تستمر حكاية النازحين في اليمن الذين يهربون من نيران التحالف السعودي نحو مخيمات اللجوء، فما إن تهدأ أنفسهم الوجلة حتى تستعر نار أخرى لم يتوقعوا مصدرها مثل تلك التي شبت حولهم فالتهمت مساكنهم وأتت على آخر شعور لديهم بنعمة الاستقرار ولو في العراء.
عايش سكان مخيم الجشة بمديرية الخوخة الواقعة جنوب محافظة الحديدة الساحلية مشهدا من مأساة اليمن بمختلف مناطقه التي تلتهمها الحرب منذ مارس 2015، حيث اندلع حريق هائل أتى على أكثر من 60 خيمة، فيما بدا الخبر السار أن الحريق لم يتسبب في ضحايا وسط النازحين، كما أشار إلى ذلك مكتب الإعلام بالمحافظة.
والجدير بالذكر، أن مخيم الجشة يعد أكبر مخيم للنازحين بمحافظة الحديدة، التي يقع معظم أجزائها تحت سيطرة قوات صنعاء، ويحوي المخيم 1200 أسرة نازحة من سكان محافظة الحديدة وغيرها من المحافظات اليمنية.
مصادر إعلامية ذكرت أن الرياح التي رافقت الحريق تسببت في اتساع دائرة النيران التي التهمت الخيام المصنوعة من القماش، ولم تقم أي جهات حكومية هناك بدورها في إطفاء الحريق، ومساعدة النازحين في الحفاظ على ما يملكونه من بعض حاجياتهم الخاصة ومستلزمات المعيشة هناك.
من جهة أخرى، سخر الناشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي من حضور قوات الإطفاء والمتخصصين التابعين للسعودية والإمارات والمتواجدين في المنطقة، معتبرين ذلك استهانة بحياة الإنسان، وانتهاكا لحرمة اليمني في أرضه.
العراء مسكنهم
يقول ناصر عايش (32 عاما) من أبناء المحافظة: “إن الحريق الذي لا يُعرف سببه حتى الآن شرد عشرات الأسر النازحة في العراء بعد أن كانت الخيام مساكن بديلة لهم، فهم الهاربون من منازلهم وممتلكاتهم بسبب الحرب بحثا عن مأوى آمن لهم ولأبنائهم الذين حُرموا من أبسط مقومات الحياة الكريمة”.
ويضيف في حديثه لـ«الأيام نيوز» ما يخشاه المتضررون من الحريق أن يتاجر المسؤولون – الذين يقعون تحت إمرتهم – بمعاناتهم، فيكثر الحديث عنهم، والمتاجرة بها سياسيا بينما هم على أرصفة الانتظار يقتاتون حسرة الزمان، ويقاسون ويلات الحرب، وعناء النزوح المر مع أطفال ونساء أدار لهم العالم ظهره.
إجراءات عدمية النفع
تقدّم محافظ الحديدة «الحسن علي طاهر» ـ المعيّن من قبل المجلس الرئاسي المدعوم من السعودية ـ بتقديم وعد بتوفير مساكن بديلة للمتضررين البالغ عددهم أكثر من 100 أسرة، وصرف مبالغ مالية لهم إضافة إلى توفير الأدوات والمستلزمات الضرورية وبصورة عاجلة.
ودعا ما يُسمى مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية والهلال الأحمر الإماراتي، والخلية الإنسانية لما يسمى بالمقاومة الوطنية، والمنظمات الإنسانية العاملة بالمحافظة، إلى تقديم المساعدات العاجلة للمتضررين من الحريق، الذي طال أجزاء واسعة من المخيم.
هذه الإجراءات وغيرها التي أعقبت نشوب الحريق في مخيمات النازحين ليست سوى صورة زائفة لإثبات هوية حكومة تستمد قوتها من الخارج، أو بالأصح حكومة تعيش في كنف دويلات الخليج كما يصفها الصحفي نعمان الصعفاني.
ويضيف الصعفاني لـ«الأيام نيوز» بالقول: يعاني النازحون في المناطق الخاضعة لسيطرة ما يسمى بالمجلس الرئاسي ويلات من العذاب والحرمان، حيث يُحرم النازحون من أدنى مقومات الحياة، إضافة إلى عدم التحاق الأطفال بالمدارس، فالنازحون ليسوا سوى شمّاعة يعلق عليها المجلس أخطاءه، ويتاجر بها في المحافل العربية والدولية التي عادة ما تنصرف عن قضايا اليمن الجادة إلى ما هو أدنى من ذلك.
تنصل عن المسؤولية
وأرجع القائم بأعمال مدير الوحدة التنفيذية بمحافظة الحديدة، جمال المشرعي، أسباب الحريق إلى قيام إحدى النازحات بعمل بخور في منزلها، ما سبب في احتراق ستارة الخيمة، ومنها انتشرت الحريق في بقية المخيمات بفعل الرياح الشديدة.
وأكد في تصريح له أن المنازل التي التهمتها الحريق فقدت الكثير من الأثاث المنزلي والملابس وأدوات الطبخ والطاقات الشمسية والبطاريات، إضافة إلى مبالغ مالية وبضائع كان يتم بيعها في السوق مثل العسل والسمن، واحتراق 3 خزانات مياه.
وفي سياق ذلك، أكد أن الجهات والمنظمات الإغاثية التي أعلنت استجابتها والتزامها بسرعة إغاثة المتضررين سوف تباشر تقديم إغاثتها فور انتهاء المتضررين من معرفة مفقوداتهم وذلك بناءً على طلب المتضررين، متوقعا أن سريان التنفيذ كان سيتم الأحد المنصرم إلا أن ذلك لم يحدث، وتظل مناشدات النازحين وصمة عار في جبين تحالف الحرب على اليمن وأتباعهم من اليمنيين كما يقول ناشطون.