كان صوت “الكارلو” وهو يطلق رشقات رصاصاته بأنامل الشهيد فادي أبو شخيدم نحو جنود الاحتلال، أشبه باللحن والموسيقى الاحتفالية التي استمتع بنغماتها الفلسطينيون وكل أحرار العالم المؤمنين بالقضايا العادلة للشعوب، بينما لم يكن بالنسبة لجنود الاحتلال وقطعان المستوطنين سوى كابوس مرادف لنقل الرعب للجهة التي يجب أن يكون فيها.
“الكارلو”.. الذي استعمله الشهيد فادي أبو شخيدم في عمليته الفدائية في المدينة القديمة في القدس المحتلة.. سلاح الفقراء كما يوصف الذي دوّت رشقاته لتزعزع أمن الكيان الغاصب وتتحول إلى كابوس ينزع عن المستوطنين النوم.
كيف ظهر“الكارلو” الفلسطيني؟
“الكارلو” بنسخته المُعدلة فلسطينياً، استمد اسمه من بندقية كارل غوستاف التي استخدمها الجيش السويدي في العام 1945 لمدة 20 عاماً، كذلك استخدمها الجيش الأميركي في “فيتنام”، بسبب ميزتها العالية في القتال المباشر.
حوّلت المقاومة الفلسطينية “بندقية غوستاف” إلى سلاح جديد أطلقت عليه اسم “كارلو”، لتتغير مع هذا التعديل قواعد الاشتباك مع الاحتلال الإسرائيلي، والذي شهد عبر مراحله تطوراً في السلاح المستخدم، بدءاً بالحجر والسكين وصولاً إلى الصاروخ.
استخدم الفلسطينيون “الكارلو” في الانتفاضتين الأولى في العام 1987 والثانية في العام 2000، وبرز بشكل واضح في عمليات إطلاق النار التي كان أبرزها استخدامه من طرف الشهيد عماد عقل، في الرابع من أيار/ماي في العام 1992، ضد قائد شرطة الاحتلال في قطاع غزة الجنرال يوسيف آفنيبغد.
كما تم استخدام السلاح المعدّل في عمليات فلسطينية نوعية عديدة، منها تلك التي ضربت مركزاً تجارياً قرب وزارة “الأمن” الإسرائيلية وسط تل أبيب في 8 يونيو/ جوان في العام 2016، وأسفرت عن مقتل 4 إسرائيليين وإصابة 6 بجروح، ونفذها الشابان محمد وخالد مخامرة من بلدة يطا في قضاء الخليل.
كما تم استخدامه أيضاً في عملية أخرى في شباط/فبراير في العام 2016 من قبل 3 شباب في باب العمود بالقدس، وأسفر عن مقتل مجندة وإصابة عدد من الجنود، إضافة إلى عملية أخرى في الشهر نفسه بمدينة القبيبة قرب القدس.
مميزات “الكارلو“
استطاعت وحدات التصنيع التابعة لأذرع المقاومة الفلسطينية، تعديل السلاح وتحويله إلى حجم أصغر، بعدما كان يزن 4 كيلوغرامات، يتسع مخزنه لنحو 25 رصاصة من عيار 9 ملم، ويصل مداه إلى 100 متر فقط.
تتوفر ذخيرة “الكارلو” بشكل كبير، كما أن استخدامه لا يحتاج مهارات عالية، فهو عديم الارتداد ودقيق الإصابة أيضاً إذا ما صنع بشكل متقن.
تكمن أهمية “سلاح الفقراء”، بأنّه لا يوجد له رقم تسلسلي، أيّ لا يمكن تتبعه، وذلك على عكس بنادق “كلاشينكوف” روسية الصنع.
يعد سلاح “الكارلو” أقل تكلفة من غيره، يمكن تصنيعه محلياً داخل ورش الحدادة أو الخراطة وبأدوات بسيطة مثل قطع الأسلحة القديمة أو الأنابيب الحديدية، وتتفاخر مدن فلسطينية مثل الخليل ونابلس، بسرعة تصنيعه وإتقانه.
“الكارلو”.. الإبداع الكابوس
يقول الكاتب الإسرائيلي غودا آري غروس إن “الكارلو الفلسطيني كفيل بإحداث الفوضى والموت”، ويضيف “من شبه المستحيل منع الفلسطينيين من تصنيعه، وهو ما يشكل تهديداً حقيقياً لأمن الإسرائيليين”.
هذا الخطر، دفع قوات الاحتلال إلى ملاحقة أي شخص يصنع هذا السلاح أو يبيعه، حيث صادرت في آب/أوت في العام 2016 جميع معدات الحدادة في المنطقة الصناعية ببيت جالا جنوب الضفة الغربية.