أبرز المحلّل السياسي الفلسطيني، مأمون أبو عامر، أنّ الحديث عن تمكّن المقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية من اختراق منظومات الأمن والتجسس “الإسرائيلية”، يُعتبر واحدًا من بين النقاط المعقّدة جدّا، وواحدًا من أهم الحلقات في عملية “طوفان الأقصى”، هذه المعركة التي شكّلت نُقطةً فارقة في تاريخ الصراع الفلسطيني “الإسرائيلي”، بعد أن نجحت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” في اختراق سيبراني لمنظومة التجسس “الإسرائيلي” وأجهزة الرقابة والرصد “الإسرائيلية” وتعطيل قدرات الاحتلال في الرصد، ومن ثَمَّ نجاح عناصر المقاومة في الدخول والتجول بِحريّة عبر الجدران والأسوار الحدودية للأراضي المحتلة وخلالها وتحتها، دون أن يواجهوا أيّ مقاومة تُذكر.
وفي هذا الصدد، أوضح الأستاذ أبو عامر في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أنّ تمكن الطائرات من دون طيار من التحليق دون اكتشافها، يرتبط بنجاح المقاومة وبتكنولوجيا منخفضة التكلفة في شلل أغلب أجهزة الاستشعار خلال معركة “طوفان الأقصى”، كما يرتبط ذلك أيضا بالواقع الميكانيكي في عمل هذا النوع من الطائرات، لأنّ منظومات الطائرات بدون طيار الصغيرة التي نجح المقاومون في نقل أفراد فيها، لها علاقة بكون الطيران في المنطقة الحدودية منخفض جدّا، وبالتالي كان بإمكان العدوّ المراقبة فقط من خلال المناظير وأجهزة الرصد، التي تم تعطيلها بعد اختراقها عن طريق قناصات بعيدة المدى من قِبل المقاومة، وعليه فقد تم تعطيل منظومة الرؤية المباشرة تماما، ثم تمَّ الانتقال إلى منظومة أجهزة الرصد التي لا تتمتع بالقدرة الكافية حتى تتغلب أو ترصد حركة الأجسام القريبة أو المنخفضة من الأرض، ما شكّل عائقا كبيرا لها، ومن هنا نجحت المقاومة في اختراق الحدود من خلال نقل مقاومين، أو عن طريق استخدام طائرات بدون طيار لضرب أهداف داخل الأراضي المحتلة خلال عملية طوفان الأقصى بتاريخ السابع من أكتوبر الماضي، وبعدها أيضًا.
في السياق ذاته، أشار محدثنا إلى أنّ المقاومة اللبنانية نجحت في ميكانيك العملية، حيث تقوم المقاومة بإرسال طائرات منخفضة السير إلى مسافات قصيرة، ومن هنا تنجح في اختراق الحدود واجتياز منظومات الرقابة “الإسرائيلية”، وهذا الأمر بطبيعة الحال مهم جدًّا، فحتى وإن تم اكتشافها هناك سرعة وقدرة على اتخاذ القرار والرد، وفي هذا الأمر قد لا تسعف منظومات الدفاع في إحباط هذه الطائرات أو التصدي لها، وبالتالي العملية هي عملية معقدة جدا.
على صعيدٍ متصل، أفاد الخبير في السياسة، أنّ المقاومة نجحت في استغلال النظريات الفيزيائية ونجحت في تطبيقها ميدانيا على الأرض، لأنّ منظومات الدفاع الصاروخية ومنظومات الرقابة “الإسرائيلية” لا تزال غير قادرة على تحديد الأجسام بدقة في المسافات القصيرة، ثانيا: ليس لديها السرعة اللازمة في اتخاذ القرار والتعامل معها، هذا الأمر أسهم وبشكلٍ كبير في قدرة وتمكن المقاومة من تحقيق الاختراقات والإنجازات المهمة على أرض الميدان، وإلحاق الهزيمة بالكيان الصهيوني الذي تتوالى خسائره يومًا بعد يوم.
وتابع قائلا: “إنّ عجز “جيش” الاحتلال الإسرائيلي عن تحقيق أيّ إنجاز على الأرض، وفي ظلّ ما يتكبّده من خسائر فادحة في صفوف جنوده وعتاده خلال المعارك المستمرة والمتصاعدة مع المقاومة الفلسطينية واللبنانية على الجبهة الشمالية، يزيد الضغط أكثر وأكثر على نتنياهو لتغيير موقفه الرافض لوقف العدوان على قطاع غزة، هذا الموقف الذي يأتي لمواجهة تنامي التيار الرافض له والمطالب باستقالته في ظلّ فشله الذريع في تحقيق أيّ هدف من الأهداف المعلنة مع بداية العدوان الصهيوني الغاشم على غزة”.
خِتامًا، أبرز المحلّل السياسي الفلسطيني، مأمون أبو عامر، أنّ هذا العدو الذي نُظِر إليه لسنوات طويلة بأنه الجيش الذي لا يقهر، وأن يده طويلة وتستطيع الضرب في كل مكان، بدا أنه غير قادر على النظر بين قدميه وحماية نفسه من أقرب أعدائه، بعد أن فشل فشلا ذريعا في كسر شوكة المقاومة وسحقها كما كان يدعي بنيامين نتنياهو عندما خطط ووضع أهدافه في بداية العدوان، عندما كان يُمنّي النفس باحتلال قطاع غزة وسحق المقاومة وإطلاق سراح أسراه، كل هذه الأهداف ذهبت أدراج الرياح، وسيخرج الشعب الفلسطيني ومقاومته منتصرين من هذه المعركة رغم التضحيات الجِسام التي قدمها الشعب الفلسطيني من الأطفال والنساء والشيوخ وحالة الدّمار الهائل التي طالت المنازل والبنى التحتية في القطاع، وسيكون هذا الانتصار مؤسسا لمرحلة قادمة تكون فيها معركة كبيرة جدّا من أجل إزالة نهائية لهذا الاحتلال المستبد الجاثم على أرض فلسطين.