يصوّت مجلس النواب الأمريكي، اليوم الأربعاء، على مشروع قانون يضع تطبيق “تيك توك” أمام خيار البيع لشركة أمريكية، أو مواجهة الحظر، وسط إنتقادات واسعة بأن الخطوة تُعد تعديا صريحا على التعديل الأول للدستور الأمريكي، الذي يضمن الحق في حرية التعبير.
وبعد التصويت عليه بالإجماع من قبل لجنة الطاقة والتجارة، سيدرس المشرعون في الغرفة السفلى، بنود المشروع، الذي يرحب به الرئيس جو بايدن، ويعتزم توقيعه إذا وصل إلى مكتبه، ويعارضه الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي يتمتع بنفوذ في مجلس النواب، كما يرى أن حظر المنصة سيغضب روادها ويخدم تطبيق فايسبوك، الذي يصفه بالعدو.
وعلى الصعيد الشعبي، ضجت مواقع التواصل الإجتماعي، وعلى رأسها تطبيق “تيك توك”، بإنتقادات المستخدمين، الذي قالوا إنّ المشرّعين لا يستطيعون الإتفاق على معالجة القضايا الكبرى التي تمس حياتهم اليومية، ولكنهم يتفقون على الحد من حريتهم في التعبير، ومصادرة حقهم في ممارسة التعديل الأول للدستور الأمريكي.
ويرى أعضاء اللجنة الحزبية التي قدّمت مشروع القانون بمجلس النواب، أن الشركة الأم للتطبيق “ByteDance”، والتي يقع مقرها في العاصمة الصينية بكين، تربطها علاقة بالحزب الشيوعي الصيني، وهو ما يخلق “خطرا غير مقبول على الأمن القومي الأميركي”، من خلال السماح للحكومة الصينية “بمراقبة الرأي العام الأمريكي والتأثير عليه”، تقول اللجنة.
من المتوقع أن يجتمع الرئيس التنفيذي للشركة مع المشرعين في الكابيتول هيل قبل التصويت، بعد أن دفع تطبيق “تيك توك” المستخدمين إلى التواصل مع أعضاء اللجنة، من خلال إرشادهم إلى أسماء المشرعين المعنيين، مما أدى إلى سيل من رسائل مستخدمي التطبيق الأمريكيين، إلى ممثليهم بالكونغرس، وأثار حفيظة هؤلاء.
ما سبب معارضة ترامب وما علاقة فيسبوك بذلك؟
وعبّر رئيس مجلس النواب، الجمهوري، مايك جونسون عن دعمه مشروع القانون قائلا إنّ “تيك توك” “يقوض اقتصادنا وأمننا بشكل فعال”، وقال للصحفيين أول أمس الاثنين، إنه لم يتحدث مع الرئيس السابق دونالد ترامب، بشأن التشريع وما زال يخطط لطرحه للتصويت يوم الأربعاء.
ومن جانبها، قالت النائبة “إليز ستيفانيك”، رابع أعلى عضو في قيادة الحزب الجمهوري، إنها لا تزال تدعم مشروع القانون، وعندما سئلت عن تأثير دونالد ترامب، قالت إنهم يركزون على قياس اهتمام أعضاء مجلس النواب.
ويتمتع ترامب بنفوذ كبير على الجمهوريين في الكونغرس، وقد نجح في إخراج المعارك السياسية عن مسارها من قبل، مثل ما حدث مع مشروع القانون المتعلق بالهجرة، وعلى الرغم من محاولته الفاشلة لحظر المنصة حين كان رئيسا، فقد عارض ترامب مشروع قانون مجلس النواب الحالي، وقال إنّ حظر “تيك توك” سيدفع المستخدمين إلى استخدام فيسبوك بدلا منه.
وكتب على منصته سوشال تروث “Truth Social” الأسبوع الماضي، في إشارة إلى الرئيس التنفيذي لشركة فايسبوك مارك زوكربيرج: “إذا تخلصت من تيك توك، فسوف يضاعف فايسبوك أرباحه.. أريد أن يكون أداء فيسبوك، الذي غش في الانتخابات الأخيرة، أفضل. إنه العدو الحقيقي للشعب!”، وفي مقابلة مع شبكة “سي أن بي سي” يوم الاثنين، قال ترامب أنه يعتقد أن “تيك توك” يمثل تهديدا للأمن القومي، لكن الكثير من الشباب “سيصابون بالجنون بدونه”.
والتقى ترامب مؤخرا بـ “جيف ياس” أحد كبار المانحين في الحزب الجمهوري ومانح لنادي النمو ” Club for Growth ” المتحالف مع ترامب، وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال العام الماضي أن ياس يمتلك حصة بمليارات الدولارات من رأس مال “تيك توك”.
وأثار تقلب ترامب الواضح بشأن حظر “تيك توك” الدهشة بين الجمهوريين في مجلس النواب الذين يدعمون الجهود المبذولة لإقناع الشركة الأم ” ByteDance ” ببيع التطبيق، ويتمسكون بمشروع القانون على الرغم من معارضة الرئيس السابق، حيث قال النائب مايك غارسيا، الجمهوري عن ولاية كاليفورنيا، لصحيفة “USA TODAY” إنه “لا يفهم الأساس المنطقي وراء معارضة ترامب” وعبّر عن قلقه من أن نفوذه قد يؤثر على الدعم النهائي لمشروع القانون عندما يصل إلى قاعة مجلس النواب للتصويت.
ما موقف مجلس الشيوخ ؟
لم يقل زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، إذا كان سيطرح المشروع للتصويت، ولكن كشف سيناتور واحد على الأقل – السناتور راند بول، جمهوري من ولاية كنتاكي – إنه سيمنع المرور السريع في مجلس الشيوخ، وقال بول لموقع “USA TODAY”: “في بلد حر، لا تأخذ شركات الأشخاص.. أعتقد أنه ينتهك أيضًا حقوق التعديل الأول لـ 180 مليون أمريكي يستخدمونه، لذا فأنا أعارضه تماما”.
ويضع مشروع القانون الذي من المنتظر أن يُناقش اليوم بمجلس النواب، الشركة المالكة لتطبيق “تيك توك”، بين قطع علاقتها بالصين، أو مواجهة الحظر في غضون 180 يوما من توقيع القانون.
ومن جانبها قالت “تيك توك” إنها تستخدم الآن كيانا منفصلا مقره الولايات المتحدة، لتخزين البيانات الخاصة بالمستخدمين، استجابةً لمخاوف المشرعين، ورغم ذلك لقد شهد مشروع القانون المقدّم من الحزبين اهتماما كبيرا، بعد طرحه الثلاثاء الماضي، والتصويت عليه، الخميس الماضي، من قبل لجنة الطاقة والتجارة بمجلس النواب بإجماع 50 عضوا، في إشارة على تمساك المشرعين و تطابق وجهات نظرهم، حول حظر التطبيق، رغم معارضة الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي يتمتع بنفوذ وتأثير على مجلس النواب، الذي يُسيطر عليه الجمهوريون. ويُذكر أنّ تمرير المشروع بمجلس النواب، سيتطلب تصويت أغلبية الثلثين، وإذا وافق النواب على مشروع القانون، فليس من الواضح إن كان سيتم الترحيب به بأذرع مفتوحة في الغرفة الأعلى.
وعارض اتحاد الحريات المدنية الأمريكي ” The American Civil Liberties Union” هذا التشريع، معتبرا إياه تهديدا لحقوق التعديل الأول من الدستور الأمريكي، الذي يضمن ممارسة حرية التعبير، وقال الإتحاد “لا يمكن إنكار تأثير الحظر على حرية التعبير، لمجرد أن رعاة مشروع القانون يزعمون ذلك”، ولكن في المقابل خرجت منظمة هيريتدج أكشن ” Heritage Action”، لدعم مشروع القانون وحثت المشرعين على التصويت لصالح تمريره.