دفعت حدّة المواجهات وعمليات المقاومة التي شهدتها أحياء القدس الشرقية ـ خلال الأيام الماضية ـ رئيس وزراء الاحتلال يائير لابيد إلى اتخاذ قرار يقضي بزيادة أعداد شرطة الاحتلال في جميع مناطق المدينة.
وقال مكتب رئيس وزراء الاحتلال في بيان إن: “لابيد أجرى ـ الجمعة ـ تقييما للوضع الأمني عقب الأحداث التي وقعت في القدس الشرقية واستمرار الاستعداد في المنطقة”.
وأضاف: “تمت المصادقة على تجنيد أربع سرايا تابعة لحرس الحدود وعلى تعزيز قوات الشرطة المتواجدة في الميدان من خلال الميزانيات الخاصة وكذلك على مواصلة تطبيق الخطة المرتبة التي تعنى بتعاظم الشرطة”.
ويأتي دفع قوات الاحتلال الإضافية هذه، في وقت تحولت فيه القدس الشرقية منذ أيام إلى ما يشبه الثكنة العسكرية بسبب عودة مشاهد الانتفاضة إلى القدس في حملة تضامن غير مسبوقة مع عشرات آلاف المواطنين في مخيم شعفاط وأحياء عناتا وراس خميس وراس شحادة وضاحية السلام الذين يخضعون إلى حصار احتلالي ـ منذ أسبوع ـ إثر مقتل مجندة صهيونية على حاجز المخيم والبحث عن منفذ العملية الذي تمكن من الهرب إلى داخل المخيم ولم تتمكن قوات الاحتلال من اعتقاله حتى الآن.
وتنتشر قوات كبيرة من شرطة الاحتلال في القدس الشرقية وبخاصة البلدة القديمة وأزقتها ومحيط حائط البراق والمسجد الأقصى المبارك، وقال مكتب لابيد: “صادق رئيس الوزراء على مواصلة استعدادات قوات الأمن المنتشرة في الميدان وكذلك على خطط العمل في حالة وقوع مواجهات”.
ونقلت الإذاعة العامة الصهيونية “كان” عن مصدر صهيوني أمني قوله: “توجد عشرات الإنذارات حول استمرار المواجهات”، وكانت العديد من أحياء القدس الشرقية شهدت خلال الأيام الماضية مواجهات عنيفة بين فلسطينيين وشرطة الاحتلال.
المحلل السياسي سامر سنجلاوي يقول لـ«الأيام نيوز» في تعقيبه حول تصاعد المواجهات في القدس خلال أيام الماضية بأن: “أعمال المقاومة لن تهدأ”، ويشرح قائلاً: “لا يمكن فصل كل شيء يحدث اليوم عن مجريات الأحداث منذ 55 عامًا.. القدس جزء من الضفة الغربية وغزة… قد تكون صفة إقامتنا في المدنية مختلفة، لكننا جزء من الشعب الفلسطيني، وأعمال المقاومة هي جزء من حياتنا”.
ويقول سنجلاوي إن المقاومين الجدد هم شباب تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاما ولا يرون مستقبلا، وضعهم الاقتصادي صعب، والحياة في القدس ليست سهلة، فالبنية التحتية مدمرة وليس لدينا أي إمكانية للتأثير على الوضع السياسي ولا على القرارات التي تؤثر على حياتنا. اللجوء للمقاومة العنيفة هو الخيار الوحيد المتاح لنا.
ويرى السنجلاوي أن منفذ عملية مخيم شعفاط “عدي التميمي” تحرك مدفوعا بهذا الإحباط، فليس له علاقة بأحد من التنظيمات وليس لديه سجل جنائي أو أمني، وهو من مخيم شعفاط أي من داخل القدس وليس من مناطق تخضع للسلطة الفلسطينية”.
ويضيف: “130 ألف شخص يعيشون في منطقة مخيم شعفاط بلا طرق ولا ماء ولا كهرباء ولا خدمات ولا يوجد تنسيق أمني بين السلطة الفلسطينية وسلطة الاحتلال في هذا المكان، ودون هذا التنسيق لن يستطيع الاحتلال الوصول إليه”.
في السياق وتحت عنوان ” الاشتباكات في القدس : الردع يتراجع والجرأة تتزايد”، قال الكاتب الصهيوني نداف شرغاي في تحليل له بصحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية، إن موجة المواجهات المتصاعدة في القدس (كما في جميع أنحاء الضفة الغربية) ترسم رسمين بيانين متعارضين: خط الردع من جانب قوات الأمن في تراجع حاد، وخط الجرأة من جانب الشبان الفلسطينيين الذين يهاجمون بالحجارة والهراوات والألعاب النارية والقنابل الأنبوبية.
وأشار الكاتب الصهيوني إلى سمة أخرى للأحداث في القدس هي المشاركة الواسعة نسبيا من قبل “غير المنتمين للتنظيمات” ما يشير مرة أخرى إلى نمو جيل مستقل في القدس الشرقية لا يتم تحريكه من قبل هذه المنظمات بل يعمل بشكل مستقل نسبيا متأثرا بـ”التحريض” حول المسجد الأقصى المبارك.
