن الموقف الحرج عقب المحاولة الفاشلة والمحاسبة على المبالغ الهائلة التي منحت له سابقا”.